للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها قد بلغت من التنوع حدًّا يصل بها إلى درجة التعقيد، من حيث طبيعة الموضوع وأسلوب معالجته، إذ إلا يُمكن حصره وتصنيفه في سهولة ويسر، لاختلاف هوية المستشرقين، وخلفيتهم البيئية والفكرية التي ينطلقون منها في دراساتهم، فالمستشرقون اللاهوتيون -مثلًا- يختلفون في ذلك عن المستشرقين العلمانيين، وإذا كان الاستشراق من الظاهر تيارًا عامًّا فإنَّ وراء هذا العموم مدارس متنوعة، وتقاليد متعددة، وتوجهات شتى تختلف فيما بينها بقدر اختلاف مصالحها واحتكاكها بالعالم الإسلامي. . .، كما يرجع ما تتصف به من تعقيد في كثير من الدراسات إلى تنوع منطلقات المعالجة، وأهدافها، وما تحرص على أن لا تحيد عنه من المسلك الاستشراقي المعهود، ومناهجه الخاصَّة (١)؛ وعلى أيِّ حالة فإنَّه مهما اختلفت المنطلقات والأهداف فإنَّ القدر المشترك بين معظم الدراسات الاستشراقية لتاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها هو محاولتها نفي التميُّز عنها، واتخاذ أسلوب التشكيك في عقيدتها وشريعتها وأمجادها التاريخية والحضارية (٢)، ومن المعروف أنَّهم نسبوا القرآن الكريم إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالوا إنه من تأليفه، وألصقوا الحديث النبوي بتطور المجتمع الإسلامي في عصوره الأولى، وشككوا في نسبته إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ونسبوا عمل المسلمين واجتهادهم في الفقه الإسلامي إلى


(١) محمد بركات البيلي: الخلفية التاريخية للاستشراق. . . ص ١٣٧، (مجلة المنهل)، (المرجع السابق نفسه).
(٢) عن الحضارة الإسلاميَّة وموقف المستشرقين منها انظر: عفاف صبرة: المستشرقون ومشكلات الحضارة: ص ١٥٧ - ١٧٦، (مرجع سابق)، وانظر: مصطفى الشكعة: موافف المستشرقين من الحضارة الإسلاميَّة في الأندلس: (مقال مدرج في مناهج المسشرقين في الدراسات العربيَّة الإسلاميَّة): ٢/ ٢٧٣ - ٣٤٣، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>