عَلَيْهَا وَادَّعُوا أَيْضًا أَنَّهَا مِلْكُهُمْ فَهَلْ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُمْ دُونَهُ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ يُقَالُ أَنَّهُ لِلْوَلِيِّ وَلَهُمْ لِوُجُودِهِ فِي مِلْكِهِ وَهَلْ وُجُودُ الْمِفْتَاحِ فِي أَيْدِيهِمْ دُونه قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى مِلْكِهِمْ لَهُ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ لِمُقَدِّمَةٍ وَهِيَ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا مَا حَاصِلُهُ لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِهَا أَوْ وَارِثَاهُمَا أَوْ وَارِث أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الصَّالِحِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا.
فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ فَمَا اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ عَلَيْهِ حِسًّا أَيْ بِطَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ الْمُخْتَصِّ بِالْيَدِ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ سَوَاء كَانَ مِلْكَهُ حَقِيقَةً أَوْ لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِمَا حَسَّا أَوْ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدًا تَحْلِيفُ الْآخَرَ فَإِنْ حَلَفَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قَضَى لَهُ بِهِ. اهـ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا عِنْدنَا وَالْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْمَنْزِلُ وَالْمَسْكَنُ سَوَاءٌ الدَّارُ وَالْبَيْتُ الْمُفْرَدُ مِنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا يَدٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْهَا قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَتَبِعَهُمْ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالزَّرْكَشِيّ وَسَوَاءٌ فِي الْمَسْكُونِ لَهُمَا الْمَمْلُوكَة لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَالْمُسْتَعَارَة وَالْمَغْصُوبَة وَنَحْوُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْغَرَضُ أَنْ تَكُونَ يَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا تَحْوِيهِ الدَّارُ مِنْ الْمَتَاعِ وَحُكْمُ التَّنَازُعِ فِيمَا يَسْكُنَانِهِ حَكَمَ الْمَتَاعِ الَّذِي بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا أَطْلَقُوهُ فِي الْمَتَاعِ مِنْ أَثَاثٍ وَغَيْرِهِ مَحَلّه إذَا اسْتَنَدَ لِيَدِهِمَا الْحُكْمِيَّة عَلَى السَّوَاءِ.
أَمَّا لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالدَّارِ وَكَانَ بِبَعْضِ بُيُوتِهَا مَتَاعٌ مُحْرَزٍ عَنْ الْآخَرَ وَمِفْتَاحُ الْحِرْزِ وَإِقْفَالُهُ بِيَدِهِ دُون يَدِ صَاحِبِهِ فَالْيَدُ عَلَى مَا فِيهِ لِمَالِكِهِ وَنَحْوه دُون الْآخَرَ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ رَحِمه اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا الْبَحْثِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُهُمَا الْحُكْمِيَّة عَلَيْهِ سَوَاءً أَمَّا مَا اخْتَصَّ بِمَوْضِعِ مُحْرَزٍ بِقُفْلٍ مِفْتَاحُهُ بِيَدِ مَالِكِ الْبَيْتِ دُون غَيْره فَالْيَدُ عَلَى مَا فِيهِ لِمَالِكِهِ وَقَالَ الْقَاضِي لَوْ تَنَازَعَا فِي عِمَارَةِ دَارٍ وَتَقَارَّا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الدَّارِ لِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْصَة لِأَنَّ الْعِمَارَةَ تَبَعٌ. اهـ.
وَكَلَامُهُمَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ كَوْنَ الْمِفْتَاحِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ قَاضِيًا بِأَنَّ الْيَدَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ الْأَمْتِعَةُ مِلْكًا لِمَنْ مِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ فَلَوْ سَكَنَا دَارًا مَمْلُوكَةً لِأَحَدِهِمَا وَفِي مَخْزَنٍ مِنْهَا أَمْتِعَةٌ وَالْمِفْتَاحُ بِيَدِ غَيْرِ الْمَالِكِ لَمْ تَكُنْ الْيَدُ عَلَيْهَا لِمَنْ الْمِفْتَاحُ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ عَارَضَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمِفْتَاحِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ كَوْنُ مَنْ لَيْسَ بِيَدِهِ مِفْتَاحٌ مَالِكًا لِذَلِكَ الْمَخْزَنِ الَّذِي فِيهِ الْأَمْتِعَةُ وَعِنْد هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ يَتَّجِهُ أَنَّ تِلْكَ الْأَمْتِعَةَ تَكُونُ بِيَدِهِمَا لِأَنَّ تِلْكَ الْمُعَارَضَةِ صُيِّرَتْ لَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ بِخُصُوصِهَا وَإِذَا انْتَفَتْ خُصُوصِيَّةُ أَحَدِهِمَا بِهِ كَانَ فِي يَدِهِمَا بِحُكْمِ كَوْنِهِمَا سَاكِنِينَ فِيهَا عَلَى حَدِّ سَوَاء.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْد ذِكْرِهِ مَا سَبَقَ فِي الزَّوْجَيْنِ وَهَكَذَا أَخٌ وَأُخْتٌ تَنَازَعَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ وَالْأَجْنَبِيَّةُ أَوْ الطِّفْلُ وَالْبَالِغُ يَسْكُنَانِ دَارًا وَاحِدَةً فَمَا فِيهَا لَهُمَا بِحُكْمِ الْيَدِ. اهـ. وَهُوَ مِنْ كَلَامِ شَيْخِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّعْلِيقِ قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ قَامَ وَلِيُّ الطِّفْلِ مَقَامَهُ فِي الْمُنَازَعَةِ وَرَأَيْتُ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ وَلَا تَثْبُتُ الْيَدُ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِأَنْ كَانَ يَسْكُنُ دَارًا مَعَ أَبِيهِ يَسْكُنُ بِسَكَنِهِ وَيَنْتَقِل بِانْتِقَالِهِ فَلَا يَدَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَابِعًا بِأَنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَالْيَدُ تَثْبُتُ لِلصَّغِيرِ أَيْضًا وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ مَعَ مَنْ لَيْسَ بِوَلِيِّ فَالْيَدُ تَثْبُتُ لَهُ أَيْضًا.
وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا عَنْ وِصَايَةٍ أَوْ نُصِّبَ حَاكِمًا فَفِي ثُبُوتِ الْيَدِ لَهُ وَجْهَانِ. اهـ. وَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ لِسَيِّدَيْنِ أَوْ أَحَدهمَا رَقِيقًا وَيَكُونُ لِلسَّيِّدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا مَعَ الْحُرِّ السَّاكِنِ اهـ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا تَأَمَّلْتَ إطْلَاقَ الْمَرْوَزِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الطِّفْلِ وَالْبَالِغِ وَإِطْلَاقَ قَوْلِ شُرَيْحٍ كَمَا يَثْبُتُ لِلْبَالِغِ وَجَدْتُهُ قَاضِيًا بِأَنَّ لِلطِّفْلِ يَدًا حَتَّى مَعَ وَلِيِّهِ مُطْلَقًا سَوَاء الْأَبِ وَغَيْرِهِ وَبِأَنَّ مَا حَكَاهُ شُرَيْحٌ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَقَالَةً لَكِنَّهَا ظَاهِرَةُ الْمَعْنَى فَلْيَخُصَّ بِهَا ذَلِكَ الْإِطْلَاقَ.
وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ