للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلافات التي ثارت حول كثير من قضايا الإنسان والكون والحياة، فإنَّه قد أرسى دعامة الوحدة الفكرية والروحيَّة على قاعدة المنهج الرباني الذي هدم الخرافات والأوهام والتناقضات، برد الأمر في هذه القضايا إلى اللَّه -عز وجل-، ومن هنا لم يستطع أعداء الإسلام أن ينفذوا إلى كيانه الاعتقادي والفكري والروحي والتشريعي، المرتكز على الوحدة الدينية الأصليَّة، التي تستجيب لها القلوب، وتنشرح لها الصدور، وتتفاعل العقول، ليهدموه جملة، بل لجؤوا إلى أسلوب التفريق والتمزيق. . . تفريق المسلمين إلى شيع وطوائف وأحزاب، وتمزيق وحدة عقيدتهم ونظامهم بإثارة الشبهات، ونشر الافتراءات، وتشويه حقيقة الإسلام) (١).

أمَّا الثقافات الأخرى فإنها في مسارها العام وفي مجملها ثقافات مرتكزة (على النظرات البشريَّة والفلسفات المحدودة، المرتبطة بقيود الزمان والمكان، والخاضعة لمؤثرات البيئات والظروف، والمتأثرة بالأزمات النفسية والهزات الاجتماعيَّة، وما ينجم عنها من ردود الفعل التي يبعدها عن العمق والصدق والاتزان. . . إن هذه الثقافات -وهذا حالها- إنَّما تعيش في الحقيقة خارج دائرة الوجدان الإنساني في أصالته ونقائه، فهي بعيدة كل البعد عن أيّ نزعة تحفظ للإنسان مكانته الرفيعة التي أكرمه اللَّه بها، ولا تملك إلَّا أن تسوق الإنسان بنزعة القوة التي تسيطر بها عليه سيطرة تسلب بها حريته، أو نزعة الخديعة التي تسلبه بها كرامته، أو بهما معًا، كما هو حال كثير من الأمم والشعوب في ظل هذه الفلسفات الماديَّة المنحرفة التي استطاعت أن تتخذ من السلطة منطلقًا لممارسة نزعة القوة والخديعة في آن واحد) (٢).


(١) عمر عودة الخطيب: لمحات في الثقافة الإسلاميَّة: ص ٧٦، (مرجع سابق).
(٢) عمر عودة الخطيب: لمحات في الثقافة الإسلاميَّة: ص ٦٤، ٦٥، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>