للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِعُلُومِهِ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَعَ الْمُفْتِي الْأَوَّلِ الْقَائِلِ بِأَنَّ ذِكْرَ سَبَبِ التَّلَفِ لَا يَجِبُ وَمَا قَالَهُ الثَّانِي خَطَأٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بَلْ غَيْرُ الْأَمِينِ كَالْغَاصِبِ لَوْ ادَّعَى التَّلَفَ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمهُ بَيَانُ سَبَبِ التَّلَفِ فَالْأَمِينُ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَلَا نَظَرَ إلَى مَا ذَكَره الثَّانِي سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَدِيعُ يَعْرِفُ السَّبَبَ الَّذِي يَكُونُ التَّلَفُ بِهِ مُضَمَّنًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْمُودَعُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُعَيِّنَ السَّبَبَ الَّذِي يَقْتَضِي الضَّمَانَ وَيَحْلِفهُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ عَيْنٍ فِي يَدِ رَجُلٍ مُدَّةً طَوِيلَةً يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهَا رَهْنٌ تَحْتَ يَدِهِ وَأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا رَهْنٌ تَحْتَ يَدِهِ وَأَنَّ الْمُدَّعِي أَحْضَرَ الْمَبْلَغَ وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَهَا وَأَقَرَّ بِغَصْبِهَا وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهَا مِلْكُهُ مُدَّةً مَدِيدَةً وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَأَيَّتُهُمَا تُقَدَّمَ وَحَيْثُ أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةَ مَرْهُونَةٍ عِنْد صَاحِبِ الْيَدِ وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِرَهْنِهَا عِنْدَهُ وَأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْغَصْبِ وَأَنَّ الْمُدَّعِي قَادِرٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَإِذَا أَقَامَ مُدَّعِي الْغَصْبِ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَهَا وَأَنَّهُ قَوِيَ عَلَى الْغَصْبِ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا مِلْكُ مُدَّعِي الْغَصْبِ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَهَا مِنْهُ أَوْ شَهِدَتْ وَاحِدَةٌ بِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ رَهَنَ هَذِهِ لِفُلَانٍ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ نَهَبهَا مِنْ فُلَانٍ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَيْنِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَتَبْقَى الْعَيْنُ فِي يَدِ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ أَمَّا إذَا شَهِدَتْ الْأُولَى بِمُجَرَّدِ الرَّهْنِ وَالثَّانِيَةُ بِمِلْكِ مُدَّعِي الْغَصْبِ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَهَا مِنْهُ فَتُقَدَّمُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَلَا نَظَرَ فِيمَا ذُكِرَ إلَى أَنَّ مُدَّعِي الْغَصْبِ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِ الْغَاصِبِ أَوْ لَا.

وَلَوْ شَهِدَتْ الْأُولَى بِمِلْكِ مُدَّعِي الرَّهْنِ وَبِأَنَّهُ رَهَنَهَا تَحْتَ ذِي الْيَدِ وَالثَّانِيَةُ بِمُجَرَّدِ الْغَصْبِ قُدِّمَتْ الْأُولَى وَحُكِمَ بِهَا لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ عَيْنٍ تَحْتَ يَدِ رَجُلٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا مُدَّةً مَدِيدَةً ادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهَا لَهُ خَلَّفَهَا لَهُ مُورَثُهُ وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهَا مِلْكُهُ خَلَّفَهَا أَبُوهُ لَهُ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْيَدِ الشَّاهِدَةِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ مُطْلَقًا.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا إذَا حَضَر الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَادَّعَى الْأَوَّلُ دَعْوَى غَيْرَ صَحِيحَةٍ يَعْلَمُ مِنْهَا الْفَقِيهُ وَغَيْرُهُ الْمُرَادَ فَهَلْ لِلْقَاضِي الْإِقْدَامُ عَلَى الْفَصْلِ بِهَذِهِ وَإِلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ فَإِنَّا لَوْ كَلَّفْنَاهُمْ تَحْرِيرَ الدَّعْوَى لَأَدَّى إلَى حَرَجٍ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الدَّعْوَى إنْ كَانَ لِاخْتِلَالِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا لَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي إلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهَا بَلْ يَسْكُتُ أَوْ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي صَحِّحْ دَعْوَاك أَوْ وَكِّلْ مِنْ يُصَحِّحهَا وَإِنْ كَانَ لِاخْتِلَالِ شَيْءٍ آخَرَ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا كَلَحْنٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَكِنْ يُعْلَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ.

فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا ذَكَرْتُهُ ثَانِيًا فَقَالُوا لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُعْلِمَ الْمُدَّعِي كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى وَلَا أَنْ يُعْلِمَ الشَّاهِدَ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ لَكِنْ لَوْ تَعَدَّى وَعَلَّمَ أَحَدَهُمَا ذَلِكَ فَادَّعَى الْمُدَّعِي وَأَدَّى الشَّاهِدُ بِتَعْلِيمِهِ اُعْتُدَّ بِذَلِكَ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْتُهُ ثَانِيًا فَقَالُوا لَوْ قَالَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِق أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بِفَتْحِ إلَّا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالدُّخُولِ.

وَإِنْ كَانَ وَضْعُ لَفْظِهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْعَامَّةَ لَا يُفَرِّقُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَيْنَ إنْ وَأَنْ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْعَامِّيُّ زَوَّجْتُك أَوْ أَنَكَحْتُك أَوْ بِعْتُك بِفَتْحِ التَّاء أَوْ ضَمِّهَا أَوْ أَتَى بِلَحْنٍ آخَرَ بِغَيْرِ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ لَا يَهْتَدِي لِمَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ فَسُومِحَ فِيهَا فَكَذَا يُقَالُ بِنَظِيرِهِ هُنَا وَقَوْلُ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لَوْ كَلَّفْنَاهُمْ تَحْرِيرَ الدَّعْوَى لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى حَرَجٍ يُجَاب عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ لِسُهُولَةِ رُجُوعِهِ إلَى مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ فَيَعْمَلهُ أَوْ تَوْكِيله مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ لِيَدَّعِيَ بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ وَلِيِّ مَحَاجِيرَ سَاكِنٌ هُوَ وَإِيَّاهُمْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَفِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ صُنْدُوقٌ مُقْفَلٌ وَفِيهِ أَمْتِعَةٌ وَمِفْتَاحُ الْقُفْلِ بِيَدِ الْمَحَاجِيرِ فَكَسَرَ الْوَلِيُّ الصُّنْدُوقَ الْمَذْكُورَ وَأَخْرَجَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ فَمَنَعَهُ الْمَحَاجِيرُ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>