وَالشُّهُودِ وَالثَّانِي التَّوْقِيتُ فَأَمَّا فَقْدُ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ فَأَجْمَعُوا فِيهِ عَلَى الْبُطْلَانِ وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ خِلَافٌ وَأَمَّا التَّوْقِيتُ فَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ خِلَافُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فَكَانَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ أَقْوَى فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِعَدَمِ الْحَدِّ فِيهِ وَبِوُجُوبِهِ فِي الْأَوَّلِ وَمَذْهَب زُفَر مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ يَلْغُو الشَّرْطَ وَيَنْعَقِدُ مُؤَبَّدًا وَهَذَا خِلَافٌ قَوِيٌّ وَمَلْحَظٌ مُتَمَاسِكٌ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرْته أَنَّهُ لَا إجْمَاعَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِيهَا قَوِيًّا نَقْلًا وَمَدْرَكًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ الْخَالِي عَنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَالْإِعْلَانِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ شَاذًّا فَاتَّضَحَ الْحَدُّ فِيهِ وَبَطَلَ الْقَوْلُ الْمُخَالِفُ لِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّمَا هُوَ هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَلِيٌّ وَلَا شُهُودٌ وَهَذَا يَدْفَعُ قَوْلَ السَّائِلِ أَنَّهُ حَكَاهُ فِيهِ فَهُوَ لَمْ يَحْكِهِ وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَأْتِي الْإِشْكَالُ إلَّا عَلَى مَنْ وَافَقَهُ فِي هَذَا الِاسْتِنْبَاطِ وَهُوَ نَفْسُهُ كَالْأَصْحَابِ لَمْ يَقُولُوا بِهِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ لَإِطْبَاقِهِمْ عَلَى تَفْسِيرِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ بِأَنَّهُ الْمُوَقَّتُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ خُلُوِّهِ عَنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ فَظَهَرَ أَنَّ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَرُدُّ عَلَى الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ مُحْتَمَلَةٍ وَالِاحْتِمَال فِيهَا يُسْقِطُهَا فَلَا يَرُدُّ عَلَى الْأَصْحَابِ ذَلِكَ الْحَدِيثُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ وَلِيٍّ وَكَّلَ شَخْصًا فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ فَقَالَ زَوِّجْهَا أَوْ مُرْ مَنْ شِئْت يُزَوِّجُهَا فَوَكَّلَ رَجُلًا فَهَلْ هُوَ وَكِيلُ الْمُوَكَّلِ حَتَّى يَصِحَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ نِكَاحَهَا مِنْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُ الْوَكِيلِ حَتَّى لَا يَصِحَّ ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ضَمِيرِ الْوَلِيِّ أَنَّ الْوَكِيلَ يَتَزَوَّجُهَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ وَكِّلْ عَنْ نَفْسِك كَانَ الْوَكِيلُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ فَيُعْزَلُ بِعَزْلِهِ وَانْعِزَالِهِ وَبِعَزْلِ الْمَالِكِ لَهُ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ وَإِنْ قَالَ لَهُ وَكِّلْ عَنِّي أَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ عَنِّي وَلَا عَنْك فَالثَّالِثُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَمْلِكُ الثَّانِي عَزْلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ الثَّالِثُ بِانْعِزَالِ الثَّانِي وَلَيْسَ لِلثَّانِي فِي صُورَةِ عَنِّي.
وَالْإِطْلَاقُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الثَّانِيَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ إذَا وَكَّلَ ثَالِثًا يُزَوِّجُهَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا لِلْوَلِيِّ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا لِلْآخَرِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّ الثَّالِثَ وَكِيلُ الثَّانِي أَوْ الْوَلِيِّ يَصِحُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبُولُ نِكَاحِهَا لِنَفْسِهِ فَإِذَا قَالَ الثَّانِي لِلثَّالِثِ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ يَعْلَمَانِ الْوَكَالَة زَوَّجْتُك فُلَانَةَ بِنْتَ مُوَكِّلِي فَقَالَ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِنَفْسِي صَحَّ وَكَذَا لَوْ قَالَ الثَّالِثُ لِلثَّانِي ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَصِحُّ أَيْضًا إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَالْوَكِيلُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ وَكِيلٍ آخَرَ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهُ مَثَلًا لِنَفْسِهِ وَنَحْوُهُ وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِأَلْفَاظِهَا الصَّرِيحَةِ وَإِنْ خَالَفَتْ مَا فِي الضَّمِيرِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ مَسَائِلَ فِي الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ الْأُولَى: إذَا كَانَتْ دَارٌ تَشْتَمِلُ عَلَى بَيْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْمَرَافِقِ لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَرْأًى مِنْ الْأُخْرَى كَهَذِهِ الصُّورَة مَثَلًا فَظَاهِرُ كَلَام الْفُقَهَاءِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِخَلْوَةٍ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟
الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بَيْتَيْنِ مُتَّفِقَيْ الْمَرَافِقِ لَكِنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَائِبٌ عَنْ الْآخَرِ بِأَنْ يَكُونَ فِي قَفَاهُ أَوْ يُوَصَّل إلَيْهِ بِانْعِطَافَاتٍ مَثَلًا فَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا خَلْوَةٌ لَكِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ فِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فِي آخَرَ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا خَلْوَةً أَمْ لَا؟
الثَّالِثَةُ: دَارٌ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَجْلِسٍ وَمَخَازِنَ كَثِيرَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَرْأَى الْمَجْلِسِ أَوْ بِمَرْآهُ وَرَجُل فِي الْمَجْلِسِ فَمَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ قَاصِدَةً أَخْذَ بَعْضِ الْحَوَائِجِ مِنْ الْمَخَازِنِ وَالرُّجُوعَ فَهَلْ هَذَا خَلْوَةٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حُكْمُ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا سَكَنَتْ الْمَرْأَةُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي حُجْرَتَيْنِ أَوْ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ أَوْ دَارٍ وَحُجْرَةٍ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَتَّحِدَا فِي مِرْفَقٍ كَمَطْبَخٍ أَوْ خَلَاءٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ مَمَرٍّ أَوْ سَطْحٍ أَوْ مِصْعَدٍ لَهُ فَإِنْ اتَّحَدَا فِي وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ حُرِّمَتْ الْمُسَاكَنَةُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَظِنَّةٌ لِلْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي الْكُلِّ وَلَمْ يُغْلَقْ مَا بَيْنَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute