للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَطْعًا

وَأَفْهَمُ تَقْيِيدَهُمْ عَدَمَ الْقَبُولِ بِدَعْوَى الْأَبِ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِالطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ حِسْبَةٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَزِمَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ ضِمْنِيٌّ لَا مَقْصُودٌ وَهُوَ مُتَّجَهٌ نَظِيرُ مَا مَرَّ قَالَ الشَّيْخَانِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا وَلَوْ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَشَهِدَ ابْنَاهَا لَمْ تُقْبَلْ وَلَوْ شَهِدَا حِسْبَةً قُبِلَا وَكَذَا فِي الرَّضَاعِ. اهـ. وَقَضِيَّةُ كِلَامِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْن أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ عَلَى أَبِيهِمَا أَوْ عَلَى زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَوْلُ الْكَرْخِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا حِسْبَةً لِأَنَّ ذَلِكَ إزَالَةُ رِقٍّ عَنْ الْأُمِّ وَذَلِكَ نَفْعٌ إلَّا أَنْ يَتَمَشَّى هَذَا خَاصَّةً إذَا كَانَتْ الْأُمُّ مَنْكُوحَةً لِغَيْرِ الْأَبِ ضَعِيفٌ قَالَا أَيْضًا وَلَوْ شَهِدَ الْأَبُ مَعَ ثَلَاثَةٍ عَلَى امْرَأَةِ ابْنِهِ بِالزِّنَا فَإِنْ سَبَقَ مِنْ الِابْنِ قَذْفٌ فَطُولِبَ بِالْحَدِّ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِدَفْعِهِ لَمْ يُقْبَل وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ أَوْ لَمْ يُطَالِبْ بِالْحَدِّ وَشَهِدَ الْأَبُ حِسْبَةً قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَهَذَا كُلُّهُ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَنْبَغِي بَعْدَ ذَلِكَ التَّوَقُّفُ فِيهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ مَيِّتٍ أَنَّهُ أَبَانَ زَوْجَتَهُ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَاحِدًا هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ مَعَ أَيْمَانِهِمْ وَتُمْنَعُ مِنْ الْمِيرَاثِ قِيَاسًا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَقَرَّرَهُ الشَّيْخَانِ رَحِمهمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا لَوْ ادَّعَتْ نِكَاحَ فُلَانٍ الْمَيِّت وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ مِنْهُ حَيْثُ قَالُوا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُهَا ذَلِكَ بَعْد مَوْتِهَا هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بَيِّنُوا الرَّاجِحَ عِنْدكُمْ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَأَمْعِنُوا النَّظَرَ فِي الْعِلَلِ وَالْمَدَارِكِ جَزَاكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنَّا وَعَنْ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ لَكُمْ أَجْرًا وَزَادَكُمْ بِالْعِلْمِ فَخْرًا وَلَا عَسَّرَ عَلَيْكُمْ أَمْرًا آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ؟

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ فِيهِ غَيْرُ بَعِيدٍ فَإِذَا حَلَفُوا مَعَ شَاهِدِهِمْ مُنِعَتْ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ وَاحِدٌ بِبَيْعٍ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ هَلْ تُلَفَّقُ الشَّهَادَتَانِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ بِبَيْعٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ تُلَفَّق الشَّهَادَتَانِ نَعَمْ لَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَشَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ الْأَمْرَيْنِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّ مَالَ فُلَانٍ وَقْفٌ بِالسَّمَاعِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا الْمَصْرِفَ هَلْ تَصِحُّ تِلْكَ الشَّهَادَةُ أَمْ لَا حَتَّى يُبَيِّنُوا الْمَصْرِفَ وَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَى وَقْفِ أَبُونَا هَذِهِ الْأَرْض وَلَمْ يَقُولُوا عَلَيْنَا مَثَلًا أَوْ حَتَّى يَقُولُوا عَلَيْنَا وَقَوْلُ الْقَائِلِ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ أَمْ حَتَّى يُبَيِّنَ الثَّمَنَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ عَلَى بَيِّنَةِ الْمِلْكِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِبَيِّنَةِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِبَيِّنَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ غَيْرُ مُرَجِّحٍ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ بِالْوَقْفِ إلَّا مَعَ بَيَانِ مَصْرِفِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ ثَمَنِهِ وَتُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ ادَّعَتْ فَسَادَ النِّكَاحِ لِصِغَرِهَا وَادَّعَى الزَّوْجُ بُلُوغَهَا بِالْحَيْضِ مَا كَيْفِيَّةُ صُورَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَيْضِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَدَّعِي حِسْبَةً بِشَيْءٍ ثُمَّ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَأَيْضًا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ هَلْ تُشْتَرَطُ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِالْحَيْضِ وَقَوْلُهُمْ فِي مَوْضِعٍ يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ مُرَادُهُمْ بِهِ التَّعَسُّرَ فَإِنَّ مَا يُرَى قَدْ يَكُونُ دَمَ فَسَادٍ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا جَزَمَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ بِأَنْ احْتَفَّ بِقَرَائِنَ وَأَمَارَاتٍ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمْ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا تِلْكَ الْأَمَارَاتِ بَلْ لَوْ سُئِلُوا عَنْهَا فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَا يَلْزَمنَا الْجَوَابُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَدَّعِي حِسْبَةً ثُمَّ يَشْهَدُ لَأَنْ دَعْوَى الْحِسْبَةِ لَا يَتَوَقَّفُ الْأَمْرُ عَلَيْهَا فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي سَمَاعِهَا.

فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْعِرَاقِيِّينَ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَتِهَا بَلْ أَمَرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ سَمَاعُهُمَا وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَحْضِ حُقُوقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي سَمَاعِهَا وَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدهُ قَوْلُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>