للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ إذَا قَالَتْ لَهُ اللَّهُ قَدْ أَبْرَأك فَقَالَ لَهَا طَلَاقُك بِصِحَّةِ بَرَاءَتِك فَإِنْ كَانَتْ هِيَ وَهُوَ عَالَمَيْنِ بِمَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِذَا رَاجَعَهَا قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا عَادَتْ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ رَدَدْتهَا إلَى نِكَاحِي رَجْعَةً وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً بِمَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ أَوْ لَمْ تَنْوِ الْبَرَاءَةَ مِنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَلَوْ قَالَ لَهَا مَرَّةً أُخْرَى طَلَاقُك بِصِحَّةِ بَرَاءَتِك فَقَالَتْ اللَّهُ قَدْ أَبْرَأَك فَإِنْ صَحَّ الْإِبْرَاء وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَة ثَانِيَة وَإِلَّا فَلَا وَلَا نَظَرَ لِتَأَخُّرِ بَرَاءَتِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ تَعْلِيقٌ وَهُوَ يَكُون عَلَى الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبِلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ كَوْنَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ رَجْعِيًّا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إلَّا أَبْرَأْتِنِي مِنْ نِصْفِ صَدَاقِك الْبَاقِي فِي ذِمَّتِي بَعْد الطَّلَاقِ فَأَنْتِ طَالِقٌ هَلْ تَطْلُقُ إذَا أَبْرَأَتْ مِنْ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَحْنَفُ وَالْأَصْبَحِيّ وَاعْتَمَدَهُ الْأَزْرَقِيّ وَبَعْضُ شُرَّاحِ الْوَسِيط وَكَلَام الشَّيْخَيْنِ فِي بَاب الصَّدَاقِ يَقْتَضِيه أَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَبْل الدُّخُولِ إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَبْرَأْ وَلَمْ تَطْلُقْ أَوْ مِنْ نِصْفِ مَهْرِك الْبَاقِي بَعْد الطَّلَاقِ فِي ذِمَّتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ طَلُقَتْ وَبَرِئَ وَإِنْ أَطْلَقَ ذِكْرَ النِّصْفِ فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَبْرَأْ وَلَمْ تَطْلُقْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ إلَّا أَبْرَأَتْنِي مِنْ الْمَهْرِ بِنْتُك أَوْ غَيْرُهَا فَأَنْتَ وَكِيلٌ فَطَلِّقْهَا أَهُوَ رَجْعِيٌّ كَمَا فِي النَّفَائِسِ لِلْأَزْرَقِيِّ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي فِي نَفَائِسِ الْأَزْرَقِيِّ هُوَ مَا لَفْظُهُ إذَا قَالَ إنْ أَبْرَأَتْنِي زَوْجَتِي مِنْ صَدَاقِهَا فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِهَا فَأَبْرَأَتْهُ فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ هَلْ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ بَائِنًا الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَكُون رَجْعِيًّا قَطْعًا.

وَأَجَابَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ حَسَنِ بْنِ أَبِي الْخَلِّ بِنَحْوِهِ وَيُسْتَدَلُّ بِأَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَى الْفَوْرَ وَعَلَى التَّرَاخِي اهـ.

لَفْظُهُ وَقَالَ قُبَيْلَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ تَعْلَمُهُ طَلُقَتْ بَائِنًا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ وَهِيَ تَعْلَمُهُ صَوَابُهُ وَهُمَا يَعْلَمَانِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُولَى مِنْ الْوُقُوعِ رَجْعِيًّا ظَاهِرٌ حُكْمًا لَا تَعْلِيلًا وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ بِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ أَبِي زُرْعَةَ فِي نَظِيرِهِ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ لَهَا طَلَاقُ تَبَرُّعٍ لَيْسَ بِعِوَضٍ فَإِنَّهَا لَمَّا أَبْرَأَتْهُ الْبَرَاءَةَ الصَّحِيحَةَ لَمْ يَبْقَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ وَلَوْ شَاءَ الْوَكِيلُ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَمَّا طَلَّقَهَا كَانَ طَلَاقًا بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ بَائِنًا إذْ لَا عِوَضَ حِينَئِذٍ يَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى الْإِبْرَاءِ أَوْ يَقْتَرِنَ بِهِ إعْطَاءُ مَالٍ أَوْ تَمْلِيكٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَفْقُودٌ هُنَا وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي.

وَحَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَاخِرَ الْخُلْعِ وَأَقَرَّاهُ بِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي فَطَلِّقْنِي بَرِئَ الزَّوْجُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُطَلَّقْ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْوُقُوعِ بَائِنًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ لَهُ شُرُوط أُخَرَ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي فَتْوَى غَيْرِ هَذِهِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْن الصُّورَتَيْنِ قُلْت وَاضِحٌ مِمَّا قَرَّرْته فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَّقَ الطَّلَاق عَلَى الْإِبْرَاءِ فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي مُقَابَلَتِهَا فَكَانَ بَائِنًا بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَمْ يُعَلَّقْ الطَّلَاقُ بِالْإِبْرَاءِ وَإِنَّمَا الَّذِي عَلَّقَهُ بِهِ التَّوْكِيلُ فَإِذَا وَجَدَ الْإِبْرَاءَ مِنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ كَانَ طَلَاقُهُ تَبَرُّعًا لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ إبْرَائِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مُقَابَلَته إلَّا إنْ صَحَّ بِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ وَفَسَدَ بِفَسَادِهِ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا عُلِّقَ الطَّلَاق عَلَيْهِ وَهُنَا الْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ قَبْل أَنْ يُطَلِّقَ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالطَّلَاقِ لَا فِي الصِّحَّةِ وَلَا فِي الْفَسَادِ فَكَانَ طَلَاقُ تَبَرُّعٍ فَوَقَعَ بَائِنًا فَإِنْ قُلْت تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بَاطِلٌ فَكَيْف صَحَّ طَلَاقُ الْوَكِيلِ حِينَئِذٍ قُلْتُ الْبَاطِلُ عِنْد فَسَادِ الْوَكَالَةِ إنَّمَا هُوَ خُصُوصُ التَّوْكِيلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ أَمَّا عُمُومُ الْإِذْنِ الَّذِي يَقْتَضِي نُفُوذَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ فَهُوَ بَاقٍ وَإِنْ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي بَابِهَا وَلِوُضُوحِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَزْرَقِيُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى تَمَامِ الْبَرَاءَةِ فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى تَمَامِ الْبَرَاءَةِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا إنْ أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً بِأَنْ تَعْلَمَ الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ بِقَدْرِ مَا لَهَا عَلَيْهِ ثُمَّ تُبْرِئُهُ مِنْهُ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَلَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>