للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَزْوِيجُهَا مَعَ أَنَّ فِي ذَلِكَ حُصُولُ الْمَهْرِ لِلْغَائِبِ أَوْ هَلْ يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ بَيْعِ الْحَاكِمِ مَالَهُ إذَا ظَهَرَتْ فَائِدَةٌ وَمَصْلَحَةُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فِي غِيبَةِ مَالِكهَا أَوْ حُضُورِهِ إلَّا بَعْدَ صَرِيحِ إذْنه سَوَاءٌ احْتَاجَتْ لِلنِّكَاحِ أَمْ لَا نَعَمْ إنْ رَأَى الْحَاكِمُ بَيْعَهَا لِأَنَّ الْحَظَّ فِيهِ لِلْغَائِبِ بَاعَهَا وَيُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا إنْ شَاءَ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ تَقْلِيدًا لِمَذْهَبِ دَاوُد مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ أَوْ لَا وَإِذَا وَطِئَ هَلْ يُحَدُّ أَوْ لَا فَفِي نَفَائِسِ الْأَزْرَقِيِّ مَا صُورَتُهُ إذَا نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ تَقْلِيدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ بِلَا شُهُودٍ تَقْلِيدًا لِمَالِكٍ وَوَطِئَ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ فَلَوْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ أَيْضًا حُدَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْإِمَامَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى بُطْلَانِهِ قُلْت وَلَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ فَإِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ وَأَيْضًا فَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ لَا وَلِيَّ فِيهِ وَلَا شُهُودَ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ وَقَدْ رَأَيْت جَوَابًا مَنْسُوبًا إلَى الْفَقِيهِ الصَّالِحِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودَ عَلَى الصَّحِيحِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اهـ فَبَيِّنُوا لَنَا حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيَانًا شَافِيًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ دَاوُد فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَمَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ خَالٍ عَنْهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي تَكْمِلَتِهِ عِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَمُرَادُهُ النِّكَاحُ بِلَا وَلِيٍّ فَقَطْ أَوْ النِّكَاحُ بِلَا شُهُودٍ فَقَطْ لَا الْمَجْمُوعُ أَيْ الْخَالِي عَنْهُمَا وَيُرْشِدُ إلَيْهِ جَعْله مِثَالًا لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَإِنَّ فَاقِدَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ لَكِنَّ فِيهِ إيهَامٌ فَلِذَا عَدَلَ عَنْهُ الْمِنْهَاجُ إلَى أَحَدِهِمَا قَالَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ فَقْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا خَصَّهُ الْقَاضِي حُسَيْن بِالشَّرِيفَةِ فَأَمَّا الدَّنِيَّةُ فَلَا حَدَّ لِخِلَافِ مَالِكٍ فِيهِ اهـ.

وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ شَيْخِهِ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوتِهِ قَالَ الْقَاضِي وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحَدِّ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ إذَا حَضَرَهُ شَاهِدَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَحْضُرَاهُ وَلَا حَصَلَ إعْلَانٌ فَالْحَدُّ وَاجِبٌ لِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ وُجِدَ الْإِعْلَانُ خَاصَّةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا اهـ قَالَ غَيْرُهُمَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُحَدُّ قَطْعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ وَبِنَقْلِهِمَا الْإِجْمَاعَ عَلَى التَّحْرِيمِ إذَا خَلَا عَنْ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَالْإِعْلَانِ يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ دَاوُد يُجِيزُ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ الْإِفْتَاءُ الْمَنْقُولُ فِي السُّؤَالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَإِنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَ عَنْ اقْتِضَاءِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي اللِّعَانِ وَكَيْف يُقَالُ فِي مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ الْقَوْلُ بِهِ فِي زَمَنٍ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْخِلَافِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَئِمَّتَنَا قَالُوا بِالْجَدِّ فِي مَسَائِلَ فِيهَا خِلَافٌ لَكِنَّهُمْ أَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ الْخِلَافَ فِي الْحَدِّ مُطْلَقًا وَلَا فِي الْإِبَاحَةِ إلَّا إنْ كَانَ قَوِيًّا بِخِلَافِ الْخِلَافِ الضَّعِيف جِدًّا فَإِنَّا لَا نَعْتَبِرُهُ وَلَا نُعَوِّلُ عَلَيْهِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ دَاوُد قَائِلٌ بِحِلِّ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتُ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنَعُوا مِنْ تَقْلِيدِهِ كَسَائِرِ الظَّاهِرِيَّةِ لِأَنَّهُمْ لِإِنْكَارِهِمْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ يَرْتَكِبُونَ السَّفْسَافَ مِنْ الْآرَاءِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِآرَائِهِمْ وَفَارَقَ مَا نَحْنُ فِيهِ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ قَوِيٌّ وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ وَلَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَالْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ بَلْ وَلَا يَرْفَعُ الْخِلَاف السَّابِقَ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَمْ يَتِمَّ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ قَائِلٌ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى إبَاحَتِهِ أَوَّلًا ثُمَّ الِاخْتِلَافُ فِي تَحْرِيمِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهَذِهِ أَدِلَّةٌ مُتَمَاسِكَةٌ إلَّا أَنَّ خِلَافَ الشِّيعَةِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَقَدْ صَحَّ تَحْلِيلُهَا ثُمَّ تَحْرِيمُهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُجُوعِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَوْلَا نَهْيُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا زَنَى إلَّا شَقِيٌّ فَإِنَّ قُلْت هَذَا يُؤَيِّدُ مَا فِي السُّؤَالِ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ خَلَى عَنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ قُلْت لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيمَا قُلْنَاهُ لِأَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَتَحْلِيلُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ اشْتَمَلَ عَلَى مُفْسِدَيْنِ أَحَدُهُمَا فَقْدُ الْوَلِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>