للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحذق والذكاء والتوفيق الذي اتسم به موقف الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يتصدَّى لحل مشكلة وضع الحجر الأسود في مكانه من بناء الكعبة، وقد كان حلًا موفقًا يصدر عن عبقرية وموهبة ربانيَّة عصم اللَّه بها الدماء والحرمات، تصدر الثقافة الإسلاميَّة -أيضًا- عن ذلك القول النزيه الطاهر من المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- في حلف الفضول ما يرمز إليه من دعوة الثقافة الإسلاميَّة إلى السلام الشامل العام المرتكز على الحق والخير والفضيلة ذلك أن قريشًا عندما اجتمعت (تعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلَّا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف: حلف الفضول) (١)، وقد جاء في بعض الأحاديث تفسير هذا الاسم بأنَّه انبثق من كونهم (تحالفوا أن تردّ الفضول على أهلها، وألا يَعُزَّ ظالمٌ مظلومًا) (٢) لذلك سمّي (حلف الفضول).

وستبقى الثقافة الإسلاميَّة الرائدة في هذه القيم السامقة، ولن يتأتى لغيرها من الثقافات الأُخرى ما يتأتى لها في هذا المضار، وما ذلك إلَّا لأنها في وحدتها (المترابطة المتناسقة ترتكز من وجهة نظر الإسلام على أساس منطقي قوي وهو: أن الحقائق لا يُمكن أن تكون متناقضة، ولَمَّا كان الإسلام قد قدَّم للبشرية الحقائق كاملة، وحسم بذلك كل المنازعات


(١) ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ١٥٤، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: تفصيلات هذا الحلف وغيره من أحلاف قريش لدى: جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام ٤/ ٨٦ - ١٠٠، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: حسين مؤنس: تاريخ قريش: ١٦٥ - ١٦٩، (مرجع سابق).
(٢) ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ١٥٣، (المرجع السابق نفسه)، واللفظ في مسند الحارث بن عبد اللَّه بن أبي أسامة التميمي برواية الحميدي (سبق تخريجه)، ص ١٠٧٣ - ١٠٧٤، (البحث نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>