وَأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا يُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ عِنْدَ الْجَهْلِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا كَلَامٌ صَادِرٌ عَنْ عَدَمِ التَّأَمُّلِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْنَضْرِبْ عَنْهُ صَفْحًا قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى إلَخْ إنَّمَا يَأْتِي ذَلِكَ إنْ قُلْنَا بِقَبُولِ إرَادَة ذَلِكَ وَقَدْ قَدَّمْت مَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةِ فَوَاضِحٌ يُقَالُ عَلَيْهِ أَيُّ وُضُوحٍ فِيهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيهَام وَالتَّحْرِيفِ الْفَاحِشِ كَمَا قَدَّمْته مَبْسُوطًا فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ إلَخْ هَذَا عَجِيبٌ كَيْفَ وَلَا إيمَاءَ لِذَلِكَ فِيهِ فَضْلًا عَنْ الصَّرَاحَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ لَفْظُ السُّؤَالِ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى ادِّعَاءِ أَنَّ كَلَامَ ذَلِكَ الْمُفْتِي صَرِيحٌ فِيهِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي عَطْفِهِ هَذَا إيهَامٌ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ غَيْرُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قَوْلُهُ فِي الصِّيغَةِ الْأُولَى أَيْ فِي السُّؤَالِ قَوْلُهُ فَهُوَ صَحِيحٌ يُقَالُ عَلَيْهِ لَيْسَ كَمَا زَعَمْت بَلْ هُوَ تَحْرِيفٌ عَنْهُمَا أَيُّ تَحْرِيفٍ فَمَا رَاجَ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْرِيفِ رَاجَ عَلَيْهِ وَسَبَبُ ذَلِكَ عَدَمُ التَّأَمُّلِ وَالتَّحَرِّي قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْمُقَدَّمَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ مَا يَقْتَضِي بُطْلَان هَذِهِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ يُقَال عَلَيْهِ هَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يُحِطْ بِمُدْرَكِ الْبُطْلَان فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَمُدْرَك الصِّحَّةِ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَمَنْ تَبِعُوهُمَا وَقَدْ قَدَّمْت أَوَائِلَ الْكَلَامِ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مَبْسُوطًا فَرَاجِعْهُ لِتَعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ الصَّوَابَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا أَعْنِي الْبَغَوِيَّ وَالْخُوَارِزْمِيّ الصِّحَّةُ فِي أَوْصَيْت لَهُمْ بِمِثْلِ مِيرَاثِ أَبِيهِمْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَوْ كَانَ حَيًّا لِأَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ وَلَا ابْنَ لَهُ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ قَالُوا وَالتَّقْدِيرُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ حَيًّا وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْخَادِمِ قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْن أَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِرِقٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ اهـ.
هَذَا إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ بِالْإِضَافَةِ فَأَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِمِثْلِ نَصِيب ابْنٍ بِالتَّنْوِينِ وَلَا ابْنَ لَهُ فَفِي التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَكَأَنَّهُ قَالَ يُمَثِّلُ نَصِيب ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ وَفِي نَصِيب ابْنِي لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.
قَوْلُهُ وَإِذَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى إلَخْ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَلْحَظَ الْبُطْلَان عِنْدَ حَذْف مِثْل لَكِنَّهُ قَدَّمَ خِلَافَهُ وَبِهِ يَبْطُلُ كَلَامُهُ هَذَا كَمَا هُوَ جَلِيّ قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنهَا وَبَيْن مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ زَعْمُ ظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنهمَا نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ فَهْمِ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَكَلَامِ الرَّوْضَةِ وَعَدَم فَهْمِ الْفَرْقِ بَيْنهمَا الَّذِي قَدَّمْته وَبَيْن فَهْمِ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ وَلَا ابْنَ لَهُ أَوْصَيْت بِنَصِيبِ ابْنٍ وَالتَّقْدِيرُ بِنَصِيبِ ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ كَيْفَ يَخْفَى عَلَيْهِ الصِّحَّةُ فِي قَوْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ وَلِوَلَدِهِ وَلَدٌ أَوْصَيْت لِهَذَا بِمِيرَاثِ أَبِيهِ مَعَ أَنَّ الْمَلْحَظَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الِابْنَ الْمَعْدُومَ الْمُوصَى بِنَصِيبِهِ إلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اتَّجَهَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِنَصِيبِ ابْنِي أَبِيهِمْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِثْلُ قَوْلِ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ أَوْصَيْت لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِي لِامْتِنَاعِ التَّقْدِيرِ بِلَوْ كَانَ مَعَ الْإِضَافَةِ بِخِلَافِهِ مَعَ عَدَمِهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا مَرَّ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا حَكَاهُ هَذَا الْمُجِيبُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ مَفْرُوضٌ كَمَا عَلِمْت فِي أَوْصَيْت لَهُ بِمِثْلِ مِيرَاثِ ابْنِي وَمَعَ هَذَا الْفَرْضِ لَا يُتَصَوَّرُ التَّقْدِير بِلَوْ كَانَ لِي ابْنٌ كَمَا تَقَرَّرَ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الْوُجُودَ وَالتَّقْدِيرُ بِلَوْ كَانَ لِي ابْنٌ يَقْتَضِي الْعَدَمَ فَبَيْنَهُمَا تَنَاقُضٌ بِخِلَافِهِ فِي مِثْلِ مِيرَاثِ ابْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي وُجُودًا فَلَا يُنَافِيه التَّقْدِيرُ بِلَوْ كَانَ لِي ابْنٌ فَمِنْ ثَمَّ قَالُوا بِالصِّحَّةِ هُنَا نَظَرًا لِهَذَا التَّقْدِيرِ وَبِالْبُطْلَانِ ثَمَّ لِتَعَذُّرِهِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يَأْتِي ذَلِكَ الْبَحْثُ فَهُوَ بَحْثٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَعَلَّهُ مِنْ أَبْحَاثِ فُقَهَاءِ جِهَتهمْ فَإِنَّنَا لَمْ نَرَ ذَلِكَ فِي الْكُتُب الَّتِي عِنْدنَا بَلْ كَلَامهمْ الَّذِي قَرَّرْته صَرِيح فِي رَدِّهِ كَمَا عَلِمْت فَاحْفَظْ ذَلِكَ وَلَا تَغْتَرَّ بِغَيْرِهِ قَوْله وَظَاهِرُهُ إلَخْ هَذَا الْبَحْثُ مَعَ كَوْنِهِ مَرْدُودًا لَيْسَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ جَلِيّ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ إذَا حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ كَانَ مُفِيدًا لِلْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا أُطْلِقَ أَوْ أَرَادَ مِثْلَ نَصِيبِهِ مَعَ كَوْنِهِ مَعْدُومًا وَلِلصِّحَّةِ فِيمَا إذَا أَرَادَ مِثْلَ نَصِيبه لَوْ كَانَ حَيًّا هَذَا مَعْنَى هَذَا الْبَحْثِ الْمَرْدُودِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يُقَالُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وَهْمِهِ السَّابِقِ كَغَيْرِهِ فِي فَهْمِ كَلَامِهِمْ وَنَقَلَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ كَمَا مَرَّ بَسْطُهُ قَوْلُهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute