للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْمُجَاهَرَةِ بِالْمُخَالَفَةِ مَعَ أَنَّ التَّسْعِيرَ حَرَامٌ وَفِيهِ نَوْعُ تَضْيِيقٍ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ.

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَاطَى ذَلِكَ الْمُتَفَقِّهُ أَوْ غَيْرُهُ عَقْدَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا أَوْ عَقْدَ مَنْ يَتَوَقَّفُ عَقْدُهَا عَلَى بَيِّنَةٍ أَوْ حَلِفٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي أَوْ السُّلْطَانِ عُزِّرَ عَلَى ذَلِكَ التَّعْزِيرِ الْبَلِيغِ وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ أَوْ عَقْدَ مَنْ لَهَا وَلِيٌّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَقْدُهَا عَلَى بَيِّنَةٍ وَلَا حَلِفٍ فَإِنْ نَهَاهُ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي وَقَدْ أَذِنَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ عُزِّرَ أَيْضًا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَوْ أَذِنَتْ لَهُ الْمُوَلِّيَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْهَ السُّلْطَانُ وَلَا أَذِنَ لِلْقَاضِي فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ نَهْيُ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ مُتَعَدٍّ بِالنَّهْيِ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ فِي مُخَالَفَتِهِ شَقٌّ لِلْعَصَا وَلَا خَشْيَةُ فِتْنَةٍ فَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَى الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُلْحَقَ بِهِ فِيهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ وَدَعْوَى أَنَّ أَهْلَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ لَا يُحْسِنُونَ الْعَقْدَ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُتَفَقِّهٍ يُحْسِنُ ذَلِكَ وَقَدْ وَكَّلَهُ الْوَلِيُّ فِي الْعَقْدِ بِشَرْطِهِ أَوْ لَقَّنَ كُلًّا مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ اللَّفْظَ الْوَاجِبَ فِي الْعَقْدِ وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَنَهْيُ الْقَاضِي مِثْلَ هَذَا عَمَّا ذُكِرَ حَرَامٌ عَلَيْهِ يَأْثَمُ بِهِ وَلَعَلَّ سَبَبَهُ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ جَهَلَةِ الْقُضَاةِ أَنَّهُمْ يُرَتِّبُونَ عَلَى الْعُقُودِ دَرَاهِمَ يَأْخُذُونَهَا مِنْ الزَّوْجِ وَمَعْلُومٌ إجْمَاعًا أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَفْسُقُ بِهِ الْقَاضِي وَيَنْعَزِلُ بِهِ وَلَقَدْ بَحَثَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ لِلزَّوْجَةِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُحَكِّمَا عَدْلًا يُزَوِّجُهَا بِهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ وَأَنَّ وُجُودَهُ كَفَقْدِهِ وَإِنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَشْهُورَةِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ فَغَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ» قَضَى لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَغْلَبِ حَالَيْهِ وَالْفُقَهَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَمْ يَقْضُوا لِلشَّخْصِ بِأَغْلَبِ حَالَيْهِ إلَّا فِي الصَّغَائِرِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَقَالُوا إنَّ الْقَاضِيَ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْعُمُومُ وَقَرِيبٌ مِنْ الْحَدِيثِ أَوْ فِي مَعْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ تُكَفِّرُ الصَّلَاةُ وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْوُضُوءُ بَعْضَ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ تَجِدْ صَغِيرَةً وَكَذَلِكَ الْعُبَابُ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ خَاتِمَةٌ قَدْ تُمْحَى الصَّغَائِرُ بِلَا تَوْبَةٍ بَلْ بِصَلَاةِ الْخَمْسِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَالِاسْتِغْفَارِ وَاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَقَدْ يَمْحُو نَحْوُ الصَّلَاةِ بَعْضَ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ يَجِدْ صَغِيرَةً بِأَنْ كَفَّرَهَا غَيْرُهَا. وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْفُقَهَاءِ لَا يَرَى ذَلِكَ بَلْ يَقُولُ إنَّ الْكَبِيرَةَ لَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ مِنْهَا وَلَا تَعُودُ الْعَدَالَةُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِسَنَةٍ وَإِنْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَمْ أَرَ لَهُ أَصْلًا وَلَا سَنَدًا فِي كُتُبِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمُعْتَمَدُ بَلْ فِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ عَذَابِ الْجَائِرِ وَقَبِيحِ فِعَالِهِ وَعَظَمَةِ عِقَابِهِ سَوَاءٌ أَغَلَبَ جَوْرَهُ عَدْلُهُ أَمْ لَا. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ لِأَنَّهُ بِنَاهُ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْلًا صَحِيحًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ وَلَّاهُ صَاحِبُ مِصْرٍ الْمُوَلَّى مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ إعْطَاءُ الْمَنَاصِبِ مَنْصِبًا ثُمَّ وَلَّى السُّلْطَانُ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْمَنْصِبِ فَمَنْ الْمُقَدَّمُ مَعَ أَنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يُصَرِّحْ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ وَهَلْ إذَا كَانَ الْعُرْفُ إلَّا تَأَخَّرَ تَارِيخُ مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَهُ يُعْمَلُ بِهِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَنْصِبَ لَا يُوَلَّى فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ كَانَتْ التَّوْلِيَةُ الثَّانِيَةُ رَافِعَةً لِلْأُولَى وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوَلِّي سَوَاءٌ أَصَرَّحَ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تَطَّرِدْ بِذَلِكَ عَادَةٌ أَوْ اطَّرَدَتْ بِأَنَّ مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ غَيْرُهُ قُدِّمَ مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى مُشَرِّفِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ثَانِيَ شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ عَنْ امْرَأَةٍ عَامِّيَّةٍ تَزْعُمُ أَنَّهَا شَافِعِيَّةٌ تَزَوَّجَتْ بِمُحَلِّلٍ وَذَكَرَتْ أَنَّ أَحَدَ شُهُودِ عَقْدِهَا قَالَ حَالَةَ الْعَقْدِ زَوِّجِي نَفْسَك مِنْهُ عَلَى كَذَا كَذَا دِينَارًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنَّهَا عَلِمَتْ ذَلِكَ وَاعْتَقَدَتْهُ وَرَضِيَتْ بِهِ فَزَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ وَقَبِلَ وَعِنْدَ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ حَصَلَ بَعْضُ انْتِشَارٍ لَهُ وَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلشُّهُودِ وَذُهِلَ الشُّهُودُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>