للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَائِدٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْوَسِيطِ لَوْ ذَكَرَ لَفْظًا وَنَوَى مَعَهُ أَمْرًا لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَا يَنْتَظِمُ مَعَ الْمَذْكُورِ فَفِي تَأْثِيرِهِ وَجْهَانِ الْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ اهـ. فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ تَعْلَمْ بِهِ رَدَّ ذَلِكَ الْبَحْثِ وَبُطْلَان تِلْكَ الْقَاعِدَةِ وَقَوْلُهُ وَأَمْثِلَتُهُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا تَخْفَى وَمِمَّا يُبْطِلُهَا أَيْضًا قَوْلُهُمْ اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُكَلَّفِ إذَا عُرِفَ مَدْلُولُهُ فِي اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَّا بِأُمُورٍ مِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ غَيْرَ مَدْلُولِهِ وَيَكُونُ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِمَا نَوَاهُ فَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ قَدْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِهَا قَدْ لَا يُقْبَلُ بِحَسَبِ قُرْبِهِ مِنْ اللَّفْظِ وَبُعْدِهِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ لِوُجُودِ لَفْظِ الْجَمْعِ.

وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَصْدُ مَا مَرَّ عَنْ مَالِكٍ لِبُعْدِهِ مِنْ اللَّفْظِ كَمَا مَرَّ التَّصْرِيحُ بِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَمِنْ كَلَامِهِمْ الشَّاهِدِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ الصَّرِيحُ يَعْمَلُ بِنَفْسِهِ وَلَا تُقْبَلُ إرَادَة غَيْرِهِ بِهِ وَالْمُحْتَمِلُ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى إرَادَة اللَّافِظِ وَمُرَادُهُمْ بِالْمُحْتَمِلِ الْمَذْكُورِ الْمُحْتَمِلُ لِمَعَانٍ عَلَى السَّوَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَلْفَاظُ ثَلَاثَةٌ نَصٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَظَاهِرٌ يَقْبَلُهُ وَمُحْتَمِلٌ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ مَعَانٍ لَا يَظْهَرُ اخْتِصَاصُهُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا فَالنَّصُّ لَا مَحِيصَ عَنْهُ وَالظَّاهِرُ يُعْمَلُ بِهِ عَلَى حُكْمِ ظُهُورِهِ فَإِنْ ادَّعَى اللَّافِظُ تَأْوِيلًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَطُولُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمُحْتَمِلُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ صَاحِبِ اللَّفْظ اهـ. مُلَخَّصًا وَمِنْ الظَّاهِر الَّذِي لَا يَقْبَل تَأْوِيله قَوْله هَذَا أَخِي ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أُخُوَّة الرَّضَاع لَا يُقْبَل عَلَى الْأَصَحّ أَوْ أُخُوَّة الْإِسْلَام لَا يُقْبَل قَطْعًا وَلَوْ قَالَ غُصِبَتْ دَاره وَقَالَ أَرَدْت دَارَةَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَمْ يُقْبَل عَلَى الصَّحِيح فِي زَوَائِد الرَّوْضَة عَنْ الشَّاشِيّ فَإِذَا لَمْ تَقْبَل الْإِرَادَة فِي هَذِهِ الْمَسَائِل فَفِي مَسْأَلَتِنَا بِالْمُسَاوَاةِ بَلْ بِالْأُولَى قَوْله وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ فُضَلَاء الْيَمَن إلَخْ هَذَا الْبَحْث بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمه لَا يَشْهَد لَهُ لِوُضُوحِ الْفَرْق بَيْنه وَبَيْن مَسْأَلَته لِأَنَّ لَفْظَ الْجِيرَانِ مَقُولٌ عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ بِالتَّوَاطُؤِ أَوْ التَّشْكِيكِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النِّيَّةُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْمُشْتَرَكُ يُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيه مَا لَمْ يَخُصَّهُ الْمُتَكَلِّمُ بِأَحَدِهَا وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَهُوَ مِنْ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِجُزْئِيٍّ مَخْصُوصٍ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَة صَرْفِهِ عَنْهُ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْإِمَامِ الصَّرِيحِ مَا يَتَكَرَّرُ عَلَى الشُّيُوعِ أَمَّا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ أَوْ فِي عُرْفِ اللِّسَانِ وَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ لَزِمَ إجْرَاءُ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يُقْبَلُ الْعُدُولُ عَنْ مُوجِبِ الظَّاهِرِ فِي الظَّاهِرِ اهـ.

فَإِنْ قُلْت لِمَ أَثَّرَتْ النِّيَّةُ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ فِي مَسْأَلَةِ الْجِيرَانِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي لَفْظِ النِّسَاءِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ قُلْت لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ لَا يُبْطِلُهُ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ حُجَّةٌ فِيمَا عَدَا مَا خَرَجَ مِنْهُ وَلَوْ عَمِلْنَا بِالنِّيَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي لَأَبْطَلْنَا الْجَمْعِيَّةَ مِنْ أَصْلِهَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنْ قُلْت اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الضِّعْفَ هُوَ الشَّيْءُ وَمِثْلُهُ فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِضِعْفِ نَصِيب ابْنِهِ كَانَتْ وَصِيَّةً بِالثُّلُثَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ هُوَ الْمِثْلُ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامًا ثُمَّ قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوصِي مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الضِّعْفَ الْمِثْلُ فَقَطْ أُعْطِيَ مِثْلَ نَصِيب الِابْنِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ وَلَا يَكَادُ يُعْدَمُ لَهُ شَاهِدٌ أَوْ شَوَاهِدُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَجَّعَ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى الْعُرْفِ فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ هَذَا الْمُفْتِي وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُفْتِينَ السَّابِقِينَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِإِرَادَةِ الْمُوصِي فِيمَا مَرَّ وَمَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُلْت لَا تَأْيِيدَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الضِّعْفَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ فِي اللُّغَةِ بَيْن الشَّيْءِ وَمِثْلِهِ وَبَيْن الْمِثْلِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ النَّحْوِيُّ ثُمَّ نَقَلَ أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ خَصَّصَهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ بِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَزْهَرِيُّ أَيْضًا فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ فَقَالَ إنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ هُوَ الْمَعْرُوفُ بَيْن النَّاسِ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ فَهُوَ الْمِثْلُ فَمَا فَوْقَهُ إلَى عَشَرَةِ أَمْثَالِهِ وَأَكْثَرَ وَأَدْنَاهُ الْمِثْلُ اهـ.

وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ اتَّضَحَ أَنَّهُ لَيْسَ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّهُ لِاشْتِرَاكِهِ لُغَةً أَثَّرَ فِيهِ الْقَصْدُ وَلِتَخْصِيصِ الْعُرْفِ الْعَامِّ لَهُ بِالْأَوَّلِ حُمِلَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاق وَإِنْ خَالَفَ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَيْنِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ الْعَامِّ فَلَا يُقَاسُ بِهِ مَا فِيهِ اعْتِبَارٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا مَرَّ عَنْ أُولَئِكَ الْمُفْتِينَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاحْفَظْهُ قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاق إلَخْ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا السُّؤَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>