وَلَا وَقْفٌ لَهُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ نَذَرَ عَلَى آخَرَ بِقِطْعَةٍ مِنْ دَارِهِ ثُمَّ مَنَعَ النَّاذِرُ الْمَنْذُورَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُرُورِ فِي الدَّارِ إلَى الْقِطْعَةِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَحْتَاجُ إلَى مُقَدِّمَةٍ وَهِيَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ بَيْعَ الْإِنْسَانِ لِقِطْعَةٍ مِنْ أَرْضٍ مَحْفُوفَةٍ بِمِلْكِهِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ صَحِيحٌ وَلِلْمُشْتَرِي الْمَمَرُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِعْتُكَهَا بِحُقُوقِهَا لِتَوَقُّفِ النَّفْعِ عَلَيْهَا فَهُوَ كَبَيْعِهَا بِحُقُوقِهَا فَإِنْ شَرَطَ الْمَمَرَّ مِنْ جَانِبٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ أَوَنَفَاهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ حَالًّا.
وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ لَهُ بَعْدُ وَشَرَطَ الْبَغَوِيّ عَدَمَ إمْكَانِ تَحْصِيلِهِ وَحَيْثُ اشْتَرَى مَا يَلِي مِلْكَهُ أَوْ الشَّارِعَ مَرَّ فِي أَحَدِهِمَا لَا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا وَمَنْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا مَرَّ مِنْهَا إلَيْهِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِمِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَإِنْ نَفَى الْمَمَرَّ وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ كَبَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ هِبَتُهُ وَمَا لَا فَلَا غَالِبًا فِيهِمَا وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ نَحْوُ حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ فَتَجُوزُ هِبَتُهُمَا وَإِنْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي التَّصْدِيقِ بِتَمْرَةٍ أَوْ بِشِقِّهَا فَكَذَا فِي الْهِبَةِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ سَبْقُ قَلَمٍ أَوْ وَهْمٌ لِمَا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ مَا لَا يَتَمَوَّلُ لِحَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ زَبِيبَةٍ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ. اهـ. وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَلْ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ بِهِبَتِهِ نَقْلَ الْيَدِ عَنْهُ كَمَا مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَالثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ تَمْلِيكَهُ لِتَعَذُّرِ تَمْلِيكِهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَنَذْرُ قِطْعَةِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى بَيْعِهَا فَيَأْتِي فِي نَذْرِهَا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَيْعِهَا فَيَصِحُّ النَّذْرُ بِهَا وَإِنْ احْتَفَتْ بِمِلْكِ النَّاذِرِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ وَلِلْمَنْذُورِ لَهُ الْمَمَرُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ النَّاذِرُ بِحُقُوقِهَا وَيَبْطُلُ إنْ شَرَطَ لَهُ الْمَمَرَّ مِنْ جَانِبٍ مُبْهَمٍ أَوْ نَفَاهُ وَإِذَا نَذَرَ لَهُ بِمَا يَلِي مِلْكَهُ أَوْ الشَّارِعَ مَرَّ فِي أَحَدِهِمَا لَا فِي مِلْكِ النَّاذِرِ إلَّا أَنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا وَمَنْ نَذَرَ بِدَارٍ وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا مِنْهَا مَرَّ مِنْهُمَا إلَيْهِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِمِلْكِهِ أَوْ بِشَارِعٍ فَإِنْ نَفَى الْمَمَرَّ وَلَمْ يَكُنْ تَحْصِيلُهُ لَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ هَذَا كُلُّهُ مَا يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ النَّذْرِ عَلَى الْبَيْعِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يَقْتَضِي الْمِلْكَ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى هِبَتِهَا فَيَأْتِي فِي نَذْرِهَا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هِبَةِ مَا لَا يَتَمَوَّلُ فَعَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ يَصِحُّ نَذْرُهَا مُطْلَقًا وَلِلْمَنْذُورِ لَهُ الْمَمَرُّ إلَيْهَا مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِمِلْكِهِ أَوْ بِالشَّارِعِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الْمُرُورِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَمَّا عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ الْحَمْلِ فَلَا يَأْتِي ذَلِكَ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالنَّذْرِ بِهَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهَا بِأَنْ شَرَطَ النَّاذِرُ عَدَمَ الْمَمَرِّ إلَيْهَا مِنْ مِلْكِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ آخَرَ لَهَا نَقْلُ الْيَدِ عَنْهَا لَا تَمْلِيكُهَا وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ
وَكَذَا عَلَى مَا بَحَثْنَاهُ إنْ أَرَادَ بِالنَّذْرِ بِهَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ تَمْلِيكَهَا فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِهَا وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ هُوَ الثَّانِي أَعْنِي قِيَاسَ النَّذْرِ عَلَى الْهِبَةِ لَا عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنَّذْرِ تَجَانُسًا أَعَمَّ وَهُوَ مُطْلَقُ إفَادَةِ الْمِلْكِ وَبَيْنَ النَّذْرِ وَالْهِبَةِ تَجَانُسًا أَخَصَّ وَهُوَ إفَادَةُ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا قُرْبَةً بِذَاتِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّشَابُهَ الْأَخَصَّ أَوْلَى رِعَايَةً مِنْ التَّشَابُهِ الْأَعَمِّ فَكَانَ إلْحَاقُ النَّذْرِ بِالْهِبَةِ أَوْلَى وَأَحَقَّ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ نَذْرُ الْقِطْعَةِ الْمَذْكُورَةِ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الصُّورَةِ الَّتِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فِيهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمِنْهَاجِ وَكَذَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ غَيْرِهِ إنْ أَرَادَ نَقْلَ الْيَد لَا التَّمْلِيكَ وَلِلْمَنْذُورِ لَهُ الْمَمَرُّ مِنْ مِلْكِ النَّاذِرِ إلَيْهَا مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِمِلْكِهِ أَوْ بِشَارِعٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ نَذَرْت عَلَيْك بِكَذَا صِيغَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ لَا وَكَيْفَ كَيْفِيَّةُ الصِّيغَةِ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا لِمَنْ أَرَادَ النَّذْرَ بِمَالٍ عَلَى آخَرَ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ نَذَرْت مِنْ صَرَائِحِ النَّذْرِ لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ الْمُلْتَزَمُ قُرْبَةً أَوْ أُضِيفَ لِمَا يُتَقَرَّبُ بِهِ كَنَذَرْتُ لِلْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ نَذَرْت لِفُلَانٍ بِكَذَا قَالَ فَهَذِهِ مُحْتَمَلَةٌ لِلنَّذْرِ وَغَيْرِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهَا كِنَايَةٌ. اهـ. وَكَلَامُ الْأَنْوَارِ قَدْ يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا صَرِيحٌ مُطْلَقًا لِشُهْرَتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute