للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِذَلِكَ قَاضٍ بِأَنَّ بَيْنَ الضَّرْبِ وَالرَّمْيِ اتِّحَادًا حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِمَا قَالُوهُ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْآخَرِ الْخَامِسُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ وَغَيْرَهُ فَرَّقُوا بَيْنَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ فِي لَأَضْرِبَنَّهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ وَبَيْنَ اتِّفَاقِهِمْ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِيلَامِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَدِّ الزَّجْرُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِيلَامِ وَالْيَمِينُ تَتَعَلَّقُ بِالِاسْمِ وَهُوَ صَادِقٌ مَعَ عَدَمِ الْإِيلَامِ وَلِهَذَا يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ وَهَذَا أَيْضًا قَاضٍ بِأَنَّ كُلَّ مَا كَفَى فِي الْجَلْدِ أَوْ التَّعْزِيرِ أَوْ الرَّجْمِ كَفَى فِي الْيَمِينِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا اتِّحَادًا غَيْرَ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ إلَّا إذَا كَانَ مَا يَكْفِي فِي الْأَخَصِّ وَهُوَ الْحَدُّ يَكْفِي فِي الْأَعَمِّ وَهُوَ الْيَمِينُ وَلَمَّا أَتْمَمْت ذَلِكَ ظَفِرْت بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ وَفَضْلِهِ وَمَعُونَتِهِ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ كَمَا قُلْته فَقَدْ صَرَّحَ بِهَا الْخُوَارِزْمِيُّ عَلَى جِهَةِ نَقْلِ الْمَذْهَبِ الَّذِي كَافِيهِ مِنْ أَجْلِ الْمُصَنَّفَاتِ فِيهِ وَعِبَارَتُهُ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ كَمَا فِي تَوَسُّطِ الْأَذْرَعِيِّ عَنْهُ وَلَوْ رَفَسَهَا بِرِجْلِهِ أَوْ رَمَاهَا بِحَجَرٍ طَلُقَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا أَصَابَهَا الْحَجَرُ. اهـ. وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْكَافِي بِلَا شَكٍّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَجِدْهَا عَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَبِهَا يَنْدَفِعُ جَمِيعُ مَا مَرَّ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَيَتَّضِحُ مَا رَدَدْت بِهِ عَلَيْهِ وَتَأَمَّلْ مَا قَدَّمْته عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَئِمَّةِ اللُّغَةِ تَجِدْهُ دَلِيلًا ظَاهِرًا لَهَا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَلْهَمَنَا مُوَافَقَةَ أَئِمَّتِنَا فِي الْحُكْمِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَهَدَانَا لِمَا هَدَاهُمْ إلَيْهِ وَأَمَدَّنَا بِأَنْ ذَكَّرَنَا لِمَا قَالُوهُ وَوَافَقْنَاهُمْ فِيهِ أَدِلَّةً ظَاهِرَةً وَاضِحَةً جَلِيَّةً لَائِحَةً لَا يَمْتَرِي فِيهَا مُنْصِفٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا مُعَانِدٌ وَلَا مُتَعَسِّفٌ فَلَهُ الْحَمْدُ كَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى سُبْحَانَهُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا أَبِيعُ كَذَا وَأُفَصِّلُهُ لِنَفْسِي بَعْدَ أَنْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ أَنْتَ تَأْخُذُ هَذَا تَبِيعُهُ فَهَلْ لَوْ فَصَّلَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ فِي الْوَاوِ فِي وَأُفَصِّلُهُ أَنَّهَا لِلِاسْتِئْنَافِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ وَهِيَ قَوْلُ الزَّوْجَةِ خِطَابًا لَهُ أَنْتَ تَأْخُذُ هَذَا تَبِيعُهُ وَحِينَئِذٍ فَالْحَلِفُ إنَّمَا هُوَ عَلَى نَفْيِ الْبَيْعِ فَلَا يَحْنَثُ بِتَفْصِيلِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا قُبِلَ مِنْهُ ادِّعَاءَ الِاسْتِئْنَافِ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ وَالْقَرِينَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاسْتِئْنَافَ فَتَارَةً يَنْوِي الْحَلِفَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ وَيَمْضِي بَعْدَ الْيَمِينِ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُفَصِّلَهُ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَيَحْنَثُ بِتَفْصِيلِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا أَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَوَاضِحٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِيهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْبَيْعِ وَتَلَفُهُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ فَلِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُوَ مُفَادُ الْوَاوِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهَا فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ يَشْهَدُ اللَّهُ لَا أُجِيبُ إلَى كَذَا عَازِمًا عَلَى عَدَمِ الْإِجَابَةِ فَلَوْ تَغَيَّرَ عَزْمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَجَابَ مَاذَا يَلْزَمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَتَّجِهُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْنِدْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا يَتَضَمَّنُ الْحَلِفَ فَلَيْسَ كَأُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ عَلَى أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَ اشْتَهَرَ فِي الْيَمِينِ فَانْعَقَدَتْ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ الثَّانِي فَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ إلَّا إنْ نَوَاهَا وَقَالُوا فِي أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فِي اللِّعَانِ إنَّهُ صَرِيحٌ.

فَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي إسْنَادِ الشَّهَادَةِ إلَى نَفْسِهِ وَمَا فِي السُّؤَالِ لَمْ يُسْنِدْهَا إلَيْهِ فَلْتَكُنْ لَغْوًا وَأَيْضًا فَكَلَامُهُمْ نَاطِقٌ فِي اللِّعَانِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ يَشْهَدُ اللَّهُ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ إلَخْ يَكُونُ لَغْوًا وَأَيْضًا فَصَرَّحُوا فِي أُقْسِمُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ صِلَتِهِ وَمِثْلُهُ أَشْهَدُ بِالْأَوْلَى لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ هَذَا بِأَنَّهُ لَغْوٌ فَإِذَا كَانَ أَشْهَدُ لَغْوًا لِعَدَمِ ذِكْرِ الصِّلَةِ مَعَ إسْنَادِهِ إلَى النَّفْسِ فَيُشْهِدُ اللَّهَ كَذَلِكَ وَأَوْلَى.

وَمِمَّا تَرْجَمَ بِهِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ أَنَّ مَنْ قَالَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فَعَلْت كَذَا وَكَانَ فَعَلَهُ كَفَرَ لِأَنَّهُ نَسَبَ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعِلْمَ عَلَى الْخِلَافِ الْوَاقِعِ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِالْعَالِمِ الْمُتَعَمِّدِ لِذَلِكَ فَمَحَّضُوهُ لِلْإِخْبَارِ لَا لِلْإِنْشَاءِ وَهُوَ فِي الْمَاضِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْكَذِبُ فَحُكِمَ عَلَى قَائِلِهِ بِالْكُفْرِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَإِنَّهُ مَحْضُ إخْبَارٍ عَمَّا سَيَقَعُ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ كَذِبٌ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عِنْدَ إخْلَافِهِ هَذَا مَا تَيَسَّرَ الْآن وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ رَأَى وَتَسَلَّمْ ثُمَّ أَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ وَطَلَبَ يَمِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>