للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِبْرَاء مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ طَلَاقُك بِبَرَاءَتِك أَوْ بِصِحَّةِ بَرَاءَتِك تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى صِحَّةِ الْإِبْرَاء وَإِنَّمَا قَصَدَ تَنْجِيزَ طَلَاقِهَا مُقَابِلَ مَا صَدَرَ مِنْهَا فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ رَجْعِيًّا سَوَاءٌ صَحَّ الْإِبْرَاء أَمْ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا صَدَرَ تَنْجِيزُهُ فَيَنْفُذُ وَيَلْغُو قَوْل الزَّوْجِ بِبَرَاءَتِك أَوْ بِصِحَّةِ بَرَاءَتِك وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقًا وَلَا تَنْجِيزًا فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى التَّعْلِيقِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَتَاوَى الْمُخْتَلِفَةِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ بَعْد صُدُورِ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَرْأَةِ صَحِيحًا إذْ لَا عِوَضَ حِينَئِذٍ يَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ.

وَأَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا فَهَذَا لَا يُطْلِقُ الْقَوْلَ بِهِ بَلْ يُنْظَرُ فِي قَصْدِ التَّعْلِيقِ وَقَصْدِ التَّنْجِيزِ وَعَدَمِ الْقَصْدِ وَيُعْمَلُ بِمَا قَرَّرْنَاهُ وَأَمَّا إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فَغَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَرَّرْنَاهُ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّا إذَا أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ بِهَذَا الْإِبْرَاء فَكَانَ الْإِبْرَاء فَاسِدًا مَا حُكْمُهُ جَوَابُهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ كَمَا قَرَّرْنَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ عِنْد عَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاء لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ قَصَدَ التَّنْجِيزَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا أَثَرَ لِفَسَادِ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّعْلِيقِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلَوْ كَانَ مَا يَحْكِيهِ الْقَاضِي حُسَيْن فِي فَتَاوِيهِ مُعْتَمَدًا لَكَانَ يَلْزَمُ أَنَّ مَنْ بَاعَ مَتَاعَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ عَلَى الْمُشْتَرِي عِوَضًا تَحْقِيقًا وَلَمَّا اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ الْمَشْهُورَةُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ لِلتَّقْدِيرِ كَذَلِكَ يَكُونُ الطَّلَاقُ بَعُوضٍ تَقْدِيرِيّ فَيَقَعُ بَائِنًا وَإِنَّمَا قُلْت اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ الْمَشْهُورَةُ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ لِأَنَّ فِي شَرْحِ الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ.

فَرْعٌ بَاعَ الضَّامِنُ ثَوْبَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِ وَجْهَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّافِعِيُّ وَلَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ عِلَّةَ هَذَا الْوَجْهِ الصَّائِرِ إلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَتَوْجِيهِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَيْعِ عِوَضٌ تَحْقِيقِيٌّ وَهَذَا التَّخَيُّلُ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ تَقَعُ بِعِوَضٍ تَحْقِيقِيٍّ وَبِعِوَضٍ تَقْدِيرِيٍّ وَكَأَنَّ الصَّدَاقَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ قَدْ تُعُوِّضَ عَنْ الطَّلَاقِ بِسُقُوطِهِ عَنْهُ وَهَذَا عِوَضٌ تَقْدِيرِيٌّ فَوَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَتَى لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاء لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ هُنَا بِلَا خِلَافٍ.

وَيُشْتَرَطُ هُنَا عِلْمُ الزَّوْجَيْنِ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ هَذَا جَوَابُ الشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ فَإِذَا كَانَ أَهْلُ هَذِهِ الشَّاغِرَةِ لَا يَعْرِفُونَ إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَبْرِئِينِي مِنْ صَدَاقِك أَوْ أَبْرِئِينِي وَفِي نِيَّتِهِ مِنْ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ فَقَالَتْ أَبْرَأك اللَّهُ أَوْ أَبْرَأْتُك فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَفِي عُرْفِهِمْ أَنَّهَا إذَا أَبْرَأَتْهُ صَحَّ طَلَاقُهَا وَإِذَا قَالَتْ لَمْ أَعْرِفْ مَهْرِي وَادَّعَتْ فَسَادَ الْبَرَاءَةِ رُجِعَ إلَى مَا فِي نِيَّتِهِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا طَمَعًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّته فَإِذَا ادَّعَتْ فَسَادَ الْبَرَاءَةِ وَأَسْنَدَتْ قَوْلَهَا إلَى مُسْتَنَدٍ صَحِيحٍ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا مِثَالُ إنْكَارِهَا لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْوَلِيُّ.

وَهِيَ بَعِيدَةٌ عَنْ إيجَاب النِّكَاحِ وَتَكُونُ هِيَ قَدْ أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ وَأَطْلَقَتْ الْوَكَالَة وَلَمْ تَذْكُرْ مَهْرًا وَهَلْ نَأْخُذُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ أَنِّي لَمْ أُطَلِّقْهَا ثَلَاثًا إلَّا ظَانًّا أَنَّ ذِمَّتِي خَلَصَتْ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ لَمْ أُقِرَّ بِهِ إلَّا أَنِّي طَمِعْت فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِي مِنْ الصَّدَاقِ فَهَلْ إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَامِّيًّا لَا يَعْرِف شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ فَهَلْ يَدِينُ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ مُتَوَسِّطًا أَوْ عَامِّيًّا لَا يَعْرِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَذَاكَ.

وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَقَعُ عِنْد الْجَهَالَةِ بِالْمُبَرَّإِ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيّ فَهَلْ يَحْلِفَانِ أَعْنِي الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ أَجْمِعُوا لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الصَّحِيحَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى وَهَلْ يَجُوزُ لِلَّذِي يُظَنُّ أَنَّ عِنْده بَعْضَ نَظَرٍ فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُفْتِي بِمَا هُوَ مُقَلِّدٌ فِيهِ فَإِنِّي نَظَرْت لِلْقَفَّالِ فِي هَذَا أَنَّهُ يُجَوِّزُ ذَلِكَ فَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ يَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً جَازِمَةً وَهُوَ أَعْنِي الْمُقَلِّدَ يَتْبَع فِي ذَلِكَ تَصْحِيحَ الشَّيْخَيْنِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ بِأَنَّ الَّذِي أَفْتَيْت بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ فِيمَنْ سَأَلَتْهُ زَوْجَتُهُ الطَّلَاقَ فَقَالَ لَهَا أَبْرِئِينِي فَقَالَتْ لَهُ أَبْرَأْتُك أَوْ أَبْرَأَكَ اللَّهُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ تَلَفُّظِهَا بِالْإِبْرَاءِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ كَوْنِهِ بَرِئَ مِمَّا طَلَبه مِنْهَا بِقَوْلِهِ أَبْرِئِينِي مِنْ دَيْنِك مَثَلًا وَعِلْمًا بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>