للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ وَيَحْفَظُ أَمْوَالَ الْغَائِبِينَ وَيَتَوَلَّى جَمِيعَ مَا يَتَوَلَّاهُ الْحُكَّامُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْقَرْيَةِ شَيْخٌ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ فِي أُمُورِهِمْ وَيُقَدِّمُونَهُ عَلَيْهِمْ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فَلَهُ أَنْ يُنَصِّبَ حَاكِمًا يَحْكُمُ بَيْنَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ كَمَا يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ وَنَائِبُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ شَيْخٌ وَلَا كَبِيرٌ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ فَلَهُمْ أَنْ يُنَصِّبُوا قَاضِيًا يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَيَصِحُّ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَتَنْفُذُ أَحْكَامُهُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ كُلِّهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَنْصُوبِ الْمَذْكُورِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي وَالشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ مَفْقُودَةٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ بَلْ مِنْ قَبْلِهِ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَحَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّ مَنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ فَاسِقًا لِلضَّرُورَةِ. وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِهَذَا الزَّمَانِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ تَعَذَّرَ مَنْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. قَالَ جَدِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي إذَا خَلَا بَلَدٌ عَنْ قَاضٍ وَخَلَا الْعَصْرُ عَنْ إمَامٍ فَقَلَّدَ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ أَوْ بَعْضُهُمْ بِرِضَا الْبَاقِينَ وَاحِدًا وَأَمْكَنَهُمْ نُصْرَتُهُ وَتَقْوِيَةُ يَدِهِ جَازَ تَقْلِيدُهُ وَلَوْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ تَقْلِيدُهُ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

قَالَ جَدِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسُئِلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ رَجُلٍ فِي بِلَادٍ لَيْسَ فِيهَا سُلْطَانٌ هَلْ يَجُوزُ حُكْمُهُ إذَا حَكَّمَهُ الْخَصْمَانِ

فَأَجَابَ إذَا حَكَّمَهُ الْخَصْمَانِ وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ وَكَانَ أَهْلًا لِلْحُكْمِ جَازَ وَنَفَذَ حُكْمُهُ وَسُئِلَ أَيْضًا بَعْضُ عُلَمَاءِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إمَامٌ مُوَلًّى وَرَضِيَتْ الْعَامَّةُ بِأَحْكَامِ رَجُلٍ عِنْدَهُمْ أَيَلْزَمُ حُكْمُهُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْلِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحَاكِمِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ وَلَا أَمِينِهِ هَلْ تَنْفُذُ أَحْكَامُ مَنْ رَضُوا بِهِ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ وَكَانَ فِيهَا رَجُلٌ عَالِمٌ أَوْ عَدْلٌ ثِقَةٌ مَرْضِيٌّ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاكِمِ وَتَرَاضَى بِهِ أَهْلُ الْبَلَدِ وَنَصَّبُوهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالشَّرْعِ فَأَحْكَامُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ فِي ذَلِكَ نَافِذَةٌ وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا لَا يَظْلِمُهُمْ. اهـ. جَوَابُهُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ إذَا تَأَمَّلْت هَذِهِ الْأَجْوِبَةَ وَجَدْتَ فِيهَا شُرُوطًا لَا تُوجَدُ فِيك وَلَا فِي الْمُوَلِّينَ فَلَا حَاجَةَ بِك إلَى الدُّخُولِ فِي وَرْطَةِ ذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِينَ يُوَلُّونَك لَيْسُوا أَهْلَ شَوْكَةٍ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى تَنْفِيذِ أَحْكَامِك وَإِنَّمَا يَأْخُذُونَ مِنْهَا مَا وَافَقَ أَغْرَاضَهُمْ وَمَا لَا يُوَافِقُهَا أَعْرَضُوا عَنْهُ وَيَسْتَحِيلُ فِيهِمْ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ مِنْ أَهْلِ بَجِيلَةَ وَنَوَاحِيهَا فَالْحَذَرُ أَنْ تَدْخُلَ فِي أُمُورِهِمْ إلَّا دُخُولَ السَّلَامَةِ بِأَنْ تَكُونَ مُصْلِحًا أَوْ يُحَكِّمَك الْخَصْمَانِ فِي أَمْرٍ ظَاهِرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمَذْهَبِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا بَأْسَ بِحُكْمِك بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَاحْذَرْ الدُّخُولَ فِيهِ إنْ أَرَدْت السَّلَامَةَ لِدِينِك وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُوَفِّقُنَا وَإِيَّاكَ لِمَرْضَاتِهِ آمِينَ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ نَاحِيَةٍ الْأَزْوَاجُ بِهَا وَالْأَوْلِيَاءُ لَا يُحْسِنُونَ عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَا يَهْتَدُونَ إلَى اللَّفْظِ الْمُوصِلِ إلَى حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَلَا يَعْرِفُونَ الشَّرَائِطَ وَالْأَرْكَانَ وَنَصَبَ الْقَاضِي بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ عَلَيْهِمْ مَنْصُوبًا يَلْفِظُ الزَّوْجَ وَالْوَلِيَّ عِنْدَ إرَادَةِ التَّنَاكُحِ الْأَلْفَاظَ الْمُوصِلَةَ إلَى حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَيَسْمَعُ بَيِّنَةَ مَنْ ادَّعَتْ طَلَاقًا مِنْ زَوْجٍ مُعَيَّنٍ وَيُحَلِّفُ مَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا خَلِيَّةٌ مِنْ الزَّوْجِ وَالْعِدَّةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَنَهَى أَنْ يَتَعَاطَى أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ ذَلِكَ غَيْرَ مَنْصُوبِهِ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعُ وِلَايَةٍ مِنْ حَيْثُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفِ وَغَيْرِهِمَا فَهَلْ يَجُوزُ لِبَعْضِ الْآحَادِ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ وَغَيْرِهِمْ مُجَاهَرَةُ الْقَاضِي بِالْمُخَالَفَةِ وَتَعَاطِي ذَلِكَ اسْتِبْدَادًا مِنْهُمْ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِالنَّهْيِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَزِّرَ مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لِلْإِيذَاءِ وَالْمُجَاهَرَةِ وَلِأَنَّهُ تَعَاطَى شَيْئًا لَمْ يَجُزْ لَهُ تَعَاطِيهِ كَمَا جَازَ تَعْزِيرُ مَنْ خَالَفَ تَسْعِيرَ الْإِمَامِ وَهَلْ يَكُونُ هَذَا أَوْلَى بِالتَّعْزِيرِ مِنْ مُخَالِفِ التَّسْعِيرِ لِأَنَّ فِي هَذَا مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُتَعَاطَى مِثْلُهُ إلَّا بِوِلَايَةٍ مِنْ حَيْثُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَيْضًا تَضْيِيقٌ عَلَى أَحَدٍ بِخِلَافِ مُخَالِفِ التَّسْعِيرِ فَإِنَّهُ جَازَ تَعْزِيرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>