للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنَّ فِي سَدِّ الْبَابِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ الْحُلِيَّ إمَّا أَنْ تَسْتَوِيَ أَجْزَاؤُهُ أَوْ لَا فَإِنْ اسْتَوَتْ أَجْزَاؤُهُ جَازَتْ قِسْمَتُهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ أَنَّهَا إفْرَازٌ لِلْحَقِّ لَا بَيْعٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلُهُمْ الْغِشَّ مَقْصُودًا فِي بَابِ الْقِسْمَةِ كَالزَّكَاةِ وَالرِّبَا بِخِلَافِ الْمُعَامَلَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ لِأَنَّ الْغِشَّ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ إلَّا حَيْثُ جُعِلَتْ بَيْعًا وَأَمَّا حَيْثُ كَانَتْ إفْرَازًا فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخَيْنِ.

وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاؤُهُ امْتَنَعَتْ قِسْمَتُهُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ وَبَيْعُ بَعْضِ الْمَغْشُوشِ بِبَعْضِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَحَيْثُ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ اُشْتُرِطَ فِي قِسْمَةِ الرِّبَوِيِّ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَامْتَنَعَتْ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَمَا عَقَدَتْ النَّارُ أَجَزَاءَهُ قَالَ غَيْرُهُمَا وَنَحْو ذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ وَحَيْثُ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ جَازَتْ قِسْمَةُ ذَلِكَ أَيْ وَمِنْ ثَمَّ جَازَتْ قِسْمَةُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ وَامْتَنَعَتْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ قِسْمَةُ الْحُلِيِّ الْمَذْكُورِ إمَّا لِكَوْنِهَا بَيْعًا أَوْ لِكَوْنِهَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِالْكَسْرِ بَاعَهُ وَلَيُّ الْأَيْتَامِ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِذَهَبٍ إنْ كَانَ فِضَّةً أَوْ عَكْسَهُ لَا بِعَرْضٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَقَسَمُوا ثَمَنَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ شِرْكَتِهِمْ فِي الْمَبِيعِ هَذَا إنْ كَانَ الْبَيْعُ أَحَظَّ مِنْ إيجَارِهِ وَإِبْقَائِهِ لِمَنْ يَسْتَعْمِلهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ.

أَمَّا إذَا اسْتَوَى الْبَيْعُ وَالْإِيجَارُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْحَظِّ فَيَتَخَيَّرُ الْوَلِيُّ أَوْ الْأَوْلِيَاءُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِيجَارُ أَحَظَّ مِنْ الْبَيْعِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ الَّتِي لِلْمَحْجُورِ إذَا كَانَتْ مِنْ صُفْرٍ وَنَحْوِهِ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذَكَرُوهُ فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا لِخَوْفِ تَلَفِهِ أَوْ لِحَاجَةٍ نَحْوِ نَفَقَةٍ مَا لَمْ يَجِدْ قَرْضًا يَنْتَظِرُ مَعَهُ غَلَّةً تَفِي بِالْقَرْضِ أَوْ لِغِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ كَبَيْعِهِ بِزِيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ وَإِذَا كَانَتْ آنِيَةً نَحْوَ الصُّفْرِ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَاعْتَمَدَهُ فَلْيَكُنْ الْحُلِيُّ الْمَذْكُورُ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذَكَرنَا بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ الْأَوْلَى فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا لِأَحَدِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ الْخَوْفِ أَوْ الْحَاجَةِ أَوْ الْغِبْطَةِ وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ سَوَاءَ أَكَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ أَوْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ لِقَوْلِهِمْ حَيْثُ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ بِالْقِسْمَةِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَقْوِيمٌ كَمَا فِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ شَخْصَيْنِ أَرْضٌ وَاحِدَةٌ فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ بِالْعَكْسِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ بِالتَّعْدِيلِ فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ أَوْ لَا وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ أَوْ الشَّجَرُ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَرَادَ الشُّرَكَاءُ قِسْمَةَ الْأَرْضِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَلْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِأَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيِّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فِي السُّؤَالِ بِقِسْمَيْهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرَةٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ فَإِنْ تَرَاضَيَا دَخَلَ فِي الْأَرْضِ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ مَا دَامَا عَلَى هَذَا الِاتِّفَاقِ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا إجْبَارًا بِالْقُرْعَةِ فَإِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الِاتِّفَاقِ زَالَتْ قِسْمَةُ الِاتِّفَاقِ اهـ.

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مَزْرُوعَةٌ وَأَرَادَ قِسْمَةَ الْأَرْضِ وَحْدَهَا جَازَ وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ. اهـ. فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ هُوَ مَسْأَلَتُنَا بِعَيْنِهِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْأَنْوَارِ أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ لَا تَرْتَفِعُ بِالْقِسْمَةِ إلَّا عَنْ بَعْضِ الْأَعْيَانِ كَعَبْدَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَالْآخَرِ مِائَتَانِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ لِيَخْتَصَّ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْخَسِيسِ بِهِ وَبِرُبُعِ النَّفِيسِ فَلَا إجْبَارَ. اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ الْأَصَحُّ لَا إجْبَارَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَرْتَفِعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا مِنْهُمَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْإِجْبَارِ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ فَيَكُونُ نَصًّا فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>