يَشْهَدْنَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ وَلِوَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ فِيهِ مِنْهُ لِأَقَلِّ الْحَمْلِ وَإِنْ سَأَلَتْ يَمِينَهُ أَحَلَفْنَاهُ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ أَحَلَفْنَاهَا وَلَحِقَهُ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ لَمْ يَلْحَقْهُ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَلَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ وَلَمْ أُصِبْهَا قِيلَ لَهُ قَدْ تَخَطَّى فَلَا يَكُونُ حَمْلًا وَيَكُونُ صَادِقًا وَهِيَ غَيْرُ زَانِيَةٍ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ فَمَتَى اسْتَيْقَنَا أَنَّهُ حَمْلٌ قُلْنَا لَهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَأْخُذَ نُطْفَتَك فَتُدْخِلُهَا فَتَحْمِلُ مِنْكَ فَتَكُونُ صَادِقًا بِأَنَّك لَمْ تُصِبْهَا وَهِيَ صَادِقَةٌ بِأَنَّهُ وَلَدُك وَإِنْ قُذِفَتْ لَاعَنَتْ وَإِنْ نَفَى وَلَدَهَا وَقَالَ لَا أُلَاعِنُهَا وَلَا أَقْذِفُهَا لَمْ يُلَاعِنْهَا وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ
وَإِنْ قَذَفَهَا لَاعَنَهَا لِأَنَّهُ إذَا لَاعَنَهَا بِغَيْرِ قَذْفٍ فَإِنَّمَا يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ تَلِدْهُ وَقَدْ عَلِمَتْ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى اللِّعَانَ بِالْقَذْفِ فَلَا يَجِبُ بِغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنَّهَا غَصَبَتْهُ لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ فَإِذَا الْتَعَنَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَلَا يَلْحَقُهُ إلَّا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ وَلِوَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ فِيهِ مِنْهُ لِأَقَلِّ الْحَمْلِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفْي وَالِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي هُوَ أَبْلَغُ طُرُقِ الْحَصْرِ تَجِدهُ صَرِيحًا فِيمَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إلَّا إنْ ثَبَتَتْ وِلَادَتُهُ عَلَى فِرَاشِهِ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُشْتَمِلٌ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا سَاقَهُ قَالَ عَقِبَهُ وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلُ إحْدَاهَا سُئِلَ فَقَالَ لَمْ أُرِدْ قَذْفَهَا وَإِنَّمَا الْتَقَطَتْهُ أَوْ اسْتَعَارَتْهُ وَلَمْ تَلِدْ عَلَى فِرَاشِي فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ بِالْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ وَهِيَ شَاهِدَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ أَرْبَع نِسْوَة وَلَوْ طَلَبَتْ يَمِينه أُحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ فَذَاكَ وَإِنْ نَكَلَ أُحْلِفَتْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِهِ: فَتَحْلِفُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهَا وَلَا يَنْتَفِي وَإِنَّمَا التَّدَاعِي بَيْنَهُمَا فِي الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ وَفِي أَنَّهَا وَلَدَتْهُ أَمْ لَا وَلِذَا إنَّمَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَذْكُر ابْنُ الْعِمَادِ الرَّافِعِيِّ غَيْرَهُ وَقَالَ الْفُورَانِيُّ إنْ نَفَى وِلَادَتَهُ عَلَى فِرَاشِهِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَإِنْ قَالَ لَيْسَ هُوَ بِوَلَدٍ لِي حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ ثُمَّ إنَّمَا يَلْحَقُهُ إذَا حَلَفَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُحْلِفْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ حُدُوثُهُ عَلَى الْفِرَاشِ أَيْ وَلِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ لَا تُرَدُّ اهـ.
الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ شَرْحًا لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ ثُمَّ إنَّمَا يَلْحَقُهُ إذَا حَلَفَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ تَجِدُهُ مُصَرِّحًا بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ النَّصُّ وَهُوَ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا الثَّانِيَةُ أَيْ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ الْمَذْكُورُ إذَا قَالَ لَمْ أُرِدْ قَذْفَهَا بَلْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنِّي بَلْ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلِي فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُمَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَاذِفًا وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ كَالْبَنْدَنِيجِيِّ وَسُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَالتَّقْرِيبِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَصَّ الْمَقْدِسِيُّ فِي التَّهْذِيبِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَ ذَلِكَ قِيلَ هَذَا الْبَيَانُ غَيْرُ مَقْبُول فَبَيَّنَهُ بِمَا يُمْكِنُ لِيُقْبَل وَإِنْ عُرِفَ لَهَا زَوْجٌ فَإِمَّا أَنْ يُعْرَفَ وَقْتُ طَلَاقِهِ وَعَقْدُ الثَّانِي وَوَقْتُ الْوِلَادَةِ، أَوْ لَا يُعْرَفُ فَإِنْ عَرَفْنَا جَمِيعَ ذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أُلْحِقَ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ أَيْ عَلَى قَوْلِ الْأَصَحِّ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ لِلثَّانِي لِانْقِطَاعِ فِرَاشِ الْأَوَّلِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْعِدَدِ وَإِنْ جُهِلَ وَقْتُ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَعَقْدُ الثَّانِي وَوَقْتُ الْوِلَادَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ وَفِي كَيْفِيَّتِهَا وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَالثَّانِي أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَانٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ مِنْهُ أَيْ فَتُخَيِّرُهُ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يُعْتَرَضُ لِكَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَإِذَا حَلَفَ انْتَفَى عَنْهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ كَمَا سَبَقَ عَنْ نَصِّهِ اهـ.
الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ قَوْلَ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَنْ مَعَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ قِيلَ هَذَا الْبَيَانُ إلَخْ أَيْ: قَوْلُك لَيْسَ مِنِّي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تُبَيِّنَ سَبَبَ انْتِفَائِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute