للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُنْتَفٍ فِي صَرْفِ الْوَصِيِّ إذْ لَا مُؤْنَةَ عَلَى الْمَيِّتِ تُدْفَعُ عَنْهُ حِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي جَوَازُ صَرْفِهِ لِمُمَوِّنٍ غَيْرِ وَارِثٍ لِنَحْوِ حَجْبِهِ بِأَقْرَبَ مِنْهُ كَجَدٍّ عَالٍ وَفَرْعٍ سَافِلٍ قُلْت تَنْزِيلُهُمْ الْوَصِيُّ مَنْزِلَةَ الْمَيِّتِ فِي جَوَازِ الصَّرْفِ لِمَا لَزِمَ الْمَيِّتَ يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِمَا كَانَ يَتَقَيَّدُ بِهِ الْمَيِّتُ فِي الصَّرْفِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ سَوَاءٌ أَوُجِدَ الْمَعْنَى الَّذِي مُنِعَ الْمَيِّت لِأَجْلِهِ أَمْ لَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَلْحَظَ فِي الْجَوَازِ النِّيَابَةُ عَنْ الْمَيِّتِ وَالنَّائِبُ الْمُتَقَيِّدُ تَصَرُّفُهُ بِكَوْنِهِ عَلَى جِهَةِ النِّيَابَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الْمَعْنَى الْمَوْجُودِ فِي الْمُسْتَنَابِ عَنْهُ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ رَوَى خَبَرَ «مَنْ لَمْ يُوصِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْكَلَامِ مَعَ الْمَوْتَى قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ تَتَكَلَّمُ الْمَوْتَى قَالَ نَعَمْ وَيَتَزَاوَرُونَ» ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخُ ابْنُ حِبَّانَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَوْصَى لِغَيْرِهِ بِمَنَافِعِ نَخْلَةٍ مَثَلًا فَمَا هِيَ مَنْفَعَةُ النَّخْلَةِ هَلْ هُوَ كَرْمُهَا وَلِيفُهَا وَالِاسْتِظْلَالُ بِظِلِّهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الثَّمَرَةُ وَاللِّيفُ كَكَسْبِ الْعَبْدِ أَوْ لَا يَدْخُلُ ذَلِكَ

فَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَاصِلُهُ عَدَمُ دُخُولِ نَحْوِ الثَّمَرِ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ وَأَنَّ النَّخْلَةَ لَا مَنْفَعَةَ لَهَا إلَّا نَحْوُ الِاسْتِظْلَالِ وَالتَّجْفِيفِ وَرَبْطِ الدَّوَابِّ بِهَا وَعَلَى ذَلِكَ تُحْمَلُ الْمَنْفَعَةُ الْمُوصَى بِهَا وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ آخَرُ وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ إطْلَاق الْمَنْفَعَةِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْفَوَائِدِ كَالثَّمَرَةِ وَالْكَرْمِ وَاللِّيفِ وَنَحْوِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّخْلَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَاشِيَةِ مُسْتَشْهِدًا بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ يَمْلِكُ أُجْرَةَ حِرْفَتِهِ لِأَنَّهَا أَبْدَالُ مَنْفَعَتِهِ وَيَمْلِكُ أَيْضًا مَهْرَ الْجَارِيَةِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ أَجَابَ الْأَوَّلُ ثَانِيًا بِمَا حَاصِلُهُ تَقْرِيرُ جَوَابِهِ الْأَوَّلِ وَالرَّدُّ عَلَى الْمُعْتَرِضِ الْمُجِيبِ الثَّانِي مُسْتَشْهِدًا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى مَا يَرِدُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَهُوَ نَحْوُ الِاسْتِظْلَالِ بِظِلِّهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا وَأَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى دُخُولِ الْكَسْبِ وَالْمَهْرِ لَا غَيْرِهِمَا مِنْ الثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى وَإِنَّمَا قَالُوا بِدُخُولِ نَحْوِ الْكَسْبِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُمَا دَاخِلًا كَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ لَوَجَبَ عَلَى الْمُتَعَقِّبِ أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَرِضِ الْمُجِيبِ الثَّانِي فَتَفَضُّلًا سَيِّدِي بِالْجَوَابِ الشَّافِي فَإِنْ قُلْتُمْ بِمَا قَالَهُ الْأَوَّلُ فَتَفَضَّلُوا بِبَيَانِ دَلِيلِهِ وَالرَّدِّ لِمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ الْأَوَّلُ أَثَابَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ نَحْوَ الثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ أُمُورٌ مِنْهَا مَا فِي تَدْرِيبِ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ نَحْوَ الثَّمَرَةِ لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ الْوَصِيَّةِ بِعَيْنِ نَحْوِ الشَّجَرَةِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْأَصْلِ نَفْسِهِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا نَحْوُ الثَّمَرَةِ فَمَا بَالُك بِالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ فَإِنْ قُلْت مَا فِي التَّدْرِيبِ مَرْجُوحٌ قُلْت هُوَ مَعَ كَوْنِهِ مَرْجُوحًا يَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ إلَّا النَّظَرُ إلَى لَفْظِ نَحْوِ الشَّجَرَةِ لَا يَتَنَاوَلُ نَحْوَ ثَمَرَتِهَا لِأَنَّ نَحْوَ الثَّمَرَةِ عَيْنٌ أُخْرَى لَا يَشْمَلُهَا لَفْظُ الشَّجَرَةِ.

وَلَا تُقَاسُ الْوَصِيَّةُ بِنَحْوِ الْبَيْعِ لِضَعْفِهَا عَنْ الِاسْتِتْبَاعِ بِخِلَافِهِ وَإِذَا جَرَى هَذَا مِنْ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَة فَقَالَ بِعَدَمِ دُخُولِ نَحْوِ الثَّمَرَةِ لِمَا ذَكَرْته لَزِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ قَائِلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ أَنَّهَا لَا تَشْمَلُ نَحْوَ الثَّمَرَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ كَلَامِهِ فِي الْأَوَّلِ ضَعْفُهُ هُنَا لِوُضُوحِ فُرْقَانِ مَا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ وَمِنْهَا قَوْلُ الْجَوَاهِرِ فِي الْوَصِيَّةِ بِمَا سَتَحْمِلُهُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ أَوْ الْبَهِيمَةُ فِي هَذَا الْعَامِ أَوْ أَبَدًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَصِحُّ كَمَا تَصِحُّ بِالْمَنَافِعِ ثُمَّ قَالُوا وَفِي الْوَصِيَّةِ بِمَا سَيَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَمْلِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِثَمَرَتِهَا هَذَا الْعَامَ أَوْ كُلَّ عَامٍ اهـ. فَفِي قَوْلِهِ كَمَا تَصِحُّ بِالْمَنَافِعِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ نَحْوَ الْحَمْلِ وَالثَّمَرِ لَيْسَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ لَزِمَ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنَافِعِ لَا تَشْمَلُ عَيْنًا كَثَمَرَةٍ وَلِيفٍ وَصُوفٍ وَلَبَنٍ وَمِنْهَا قَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الْوَصِيَّةُ بِالْغَلَّةِ وَالْكَسْبِ لَا تُفِيدُ اسْتِحْقَاقَ السُّكْنَى وَالرُّكُوبَ وَالِاسْتِخْدَامَ وَبِوَاحِدٍ مِنْهَا لَا يُفِيدُ اسْتِحْقَاقَ الْغَلَّةِ وَالْكَسْبَ فَإِنَّ الْغَلَّةَ فَائِدَةٌ عَيْنِيَّةٌ وَالْمَنْفَعَةُ تُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْنِ فَيُقَالُ الْأَمْوَالُ تَنْقَسِمُ إلَى الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ اهـ. فَتَأَمَّلْ جَعْلَهُ الْمَنْفَعَةَ مُقَابِلَةً لِلْعَيْنِ تَجِدْهُ صَرِيحًا وَاضِحًا فِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَشْمَلُ عَيْنًا أَصْلًا وَإِنَّمَا تَشْمَلُ الْآثَارَ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>