للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ لِأَنَّ شَرْطَ التَّحَالُفِ أَنْ يُتَّفَقَا عَلَى عَقْدٍ وَيَخْتَلِفَا فِي صِفَتِهِ وَهُنَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ.

وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمَ الْبَيْعِ وَيَرُدُّ الْأَلْفَ وَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ بِزَوَائِدِهَا وَلَا يَمِينَ عَلَى الْآخَرِ قَالَ الْمُتَوَلِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ فَالْخِيَرَةُ لَهُ فِي قَبُولِهِ وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ لِأَنَّ الرَّهْنَ زَالَ بِإِنْكَارِهِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِإِنْكَارِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنَّمَا رَدَّ إلَيْهِ الْأَلْفَ مَعَ أَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقِهَا لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِاسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ الْمُقَابَلَةِ عِنْدَهُ بِالْأَلْفِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا رَدَّ عَلَيْهِ مُقَابِلهَا الَّذِي هُوَ بَدَلُهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ تَرَادِّ الْعِوَضَيْنِ عِنْد الْفَسْخِ أَوْ نَحْوِهِ وَوَقَعَ لِبَعْضِ الْجَهَلَةِ أَنَّهُ رَأَى هَذَا النَّصَّ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ فَتَوَهَّمَ مِنْهُ أَنَّهُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ فَكَتَبَ فِيهَا الْجَوَابَ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَتَعَارَضُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَإِذَا تَعَارَضَتْ بَطَلَتْ وَتَحَالَفَا.

فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الرَّهْنِ فِي الْأُمِّ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُكَ دَارِي وَسَاقَ النَّصَّ الْمَذْكُورَ وَلَوْ اسْتَحَى مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَكْتُبْ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَسَوَّرْ عَلَى هَذَا الْمَنْصِبِ الْخَطِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لَهُ بِوَجْهٍ كَمَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عِبَارَتُهُ الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّهَا تُسَجِّلُ عَلَيْهِ بِالْجَهْلِ وَتُنَادِي عَلَى فَهْمِهِ بِالْعَجْزِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْكَفَّ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ كَالنِّيَّةِ وَاجِبَةٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْوِتْرُ مَنْدُوبٌ وَمَتَى تَعَدَّى ذَلِكَ دَخَلَ فِي زُمْرَةِ مَنْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي حَقِّهِمْ عَزَّ مَنْ قَائِل {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل: ١١٦] الْآيَة لَكِنْ لَمَّا انْدَرَسَتْ أَطْلَالُ الْعِلْمِ وَعَفَتْ رُسُومُهُ تَسَوَّرَ سُورَهُ الرَّفِيعَ الْكَذَّابُونَ وَتَشَدَّقَ فِي حَلْقِهِمْ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَبِّعُونَ بِمَا لَمْ يُعْطُوهُ فَكَانُوا كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ كَمَا وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِ ابْنِ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ شَرَاه مِنْهُ لَمْ يَصِحّ لِلْمُضَادَّةِ وَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يُسْمَعُ وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مُنْفَصِلًا كَانَ مَسْمُوعًا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ كَانَ لِفُلَانٍ ذَكَرَ ذَلِكَ شُرَيْحٌ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ. اهـ. مَا قَالَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فَمَا الصَّحِيحُ عِنْدَكُمْ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مُتَّجَهٌ فَلْيُعْتَمَدْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ رَجُلٍ تَحْتَ يَدِهِ حَدِيقَةٌ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مُدَّةً مَدِيدَةً فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا رَهْنٌ بِكَذَا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكَهُ مُدَّةً مَدِيدَةً أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهَا بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا وَقَبَضَهَا فَهَلْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ الَّذِي ادَّعَى الرَّهْنَ تُقَدَّمُ أَمْ بَيِّنَةُ الَّذِي ادَّعَى الشِّرَاءَ أَوْ الْهِبَةَ أَوْ الْإِقْرَارَ وَهَلْ يَكْفِي قَوْلُ الرَّاهِنِ هِيَ رَهْنٌ بِكَذَا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ هِيَ مِلْكِي رَهَنْتُهَا مِنْهُ بِكَذَا وَأَحْضَرْتُ الْمَبْلَغَ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ وَأَخَذَ الْحَقَّ مِنِّي أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ وَإِذَا أَقَامَ مُدَّعِي الرَّهْنِ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهَا تَحْتَ يَدَيْ رَهِينَةٌ وَلَمْ يَمْضِ بَعْدَ إقْرَارِهِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّ الدَّاخِلَ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ زَيْدٌ وَبَاعَهُ لِلدَّاخِلِ أَوْ أَنَّهُ اكْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْده قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَكَالْإِيجَارِ وَالْإِيدَاعِ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ كَمَا لَا يَخْفَى أَمَّا إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً بِالرَّهْنِ وَأَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ أَوْ أَقْبَضَهُ لَهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَمَا ذَكَره الْأَذْرَعِيُّ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا بُدَّ فِي الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ لَازِمًا فَلَا تُسْمَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>