مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ عَلَيْهَا وَالشُّهُودُ لَمْ يَعْرِفُوهَا أَوْ عَرَفُوهَا بِإِعْلَامِ النَّاس لَا بِالنَّظَرِ إلَيْهَا فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِشْهَاد عَلَى رِضَا الْمَرْأَة حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا لَا يُشْتَرَطُ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْدُوبٌ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنَدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ وَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَصَحَّحَ السُّبْكِيّ وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ اهـ وَمَحَلُّهُ فِي تَصَرُّفٍ مُبْتَدَأٍ أَمَّا تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ فَهُوَ حُكْمٌ إذَا عَرَفْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ بِدُونِهِ فَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ رُؤْيَةِ الشُّهُودِ وَعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ لَهَا نَعَمْ إنْ قِيلَ بِأَنَّ الْإِشْهَادَ شَرْطٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ لَهَا لَكِنَّ الْعَمَلَ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي تَعْرِيفُ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ لَهَا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَم.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا وُكِّلَ الْمُجْبَرُ بِتَزْوِيجِ بِنْتِهِ أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ ثُمَّ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً قَبْلَ الْعَقْدِ فَهَلْ يُزَوِّجُ الْوَكِيلُ أَوْ الْقَاضِي؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي يُزَوِّجُ هُوَ الْوَكِيل دُونَ الْقَاضِي وَمَا وَقَعَ فِي تَحْرِيرِ أَبِي زُرْعَةَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قُلْت هَلْ يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَوْ بِالنِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَجْهَانِ وَبَعْضُ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي لَكِنَّ فُرُوعَ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَمِنْ ثَمَّ رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَقْتَضِيه فِيمَا إذَا زَوَّجَ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ فَمِنْ ذَلِكَ تَزْوِيجُهُ مُوَلِّيَةَ الرَّجُلِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ نِكَاحَ مَنْ غَابَ وَلِيُّهَا زَوَّجَهَا أَحَدُ نُوَّابِهِ أَوْ قَاضٍ آخَر وَلَوْ كَانَ بِالنِّيَابَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَمِنْ فُرُوعِ الثَّانِي عَدَمُ صِحَّةِ تَزْوِيجِهِ بِغَيْرِ الْكُفْءِ وَإِنْ رَضِيَتْ وَتَقْدِيمُ الْحَاضِرِ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهَا وَلِيَّانِ وَالْأَقْرَبُ غَائِبٌ وَلَوْ كَانَ بِالْوِلَايَةِ لَصَحَّ النِّكَاحُ فِي الْأُولَى وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قِيلَ أَنَّهُ فِي الْغَيْبَةِ وَنَحْوِهَا يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَعِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ لَكَانَ مُتَّجَهًا ثُمَّ رَأَيْت الْإِمَامَ ذَكَرَ بَعْضَ ذَلِكَ حَيْثُ صَحَّحَ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِلْغَيْبَةِ أَنَّهُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ وَالْأَوْجَهُ فِيهِ مَا ذَكَرْته انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ تَزْوِيجُ أَمَةَ الْيَتِيمِ بِعَبْدِهِ؟
(فَأَجَابَ) لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ عَبْدَ الْمَحْجُورِ لَا بِأَمَتِهِ وَلَا بِغَيْرِهَا وَأَمَّا أَمَتُهُ فَيُزَوِّجُهَا أَبُوهُ وَجَدُّهُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ ثَانِيَةً فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْعَاقِدِ وَعْظُهُ بِأَنْ لَا يَظْلِمَ إحْدَاهُمَا وَمَا هُوَ مِنْ الْوَعْظِ أَوْجَزُ وَأَنْفَعُ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْعَاقِدِ ذَلِكَ كَمَا شَمِلَهُ اسْتِحْبَابُهُمْ تَقْدِيمَ الْخُطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ وَعَلَى الْعَقْدِ قَالُوا وَمِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْخُطْبَةِ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى الْعَقْدِ أُزَوِّجُكَ هَذِهِ أَوْ زَوَّجْتُكهَا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ وَمِنْ جُمْلَةِ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ لَا يَظْلِمَ إحْدَاهُمَا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي هَذِهِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ أُزَوِّجُكهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إلَخْ وَأَنَّ هَذَا أَوْجَزُ وَأَنْفَعُ فِي الْوَعْظِ لِأَنَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ وَعَلَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَالْمَعْرُوفُ لَا يَنْبَغِي لِذِي مُرُوءَةٍ أَوْ دِينٍ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَهَّلَ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهُ عَلَيْهِمْ عَيْنًا بَلْ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ هَذَا الْمَعْرُوفِ وَتَرْكِهِ بِقَوْلِهِ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَعَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ فِي كُلٍّ مِنْ أَحْوَالِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ التَّسْرِيحِ بِالْإِحْسَانِ وَكُلٌّ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ خَيْرٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَذِنَتْ لِقَاضٍ وَهِيَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِتَزْوِيجِهَا فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا إلَّا مِنْهَا أَنْ يُخْبِرَ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهَا بِهَذَا الْخَبَرِ وَالْحَالُ أَنَّهَا غَائِبَةُ عَنْ مَجْلِسِهِ أَوْ لَا فَكَيْف الطَّرِيقُ فِي تَزْوِيجِهَا إذَا تَعَذَّرَ حُضُورُهَا عِنْدَهُ لِيُشِيرَ إلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute