عَنْ فِرَاشِك مِنْ عَدَمِ وِلَادَتِهِ عَلَيْهِ، أَوْ عَدَمِ إمْكَانِهِ مِنْك لِكَوْنِهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مُدَّةِ أَقَلّ الْحَمْلِ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ حَتَّى تُقْبَلَ دَعْوَاك أَنَّهُ لَيْسَ مِنْك فَإِذَا فَهِمَتْ أَنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ كَانَ كَلَامُهُمْ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ لِدُونِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ يُقْبَلُ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا قَوْلَهُمْ الْمُوَافِق لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ وَعِبَارَة أَصْلِهَا أَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهَا فِي ذَلِكَ إذَا جَهِلَ وَقْتَ طَلَاق الْأَوَّلِ وَوَقْت عَقْدِ الثَّانِي وَوَقْتَ الْوِلَادَة فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَانِ يَسْتَحِيلُ كَوْنه مِنْهُ تَجِدُهُ صَرِيحًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا وَوَجْهُ صَرَاحَتِهِ أَنَّ فِرَاشَ الْأَوَّلِ قَدْ انْقَطَعَ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَالْفِرَاشُ لَيْسَ إلَّا لِلثَّانِي وَقَدْ جَهِلْنَا أَنَّ وِلَادَةَ هَذَا الْوَلَد عَلَيْهِ لِزَمَنٍ يُمْكِنُ كَوْنه مِنْهُ، أَوْ لَا فَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ فِي أَنَّهُ وُلِدَ لِزَمَنٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ لِدُونِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مَثَلًا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُدَّةَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْوِلَادَةِ إذَا جُهِلَتْ لَا تَكُونُ الْوِلَادَةُ عَلَى الْفِرَاشِ سَبَبًا لِلْإِلْحَاقِ بِذِي الْفِرَاشِ إلَّا إنْ ثَبَتَتْ أَنَّهَا لِمُدَّةِ أَقَلِّ الْحَمْلِ فَأَكْثَرُ وَصَرَاحَةُ مَا تَقَرَّرَ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ لَا تَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرْته وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الَّتِي فِي السُّؤَالِ شَرْحُهَا مَا ذَكَرْته بِقَوْلِي عَنْهُمْ إذَا جَهِلَ وَقْتَ طَلَاق الْأَوَّلِ وَوَقْتَ عَقْدِ الثَّانِي وَوَقْتَ الْوِلَادَةِ إلَخْ وَعِبَارَةُ أَصْلهَا أَظْهَرُ فِي ذَلِكَ مِنْ عِبَارَتهَا وَهِيَ وَإِذَا لَمْ نَعْرِفْ وَقْتَ فِرَاقِ الْأَوَّلِ وَنِكَاحِ الثَّانِي فَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَحُصُولُ الْإِمْكَانِ شَرْطٌ لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي نِكَاحِهِ لِزَمَانِ الْإِمْكَان أَيْ فَحِينَئِذٍ يَلْحَقُهُ وَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ الْمُحْصَنَاتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ تَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ انْتَهَتْ مُلَخَّصَةً
وَقَوْلُهُ: فَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ أَيْ بِالثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَقَوْله لِأَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّ إمْكَانَ الْوِلَادَةِ مِنْهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَهَذَا نَصُّ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلِمْت أَنَّ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرَهُمَا قَرَّرُوا أَنَّ الْوَلَدَ عَلَى فِرَاشِ الثَّانِي وَأَنَّ حُصُولَ الْإِمْكَانِ مَعَ كَوْنِ الْوَلَدِ عَلَى الْفِرَاش شَرْطٌ فِي لُحُوقِهِ بِذَلِكَ الْفِرَاشِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرَطَ عِنْدَ الْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَد وَإِنْ كَانَ عَلَى فِرَاشِهِ وَهَذَا هُوَ عَيْنُ مَا قَدَّمْته عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُوَافِقِ لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ فُقَهَاءِ جِهَةِ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِمَا وَبِمَا قَرَّرَتْهُ فِيهِ عَلِمْت دَلَالَتَهُ الْوَاضِحَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ هُنَا فِرَاشَانِ فَإِذَا نُفِيَ عَنْ الثَّانِي كَمَا ذَكَرَ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ بِخِلَافِ صُورَةِ السُّؤَالِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ فِرَاش الزَّوْجِ ضَيَاعُ نَسَبِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالنَّسَبُ يُحْتَاطُ لَهُ مَا أَمْكَنَ قُلْت إذَا تَأَمَّلْت قَوْلَهُمْ السَّابِقَ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يَتَعَرَّضُ لِكَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ خَيَالٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ جَهِلَ وَقْت طَلَاقِ الْأَوَّلِ فَالْإِلْحَاقُ بِهِ مُسْتَحِيلٌ لِلْجَهْلِ بِوَقْتِ طَلَاقِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ الِانْتِفَاءِ عَنْ الثَّانِي هُنَا الْإِلْحَاقُ بِالْأَوَّلِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَسَاوَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ صُورَةَ السُّؤَالِ فِي أَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ ذِي الْفِرَاشِ فِيهِمَا وَإِنْ شَاعَ نَسَبُهُ وَقَدْ صَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلُّحُوقِ بِالْفِرَاشِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا لَوْ قَالَ هَذَا وَلَدِي مِنْ أَمَتِي وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِي فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا لَحِقَهُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لَا بِالْإِقْرَارِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِمْكَانُ وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ عِنْدَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ صَرَائِحُ بَيِّنَةٌ فِي أَنَّ الْفِرَاشَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِكَافٍ فِي الْإِلْحَاقِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ تَحَقُّقِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَاتِهِمْ هَذِهِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ وَالشُّرُوطُ لَا بُدَّ مِنْ تَيَقُّنِهَا أَوْ ظَنِّهَا الْمُسْتَصْحَبِ بَعْدَ تَيَقُّنِ وُجُودِهَا وَعِنْدَ وُجُودِ الْفِرَاشِ وَالشَّكِّ فِي أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ
أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مُوجِبُ الْإِلْحَاقِ أَصْلًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْفِرَاشَ وَحْدَهُ غَيْرُ كَافٍ وَأَنَّ الْإِمْكَانَ عِنْدَ الشَّكِّ غَيْرُ مَوْجُودٍ يَقِينًا وَلَا ظَنَّا وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ لَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ وَالْمُرَادُ الشَّكُّ فِي أَصْلِ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَمَا نَقَلَهُ فِي السُّؤَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute