للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُؤَالٍ عَنْ رُشْدِهَا وَقْتَ الْإِبْرَاءِ وَقَدْ يُعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ رَشِيدَةٍ لِبُلُوغِهَا تَارِكَةً الصَّلَاةَ مُسْتَمِرَّةً عَلَى التَّرْكِ مَا حُكْمُ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا طَلَّقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ اُشْتُرِطَتْ بَرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فَعَلَى الْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ مَنْ طَلُقَتْ بِالْبَرَاءَةِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الطَّلَاقِ وَهَلْ هِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ سَفِيهَةٌ وَهَلْ هُوَ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ أَوْ لَمْ يَقَعْ أَصْلًا فَإِنْ وَجَدَ مَسَاغًا لِلْوُقُوعِ زَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا أَمْسَكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالْبَرَاءَةِ وَأَنَّ مُوَلِّيَتَهُ غَيْرُ رَشِيدَةٍ أَنْ يَنْكِحَهَا آخَرُ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ فَعَلَ عُزِّرَ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ إنْ لَمْ يُعْذَرْ فِي ذَلِكَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ النِّكَاحَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَبْضَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَزِيدِ تَثَبُّتٍ وَاحْتِيَاطٍ وَمِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَحَقُّقِ شُرُوطِهِ فَإِنَّ تَحَقَّقَهَا الْوَلِيُّ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَإِنْ شَكَّ فِي بَعْضِهَا لَزِمَهُ أَنْ يَتَثَبَّتَ حَتَّى يَزُولَ شَكُّهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ زَوَّجَ بِنْتَه مِنْ تَارِكِ الصَّلَاةِ إجْبَارًا هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا لِفِسْقِهِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ جَدًّا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا كَانَتْ بِنْتُهُ مُصَلِّيَةً لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهَا إجْبَارًا مِنْ تَارِكِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ فَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ تَزْوِيجِهَا مِنْهُ مِنْ رِضَاهَا بِهِ بَعْدَ بُلُوغِهَا إذْ مِنْ شُرُوطِ إجْبَارِ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ كُفُؤًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ قَاضٍ زَوَّجَ امْرَأَةً مَعَ حُضُورِ أَبِيهَا وَلَمْ يَكُنْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْوِلَايَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْج ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِكَوْنِ الْأَوَّلُ كَانَ فَاسِدًا مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يُقْبَلُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ الْوَلِيِّ وَلَا مِنْ الزَّوْجَةِ هَذِهِ الدَّعْوَى بَلْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ظَاهِرًا وَأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةٌ شَاهِدَةٌ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهَا تُرِيد أَنْ تَرْفَعَ حَقَّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي هُوَ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ التَّحْلِيلِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَأْذَن لِلْقَاضِي أَصْلًا وَكَذَا الزَّوْجَةُ وَتَيَقَّنَ ذَلِكَ تَيَقُّنًا جَازِمًا لَا رَيْب فِيهِ وَتَيَقَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ شَافِعِيٌّ وَأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيِّ جَازَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نِكَاحُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَمَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِمَا حَاكِمٌ عَاقَبَهُمَا بِقَضِيَّةِ جَرِيمَتِهِمَا الَّتِي تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الظَّاهِرِ وَلَا يَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَارِعَ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلِيَّ قَدْ يَكُونُ أَذِنَ لِلْقَاضِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَعَقْدُ الْفُضُولِيِّ صَحِيحٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَذِنَتْ لَهُ وَالْعَقْدُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَلِيُّهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا احْتَمَلَ هَذِهِ الْأُمُورَ وَأَنَّ الْقَاضِيَ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا بِنَاءً عَلَى وُقُوعِ أَحَدِ تِلْكَ الِاحْتِمَالَاتِ وَكَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَحِينَئِذٍ يُتَيَقَّنُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الزَّوْجِ إلَّا بَعْدَ مُحَلِّلٍ بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَلِّهَا وَالنِّكَاحُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ مَا أَمْكَنَ فَلَا يَنْبَغِي الْإِقْدَامُ عَلَى صُورَةٍ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِيهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَتُهُ لَوْ نَسَبَ شَخْصٌ نَفَسَهُ إلَى مَذْهَبٍ مِنْ مَذَاهِبِ الْمُبْتَدِعَةِ هَلْ يُعْطَى حُكْمَ مَا يَقْتَضِيه الْمَذْهَبُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَذْهَبُ مُكَفِّرًا كُفْرًا لِمُنْتَسِبٍ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ صُدُور الْمُكَفِّرِ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُنْتَسِبِ وَكَذَا هَلْ بِمُجَرَّدِ الِانْتِسَابِ يَصِيرُ غَيْرَ كُفْءٍ لِلسُّنِّيَّةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا السُّؤَالُ الْأَوَّلُ فَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ مَذْهَبٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ غَيْرُ مَذْهَبٍ وَإِذَا لَمْ نُكَفِّرْ الْمُجَسِّمَةَ أَوْ الْجَهْمِيَّةَ أَوْ الْمُنْكَرِينَ لِلْكَلَامِ النَّفْسِيِّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِمْ مُكَفِّرَاتٌ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تِلْكَ اللَّوَازِم وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِكُفْرِهِمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لِلْأَصَحِّ أَنَّ مُقَابِل الْمَذْهَبِ مَذْهَبٌ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَمَنْ اعْتَقَدَ مَذْهَبًا مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَذْهَبُ كُفْرًا صَرِيحًا كَالْقَوْلِ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بِإِنْكَارِ الْحَشْرِ أَوْ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ كَانَ اعْتِقَادُهُ بِمُجَرَّدِهِ كُفْرًا إجْمَاعًا وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ الْخِلَافُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَذْهَبُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَهْلَهُ مُكَفِّرٌ أَوْ مُكَفِّرَاتٌ فَمُجَرَّدُ اعْتِقَادِ الْمَذْهَب لَا يَكُونُ كُفْرًا عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ وَإِنَّمَا يَكْفُرُ إنْ صَرَّحَ بِاعْتِقَادٍ لَازِمٍ مِنْ تِلْكَ اللَّوَازِمِ الْمُكَفِّرَةِ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي فَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>