للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ وَقَعَتَا فِيهِ فَقُوَّتُهُ بِاللَّوْنِ فَقَطْ) مُرَادُهُ أَنَّ الدِّمَاءَ الْمُتَجَرِّدَةَ عَنْ الثِّخَنِ وَالنَّتْنِ أَوْ الصِّفَةِ كُلِّهَا، الْقَوِيُّ مِنْهَا هُوَ ذُو اللَّوْنِ الْأَقْوَى. قَوْلُهُ؟

(وَوَقَعَ فِي شَيْءٍ) الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهِ. قَوْلُهُ؟

(وَكَذَا مَا اجْتَمَعَ فِيهِ. .. إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَ كَذَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ؟

(وَأَقَرَّهُ) عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَذَكَرْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ الْجَوَابَ عَنْهُ، وَعَنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ فِيهِ هُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ. قَوْلُهُ: (فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَكِنَّهُ إلَخْ) فِيهِ مُؤَاخَذَاتٌ إذْ قَوْلُهُ؟

(فَقَدْ سَوَّى) بِفَاءِ التَّفْرِيعِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ مُحْتَمَلٌ بَلْ مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي عِبَارَتِهَا كَأَصْلِهَا فَهِمَ مِنْهُمَا أَنَّهُمَا إنَّمَا سَوَّيَا بَيْنَهُمَا فِي أَنَّ حَيْضَتَهَا السَّوَادُ مَعَ الْحُمْرَةِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ عَقِبَهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَقَوْلُهُ (لَكِنَّهُ. .. إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ ابْنَ سُرَيْجٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَخَالَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا يَأْتِي فَكَيْفَ يَقُولُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِيهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ الَّذِي وَقَعَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مَا فِيهِ فِي الْكِتَابَيْنِ، وَقَوْلُهُ؟

(وَأَقَرَّهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بَدَلَهُ بِقَوْلِهِ وَرَجَّحَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَهُ فِيهِ قَالَ عَقِبَهُ؟

(إنَّهُ الْمَذْهَبُ) نَعَمْ جَرَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فَقُلْت: وَعَلَى كُلٍّ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مُخَالِفًا فِيهِ ابْنَ سُرَيْجٍ أَنَّ حَيْضَهَا السَّوَادُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الصُّفْرَةَ، أَيْ وَمِثْلُهَا الشُّقْرَةُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ دَارَتْ بَيْنَ أَنْ تَلْحَقَ بِالْقَوِيِّ قَبْلهَا وَبِالضَّعِيفِ بَعْدَهَا، وَالِاحْتِيَاطُ هُوَ الثَّانِي فَيُصَارُ إلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحُمْرَةِ بَيْنَ السَّوَادَيْنِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَوِيًّا اهـ.

وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَمَشَى عَلَيْهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي وَفُرُوعِهِ.

قَوْلُهُ: (وَتَرْجِيحُ التَّحْقِيقِ فِي الْأُولَى. .. إلَخْ) الْمَنْقُولُ عَنْ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي نَفْسِ مَسْأَلَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ بِمُخَالَفَتِهِ وَإِنَّ الْحَيْضَ هُوَ السَّوَادُ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ؟

(وَتَرْجِيحُ التَّحْقِيقِ. .. إلَخْ) لِمَا عَلِمْت أَنَّ التَّحْقِيقَ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُشِيرُ إلَى مُخَالَفَتِهِ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَيْسَ بِقَوِيمٍ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ يُعْلَمُ بِسَوْقِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ ثُمَّ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، وَعِبَارَتُهَا (أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ بَعْدَ الْقَوِيِّ أَضْعَفُ الضَّعِيفِينَ فَرَأَتْ سَوَادًا ثُمَّ صُفْرَةً ثُمَّ حُمْرَةً، فَإِنَّهُ يُبْنَى عَلَى مَا إذَا تَوَسَّطَتْ الْحُمْرَةُ فَإِنْ أَلْحَقْنَاهَا بِمَا بَعْدَهُ وَقُلْنَا: الْحَيْضُ هُوَ السَّوَادُ وَحْدَهُ فَهُنَا أَوْلَى وَإِنْ أَلْحَقْنَاهَا بِالسَّوَادِ، فَحُكْمُهَا كَمَا إذَا رَأَتْ سَوَادًا ثُمَّ حُمْرَةً ثُمَّ عَادَ السَّوَادُ، وَذَلِكَ يَعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَاهُ فِي شُرُوطِ التَّمْيِيزِ) انْتَهَتْ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِي تَوَسُّطِ الْحُمْرَةِ بِأَنْ تَرَى خَمْسَةً سَوَادًا ثُمَّ خَمْسَةً حُمْرَةً ثُمَّ صُفْرَةً طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا الْقَطْعُ بِأَنَّ الْقَوِيَّ مَعَ الضَّعِيفِ الْأَوَّلِ حَيْضٌ، وَالثَّانِي: وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا.

وَالثَّانِي: حَيْضُهَا الْقَوِيُّ وَحْدَهُ، وَالْغَالِبُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ الْمُوَافِقُ لِلطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ، فَيَكُونُ الْأَرْجَحُ أَنَّ حَيْضَهَا هُنَا السَّوَادُ وَالْحُمْرَةُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَصَحُّهُمَا إلْحَاقُ الْحُمْرَةِ بِالسَّوَادِ فَيَكُونَانِ حَيْضًا، وَالصُّفْرَةُ طُهْرٌ؛ لِأَنَّهُمَا قَوِيَّانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصُّفْرَةِ، وَهُمَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَقِيلَ: السَّوَادُ فَقَطْ فَعَلَى هَذَا الضَّعِيفِ يَكُونُ الْحُكْمُ فِي مَسْأَلَةِ تَخَلُّلِ الصُّفْرَةِ أَنَّ السَّوَادَ هُوَ الْحَيْضُ فَقَطْ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَحْمَرَ فِي مَسْأَلَةِ تَوَسُّطِ الْحُمْرَةِ إذَا أُلْحِقَ بِالْأَصْفَرِ مَعَ أَنَّهُ أَعْنِي الْأَحْمَرَ أَقْرَبُ إلَى الْأَسْوَدِ مِنْ الْأَصْفَرِ، فَبِالْأَوْلَى أَنَّ الْأَصْفَرَ الْمُتَوَسِّطَ يَلْحَقُ بِالْأَحْمَرِ الْمُتَأَخِّرِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ.

وَجْهُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ، فَهُنَا أَوْلَى وَعَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ إلْحَاقُ الْأَحْمَرِ بِالْأَسْوَدِ يَكُونُ الْحُكْمُ فِي تِلْكَ أَيْضًا أَعَنَى مَسْأَلَةَ تَخَلُّلِ الصُّفْرَةِ كَتَخَلُّلِ الْحُمْرَةِ بَيِّنًا بِجَامِعِ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ، وَافْتِرَاقُ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي أَنَّهُ ثَمَّ قَوِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا لَا يُؤَثِّر؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إنَّمَا هُوَ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ الْأَقْوَى مِنْ حَيْثُ اللَّوْنِ وَمِنْ حَيْثُ السَّبْقِ هَلْ يَسْتَتْبِعُ مَا بَعْدَهُ فَعَلَى كَلَامِ ابْنِ سُرَيْجٍ نَعَمْ لِإِمْكَانِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُمَا دُونَ الْأَكْثَرِ وَعَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ لَا لِاسْتِوَاءِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ فِي الْقُوَّةِ فَلَا بُدَّ فِي إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا مِنْ مُرَجِّحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>