للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد في ذلك، ولا يُظَنُّ بمعاوية غيره، فلم يكن ليعهد إليه وهو يعتقد ما يُدَّعى عليه من الفسق، حاشا اللَّه لمعاوية من ذلك، وكذلك كان مروان بن الحكم وابنه، وإن كانوا ملوكًا، لم يكن مذهبهم في الملك مذهب أهل البطالة والبغي، وإنَّما كانوا متحرين لمقاصد الحق جهدهم إلَّا في ضرورة تحملهم على بعضها، مثل خشية افتراق الكلمة الذي هو أهم لديهم من كل قصد، يشهد لذلك ما كانوا عليه من الاتباع والاقتداء، وما علم السلف من أحوالهم ومقاصدهم، فقد احتج مالك في الموطأ بعمل عبد الملك، وأمَّا مروان فكان من الطبقة الأولى من التابعين وعدالتهم معروفة) (١).

ويقول عن العباسيين: (كانوا من العدالة بمكان، وصرَّفوا الملك في وجوه الحق ومذاهبه ما استطاعوا حتى جاء بنو الرشيد من بعده فكان منهم الصالح والطالح، ثُمَّ أفضى الأمر إلى بنيهم فأُعطوا الملك والترف حقه وانغمسوا في الدنيا وباطلها، ونبذوا الدين وراءهم ظهريًّا، فتأذن اللَّه بحربهم، وانتزاع الأمر من أيدي العرب) (٢).

ومِمَّا يذكر في هذا المقام أنَّ الدراسات الاستشراقية في مجال تاريخ


(١) مقدمة ابن خلدون: ص ٢٠٦، (مرجع سابق).
(٢) مقدمة ابن خلدون: ص ٢٠٦، (المرجع السابق نفسه).
ولمزيد الاطلاع على آراء المستشرقين وشبهاتهم حول تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها منذ نهاية الخلافة العباسية وحتى العصر الحديث؛ انظر: شوقي أبو خليل: كارل بروكلمان في الميزان: ص ١٣٠ - ١٧٢، (مرجع سابق)، وانظر: لوثروب ستودارد الأمريكي: حاضر العالم الإسلامي، ترجمة عجاج نويهض، ويتعليق الأمير شكيب أرسلان: ٣/ ٢٠٨ - ٣٤٢، (مرجع سابق).
وانظر: شوقي أبو خليل: غوستاف لوبون: ص ٤٩ - ١٦٩، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م، عن دار الفكر - دمشق، وانظر: أحمد العناني: أطول معارك التاريخ: ص ١٥٣ - ١٧٣، (مرجع سابق)، وانظر: جمال الدين الشيال: التاريخ الإسلامي وأثره في الفكر التاريخي الأوروبي في عصر النهضة: ص ٧٧ - ١١٣، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>