للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَلَفَا يَمِينًا بِالطَّلَاقِ يَحْنَثَانِ أَوْ لَا كَمَا إذَا حَلَفَ ظَانًّا أَنَّهُ صَادِقٌ فَبَانَ خِلَافُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ زَوْجَتَهُ فَوَكَّلَ هَلْ يَحْنَثُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَحْنَثُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ وَالرَّجْعَةُ وَإِنْ كَانَتْ اسْتِدَامَةً فِي كَثِيرٍ مِنْ الصُّوَرِ إلَّا أَنَّهُمْ نَزَّلُوا فِعْلَ الْوَكِيلِ فِي بَابِ النِّكَاحِ كَفِعْلِ الْمُوَكِّلِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَخَافُ فُلَانًا فَهَلْ يَحْنَثُ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبِقَوْلِهِ الْخَوْفُ مِنْ الْأُمُورِ الْقَلْبِيَّةِ الَّتِي لَا اطِّلَاعَ عَلَيْهَا إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِمَا عِنْدَهُ فَإِنْ خَافَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرَائِنُ عَلَى خَوْفِهِ مِنْهُ إذْ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِالْقَرَائِنِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ فَرْطُ هُجُومٍ وَإِقْدَامٍ فَلَا يَخَافُ مَنْ قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ وَنَفَذَتْ كَلِمَتُهُ وَظَهَرَتْ دَوْلَتُهُ وَهَذَا يُشَاهَدُ كَثِيرًا أَعْنِي أَنَّ بَعْضَ مَنْ لَهُمْ قُوَّةُ جَرَاءَةٍ قَدْ يُقْدِمُونَ عَلَى الْأَشْيَاءِ الْمَهُولَةِ جِدًّا الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الْقَتْلِ فَوْرًا عَادَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ خَوْفٌ مِنْهَا وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ الشُّجَاعَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الْمُوَرِّثَةُ لِعَظِيمِ الْإِقْدَامِ أَوْ خَوْضِ الْمَهَالِكِ نِسْيَانَ الْعَوَاقِبِ فَمَنْ نَسِيَ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِي كُلِّ مَهْلَكَةٍ وَمَخُوفَةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ خَوْفٍ وَلَا فَزَعٍ وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي هَذَا رَدًّا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ لَا أَخَافُ وَدَلَّ الْحَالُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ إمَّا بِقُوَّةِ شَوْكَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ شِدَّةِ بَأْسِهِ أَوْ فَرْطِ هُجُومِهِ فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ ظَاهِرَهُ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا لَفْظُهُ قَالَ السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ أَفْضَلُ الصِّيَغِ لِلْحَمْدِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ أَفْضَلَ صِيغَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ وَلِي فِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى وَدَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ أَنَّ أَفْضَلَهَا يَا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِك وَعَظِيمِ سُلْطَانِك وَمَا قَالَهُ اخْتِيَارٌ لَهُ بِأَنَّهَا أَوَّلُ كِتَابِ اللَّهِ الْعَزِيزِ وَآخِرُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَلَوْ ضُمَّ إلَيْهَا مَا ذَكَرْتُهُ لِيَصِيرَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ لَزَادَ اتِّضَاحُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ وَلَدِهِ عَلَمِ الدِّينِ يَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَ مَا قَالَهُ وَمَا قَالُوهُ لِيَصِيرَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ وَعَلَى كُلٍّ فَيَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَ مَا قُلْته وَمَا قَالَهُ وَمَا قَالُوهُ وَهُوَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُسَكِّنُ فُلَانًا دَارِهِ فَأَجَّرَهُ الدَّارَ جَاهِلًا الْحَلِفَ أَوْ عَامِدًا فَهَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا فَهَلْ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يُرْفَعَ إلَى حَاكِمٍ يَأْمُرُهُ بِالْإِسْكَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِجَارَةِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ إذَا أَجَّرَهُ نَاسِيًا الْحَلِفَ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ ذَاكِرًا لَهُ حَنِثَ وَجَهْلُ الْحُكْمِ لَيْسَ بِعُذْرٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَإِذَا لَمْ يَحْنَثْ وَصَحَّ إيجَارُهُ فَرَفَعَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِحَاكِمٍ فَأَلْزَمَهُ بِتَمْكِينِهِ مِنْ السَّكَنِ فَسَكَنَ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالْإِكْرَاهِ الْحِسِّيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ فَكَالَمَتْهُ ثُمَّ حَذَفَتْهُ بِنَعْلِهَا فَحَذَفَهَا بِنَعْلِهِ فَأَصَابَهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَمْ لَا كَمَا مَالَ إلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِ الْعَصْرِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الضَّرْبِ غَيْرُ حَقِيقَةِ الْحَذْفِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ اللُّغَوِيِّينَ وَاسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْعُرْفِ قَالَ فَكَانَ حَقِيقَةُ الضَّرْبِ صَدْمَ الْمَضْرُوبِ بِالْآلَةِ مَعَ اتِّصَالِهَا بِالضَّارِبِ وَالْمَضْرُوبِ وَفِي الْحَذْفِ يَحْصُلُ الصَّدْمُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْحَاذِفِ فَافْتَرَقَا وَأَوْرَدَ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا الْوَكْزَ بِالضَّرْبِ.

وَالْوَكْزُ فِي الْقَامُوسِ هُوَ الدَّفْعُ وَالطَّعْنُ وَالضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْوَكْزِ بِمَعْنَى الدَّفْعِ وَالدَّفْعُ لَيْسَ فِيهِ الِاتِّصَالُ الَّذِي شُرِطَ فِي الضَّرْبِ فَلْيَكُنْ الْحَذْفُ مِثْلَهُ أَوْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ الدَّفْعِ قُلْت إنَّمَا وَقَعَ الْحِنْثُ بِالْوَكْزِ الَّذِي هُوَ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ لِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الضَّرْبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الدَّفْعِ أَنْ يَقَعَ الْحِنْثُ بِالدَّفْعِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>