قَبْلَ الْأَذَانِ، أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: عِبَارَتِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ سَمِعَ بَعْضَهُ أَجَابَ فِيهِ، وَفِيمَا لَا يَسْمَعُهُ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي إجَابَتِهِ فِي التَّرْجِيعِ إذَا لَمْ يَسْمَعْهُ، انْتَهَتْ، وَظَاهِرُ عَطْفِهِمْ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِمْ: أَجَابَ فِيهِ وَفِيمَا لَا يَسْمَعُهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُجِيبَ فِيمَا سَمِعَهُ آخِرًا، ثُمَّ يُعِيدَ جَوَابَ مَا مَضَى، ثُمَّ يَدْعُوَ، وَأَنْ يُجِيبَ فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَوَّلِهِ، ثُمَّ يُتِمَّهُ فَتَحْصُلَ السُّنَّةُ بِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ تَبَعًا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوَّلَ أَكْمَلُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يَشْتَغِلَ حَالَ الْإِجَابَةِ بِشَيْءٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ مِنْ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَثَلًا، ثُمَّ أَجَابَ مَا قَبْلَهَا حِينَئِذٍ كَانَ مُشْتَغِلًا عَنْ إجَابَةِ مَا يَسْمَعُهُ بِغَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَغَلَ بِإِجَابَةِ مَا يَسْمَعُهُ إلَى أَنْ فَرَغَ، ثُمَّ أَجَابَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ الْأَكْمَلَ حِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنَّهُ يُجِيبُ مَا سَمِعَهُ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ أَجَابَ، مَا لَمْ يَسْمَعْهُ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ. .. إلَخْ وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ وَافَقَ فَرَاغُ وُضُوئِهِ فَرَاغَ الْمُؤَذِّنِ: بِأَنَّهُ يَأْتِي بِذِكْرِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ لِلْعِبَادَةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ بِذِكْرِ الْأَذَانِ قَالَ: وَحَسُنَ أَنْ يَأْتِيَ بِشَهَادَتَيْ الْوُضُوءِ، ثُمَّ بِدُعَاءِ الْأَذَانِ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ بِالدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ اهـ.
، وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا بَعْدَ فَرَاغِهِمَا كَمَا عَلِمْت، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِجَابَةِ حَالَ الْوُضُوءِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْوُضُوءَ وَيُجِيبُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ، ثُمَّ يُكْمِلُ وُضُوءَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الطَّوَافِ؛ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ لِلطَّائِفِ؛ كَالتَّالِي، وَالْمُدَرِّسِ قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ لِلْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ، وَالْإِجَابَةُ تَفُوتُ. وَوَجْهُ قِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى الطَّوَافِ؛ أَنَّ كُلًّا لَهُ أَذْكَارٌ فِي أَثْنَائِهِ؛ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ، فِيهِ الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ، وَالرَّاجِحُ عَدَمُ نَدْبِهِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَهُ لَا تَخْلُو عَنْ كَذَّابٍ، أَوْ مُتَّهَمٍ بِالْكَذِبِ، وَالْحَدِيثُ الضَّعِيفُ إذَا اشْتَدَّ ضَعْفُهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ كُلَّهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَالْإِرْشَادِ فَإِذَا كَانَ الطَّوَافُ الْمُتَّفَقُ عَلَى نَدْبِ ذِكْرِهِ يُسَنُّ لَهُ قَطْعُهُ إلَى فَرَاغِ الْإِجَابَةِ، فَأَوْلَى الْوُضُوءُ، فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُ فَهَلْ يُرَاعِي ذِكْرَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَدْبِهِ، وَيُقَدِّمُهُ عَلَى الْإِجَابَةِ،، أَوْ يُرَاعِيهَا فَيُقَدِّمُهَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، لَكِنْ الْأَوْجَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا آكَدُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى نَدْبِهَا بِخِلَافِ أَذْكَارِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبُلْقِينِيُّ السَّابِقِ بِأَنَّ ذِكْرَ الْوُضُوءِ لِلْعِبَادَةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا تَقْدِيمُ ذِكْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الْإِجَابَةِ، قُلْت: لَيْسَ قَضِيَّتُهُ ذَلِكَ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، فَإِنَّ الذِّكْرَ عَقِبَ الْوُضُوءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، كَالذِّكْرِ عَقِبَ الْأَذَانِ فَإِذَا تَعَارَضَا قُدِّمَ مَا هُوَ لِلْعِبَادَةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ عَلَيْهَا بِكَمَالٍ آخَرَ عَقِبَ فَرَاغِهَا، وَهُوَ أَكْمَلُ مِمَّا لَوْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ؛ وَأَمَّا ذِكْرُ الْأَذَانِ فَلَيْسَ فِيهِ هَذِهِ الْمَزِيَّةُ؛ فَلِذَا أَخَّرَهُ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ ذِكْرِ الْوُضُوءِ؛ وَأَمَّا ذِكْرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَمُخْتَلَفٌ فِي نَدْبِهِ؛ بَلْ الرَّاجِحُ عَدَمُ نَدْبِهِ كَمَا مَرَّ
فَإِذَا تَعَارَضَ هُوَ وَالْإِجَابَةُ قَدَّمَهَا عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ؛ وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَإِنَّهُمَا مَنْدُوبَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا. وَمِمَّا جَاءَ بِهِ ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ وَالْأَرْبَعَةِ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا،، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ تَعَالَى لِي الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ هُوَ أَنَا، فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ سَأَلَهَا لِي حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَخَبَرُ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا: «مَنْ قَالَ - حِينَ يُنَادِي الْمُنَادِي -: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَارْضَ عَنْهُ رِضًا لَا سَخَطَ بَعْدَهُ؛ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ.» وَفِي رِوَايَةٍ - فِيهَا ابْنُ لَهِيعَةَ -: «مَنْ قَالَ - حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ -: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك، وَأَعْطِهِ الْوَسِيلَةَ وَالشَّفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي.» وَخَبَرُ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ - إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يُقِيمُ - اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآتِهِ سُؤْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَكَانَ يُسْمِعُهَا مَنْ حَوْلَهُ، وَيُحِبُّ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute