للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّوْكِيلَ مُتَضَمِّنٌ لِثُبُوتِ النَّسَبِ تَضَمُّنًا لَا انْفِكَاكَ عَنْهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ تَوْكِيلِ فُلَانٍ إلَّا إنْ كَانَ ابْنُ فُلَانٍ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ غَائِبٌ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَصْدَ انْتِهَاؤُهَا إلَى كَذَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُت كَذَا قُلْتُ هَذَا الْفَرْقُ خَيَالٌ بَاطِلٌ بَلْ هُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاء إذْ الْحُدُودُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْبَيْعِ أَيْضًا فَشَهَادَتُهُمَا بِبَيْعِ الْمَحَلِّ الْمَحْدُودِ بِكَذَا وَكَذَا شَهَادَةٌ بِأَنَّ الْمَبِيعَ يَنْتَهِي حَدُّهُ إلَى مِلْكِ فُلَانٍ فَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَان وَإِلَّا كَانَ الْحَدُّ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عِلْمِهِ بُطْلَانُ الشَّهَادَةِ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ كَالدَّعْوَى التَّحْدِيدُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ مَا لَمْ يَحْصُل شُهْرَةٌ بِدُونِ ذَلِكَ فَظَهَرَ تَوَقُّفُ الْبَيْعِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ كَمَا أَنَّ الْوَكَالَةَ الْمَشْهُودَ بِهَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْبُنُوَّةِ.

فَإِذَا قَالُوا فِي الشَّهَادَةِ بِالْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْبُنُوَّةِ فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ شَهَادَةٌ بِالْحُدُودِ بِلَا فَرْقٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي فَتَاوَى السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ شَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى سَعْيَهُ مَا لَفْظُهُ مَسْأَلَةٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ شَرَاهَا مِنْ آخَرَ وَصُورَةُ مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ مَا هُوَ بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ يَوْمَئِذٍ وَكَتَبَ كُلٌّ مِنْ الشُّهُودِ وَشَهِدَتْ بِمَضْمُونِهِ وَشَهِدَ كَذَلِكَ عِنْد الْحَاكِمِ فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي ثُبُوتِ الْمِلْك لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ التَّارِيخِ حَتَّى يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِهَا الْجَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ.

نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهَا عَنْ الزَّبِيلِيِّ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لَا تُثْبِتُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مِلْكًا لِلْبَائِعِ حِين بَاعَهَا قَالَ لِأَنَّ الْقَبَالَةَ مُكْتَتَبَةٌ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَشَهِدُوا بِمَا سَمِعُوهُ مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ مِلْكُ الْبَائِعِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ يَوْمَ بَاعَهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ وَهَذَا حُكْمٌ آخَرُ لَيْسَ فِي الْقَبَالَةِ وَأَمَّا إذَا شَهِدُوا بِنَفْسِ الصَّكِّ لَمْ تُسْمَعْ مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ وَيَغْفُلُ عَنْهُ أَكْثَرُ قُضَاةِ عَصْرِنَا وَشُهُودِهِ بَلْ يَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْقَبَالَةُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ مِنْهُ بِالشَّهَادَةِ لِلْبَائِعِ بِالْمَلَكِيَّةِ.

وَيُرَتِّبُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ حُكْمَهُ غَفْلَةً عَنْ الْحَقَائِقِ اهـ قُلْتُ وَهَذَا شَاهِدٌ جَيِّدٌ لِمَا فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ فِي ضِمْنِ فُرُوعِ عُمُومِ الْبَلْوَى بِاشْتِمَالِ كُتُبِ الْمُبَايَعَاتِ وَنَحْوِهَا عَلَى حُدُودٍ قَالَ ثُمَّ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ وَيَطْلُبُ مِنَّا إثْبَاتُ أَنَّ الْحُدُودَ كَمَا تَضَمَّنَهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ قَالَ وَمَا فَعَلْتُهُ قَطُّ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي الْبِيَعِ مَثَلًا هُوَ الْعَقْدُ الصَّادِرُ عَلَى الْمَحْدُودِ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَقَدْ لَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَارِفًا بِتِلْكَ الْحُدُودِ أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا يَسْمَعُ لَفْظَ الْعَاقِدِ وَالْحُدُودُ مَحْكِيَّةٌ عَنْ الْعَاقِدِ اهـ وَهُوَ جَيِّدٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ اهـ مَا فِي فَتَاوَى السَّمْهُودِيِّ وَإِطْلَاقِهِ أَنَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ جَيِّدٌ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَكَأَنَّهُ هُوَ أَيْضًا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّسَبِ السَّابِقَةِ.

وَمَا ذَكَرَهُ الزَّبِيلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَا يُنَافِي مَا قَدَّمْتُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحُدُودِ لِأَنَّهُ فَرَضَ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِمَا سَمِعَهُ الشَّاهِدُ أَنَّ مِنْهُمَا وَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ الشَّاهِدَانِ بِذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمَا فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ ضِمْنًا كَمَا قَدَّمْتُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحُدُودِ فَهُمَا سَوَاءٌ انْتَهَتْ.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يَقْضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ ابْنُ الْحُسَيْنِ الْمَدَنِيُّ فِي شَرْحِ تَكْمِلَةِ شَرْحِهِ يَعْنِي ولَا يَقْضِي الْقَاضِي بِخِلَافِ عِلْمِهِ بِلَا خِلَاف بَلْ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ عَمَّا ادَّعَاهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَتَلَهُ حَيٌّ أَوْ رَأَى غَيْرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتْلَهُ أَوْ سَمِعَ مُدَّعِي الرِّقِّ قَدْ أُعْتِقَ وَمُدَّعِي النِّكَاحَ قَدْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ تَحَقَّقَ كَذِبُ الشُّهُودِ امْتَنَعَ مِنْ الْقَضَاءِ وَكَذَا إذَا عَلِمَ فِسْقَ الشُّهُودِ إلَى آخِرِ كَلَامِ ابْن الْحُسَيْنِ الَّذِي يُحِيطُهُ عِلْمكُمْ فَهَلْ يَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ بَلْ إمَامَ أَئِمَّةِ الْأَنَامِ الْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ فِي جَمِيع مَا ذُكِرَ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَإِذَا عَلِمَ الْمُحَكَّمُ أَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَدْرِي عَنْ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلهُ عَنْ سَبَبِهِ وَعَنْ سَبَبِ شَهَادَتِهِمْ كَمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى زِنًا وَغَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَوِلَادَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَتِمُّ شَهَادَتُهُمْ إلَّا بِالْإِبْصَارِ فَإِذَا شَهِدُوا فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُحَكَّمِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ هَلْ أَبْصَرُوا ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يُبْصِرُوا ذَلِكَ وَإِذَا سَأَلَهُمْ وَلَمْ يُبَيِّنُوا لَهُ الْإِبْصَارَ بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى الشَّهَادَةِ فَهَلْ يَقْبَلهُمْ أَمْ لَا يَقْبَلهُمْ لِكَوْنِهِ خِلَافَ عِلْمِهِ وَهَلْ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي اُسْتُحِقَّ عَلَيْك كَذَا وَكَذَا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهَلْ يَقْبَلُ الْمُحَكَّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>