للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَضَى عَلَيْهِ مِنْ السِّنِينَ مَا يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ طَلُقَتْ بَائِنًا وَإِلَّا لَمْ تَطْلُقْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ قَالَ أَبْرِئِينِي مِنْ مَهْرِك وَهُوَ مِائَةُ دِينَارٍ إلَى هَذِهِ الْعَشَرَة الدَّنَانِيرِ وَأُطَلِّقُك فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك مِنْهُ إلَيْهَا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ إلَّا أَبْرَأْتِنِي مِنْهُ إلَيْهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك مِنْهُ إلَيْهَا مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا قَالَ لَهَا أَبْرِئِينِي مِنْ مَهْرِك وَهُوَ الْمِائَةُ إلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ وَأُطَلِّقُك فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك مِنْهُ إلَيْهَا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ أَنَّ الْعَشَرَةَ عِوَضٌ مِنْهُ إلَيْهَا فِي مُقَابَلَةِ الْإِبْرَاء مِنْ الْمِائَةِ فَتَكُونُ إلَيَّ بِمَعْنَى عَلَيَّ صَحَّتْ بَرَاءَتُهَا وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ وَهُوَ الْعَشَرَة فَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ بَذْلُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِبْرَاءِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْد ذَلِكَ أَنْتِ طَالِق فَهُوَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّقٍ بِالْبَرَاءَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا وَأُطَلِّقُك وَعْدٌ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ طَالِقٌ صَحَّ الْإِبْرَاء وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالطَّلَاقِ وَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْهُ إلَيْهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ الْمِائَةِ عَلَى الْعَشَرَة بَرَاءَة صَحِيحَة صَحَّ الْإِبْرَاء مِنْ الْمِائَة وَلَزِمَتْهُ الْعَشَرَة نَظِيرَ مَا مَرَّ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا رَجْعِيًّا أَيْضًا بِخِلَافِهِ فِي إنْ أَبْرَأْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ الْإِبْرَاء فَكَانَ الْإِبْرَاء عِوَضًا عَنْهُ وَهَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ الْخُلْعِ الْمُقْتَضِي لِلْبَيْنُونَةِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِخِلَافِهِ فِي إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ مَهْرِك عَلَى عَشْرَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ عِوَضًا عَنْ الْبَرَاءَةِ إذْ عِوَضُهَا الْعَشَرَةُ وَإِذَا خَلَا الطَّلَاقُ عَنْ عِوَضٍ فِي مُقَابَلَتِهِ كَانَ رَجْعِيًّا لَا بَائِنًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ إلَّا أَعْطَيْتنِي عَلَى ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَهُوَ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ أَلْفِ أَشْرَفِيّ تَوْزِيعًا لِلْمُسَمَّى عَلَى عَدَدِ الثَّلَاثَةِ الْمَسْئُولَةِ فِي مُقَابِلِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ فَوْرًا خَمْسمِائَةِ أَشْرَفِيّ فَهَلْ تَطْلُقُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَهَلْ إذَا قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَنِصْفًا فَمَا يَسْتَحِقُّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَقَعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى شَيْءٌ لِأَنَّ الصِّفَةَ الَّتِي عَلَّقَ عَلَيْهَا وَهِيَ إعْطَاءُ الْأَلْفِ لَمْ تُوجَد نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِمَا قَالَهُ إيقَاعَ مَا يُقَابِلُ الْمُعْطَى لَوْ وُزِّعَتْ الْأَلْفُ عَلَى الثَّلَاثِ وَقَعَ بِالْخَمْسِمِائَةِ طَلْقَتَانِ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ وَيَسْتَحِقُّ خَمْسَمِائَةٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) إذَا قَالَ خَلَعْتُك إلَى رَقَبَةِ أَبِيك مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا قَالَ خَلَعْتُك إلَى رَقَبَةِ أَبِيك فَقَدْ أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ أَبَاهَا يَلْتَزِمُ لَهُ مَالًا فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقِهَا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَلْتَزِمَ لَهُ فَوْرًا وَحِينَئِذٍ فَتَطْلُقُ بَائِنًا بِذَلِكَ الْمَالِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ خَالَعَهَا خُلْعًا مُنَجَّزًا وَإِنَّهَا بَعْدُ تَصِيرُ فِي رَقَبَةِ أَبِيهَا أَيْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهَا طَلُقَتْ بِقَوْلِهِ خَالَعْتُك إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَيَكُونُ رَجْعِيًّا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا وَلَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَأَمَّا إذَا أَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا فَقَبِلَتْ بَانَتْ وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ لَكِنَّ الْمُصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ اللَّفْظِ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إلَّا بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرْته وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمَوْقِعُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَا لِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمَلٌ كَمَا تَقَرَّرَ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ احْتِمَالَيْهِ لَا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ مُطْلَقًا بَلْ بِشَرْطٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي إذَا أَعْطَيْتنِي كَذَا مَا تُمْسِي لِي زَوْجَةً فَهَلْ تَطْلُقُ بَائِنًا؟

(فَأَجَابَ) أَفْتَى الْفَتَى بِأَنَّهَا إذَا أَمْسَتْ لَهُ زَوْجَةً بِأَنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْل الْمَسَاءِ طَلُقَتْ بَائِنًا بِقَوْلِهِ يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ بَائِنًا لِخَشْيَةِ تَوَقُّعِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْإِعْطَاءِ وَإِلَّا فَرَجْعِيًّا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ تُمْسِي طَلُقَتْ بِالثَّانِي رَجْعِيًّا دُون يَلْزَمُنِي لِأَنَّهُ بَرَّ فِيهِ وَنَظَرَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ فِيمَا قَالَهُ أَوَّلًا وَالنَّظَرُ وَاضِحٌ إذْ الطَّلَاقُ لَمْ يُجْعَلْ فِي مُقَابَلَتِهِ مَالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>