قَرَأَ آيَةً بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ وَحْدَهُ جَازَ، فَإِذَا جَازَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْقَظَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ؟
(اللَّهُ أَكْبَرُ) رَافِعًا بِهَا صَوْتَهُ؛ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ إيقَاظُهُ بِنَحْوِ يَدِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ. وَقَدْ جَعَلَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْمُضِيفِ لِلضَّيْفِ؟ (بِسْمِ اللَّهِ)
قَرِينَةً لَفْظِيَّةً عَلَى الْإِذْنِ فِي الْأَكْلِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهَا بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ بِهَا أَنَّهُ أَذِنَ فِي الْأَكْلِ وَلَمْ يُحْفَظْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ إنَّ ذَلِكَ شِرْكٌ، فَيُؤَدَّبُ مَنْ يَقُولُ عَلَى الْعُلَمَاءِ مَا هُمْ بَرِيئُونَ مِنْهُ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ النُّخَامَةِ الْعَارِضَةِ لِلْمُصَلِّي هَلْ قَطْعُهَا أَوْ بَلْعُهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مَتَى لَمْ تَصِلْ لِحَدِّ الظَّاهِرِ لَا يَتَعَرَّضُ لَهَا؛ فَإِنَّ نُزُولَهَا لِلْجَوْفِ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُبْطِلٍ، فَإِنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَظَهَرَ مِنْهُ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمَتَى وَصَلَتْ لِحَدِّ الظَّاهِرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ قَطْعُهَا وَمَجُّهَا فَكَذَلِكَ، وَمَتَى وَصَلَتْ لَهُ وَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ جَازَ لَهُ قَطْعُهَا؛ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ نَحْوُ حَرْفَيْنِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ صَوْنًا لِلصَّلَاةِ عَنْ الْإِبْطَالِ فَإِنْ قُلْت: كُلٌّ مِنْ الْحَرْفَيْنِ وَنُزُولِ أَجْنَبِيٍّ إلَى الْجَوْفِ مُبْطِلٌ، فَلِمَ اغْتَفَرْتُمْ الْحَرْفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ؟ قُلْت: لِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا النُّطْقَ بِهِمَا فِي مَوَاضِعَ دُونَ تَعَمُّدِ نُزُولِ شَيْءٍ إلَى الْجَوْفِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَغْتَفِرُوهُ كَذَلِكَ، فَكَانَتْ مُنَافَاةُ هَذَا لَهَا أَشَدَّ؛ فَلَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَعُفِيَ عَنْ النُّطْقِ بِنَحْوِ حَرْفَيْنِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ صَلَّى ثُمَّ بَانَ فِي ثَوْبِهِ قَمْلَةٌ أَوْ بَقَّةٌ مَيْتَةٌ، هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَيَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا. نَعَمْ، صِئْبَانُ الْقَمْلِ الْمَحْشُوُّ فِي الْخِيَاطَةِ الْمُتَعَذَّرُ الْإِخْرَاجَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْفَى عَنْهُ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - أَدَامَ اللَّهُ النَّفْعَ بِهِ - هَلْ يُعْفَى عَنْ كُلِّ مَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَطِينِ الشَّارِعِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ، يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ بِتَفْصِيلِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ الْمَبْسُوطَةِ، وَاسْتِيعَابُهُ يَطُولُ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - حَيْثُ جَاءَ ذِكْرُ الْعِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ، فَمَا حَدُّهَا الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْفَضِيلَةُ وَالْإِجْزَاءُ؟ وَهَلْ صَحَّ كَمْ كَانَ قَدْرُ عِمَامَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَأَيْضًا فَحَيْثُ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِ الْعِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ يَقُومُ مَقَامَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا أَوْ وُجُودِهَا غَيْرُهَا مِنْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ شِبْهِهَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جِلْدٍ، وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يُسَمُّونَ ذَلِكَ خُوذَةً، وَأَيْضًا فَحَيْثُ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِ التَّخَتُّمِ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ فَهَلْ يَكْفِي فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ التَّخَتُّمُ بِالْحَلْقَةِ وَمَا شَابَهَهَا مِمَّا يَكُونُ فِي مَعْنَاهَا أَمْ لَا، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَدْرَ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَهُوَ عِنْدِي غَيْرُ صَحِيحٍ؟ .
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: حَدُّ الْعِمَامَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْفَضِيلَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِحَدِيثِ «صَلَاةٌ بِعِمَامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِلَا عِمَامَةٍ» - الْعُرْفُ؛ فَمَا سَمَّاهُ الْعُرْفُ عِمَامَةً - قَلَّ أَوْ كَثُرَ - حَصَلَتْ بِهِ الْفَضِيلَةُ، وَمَا لَا فَلَا. وَتَحْدِيدُهَا بِنَحْوِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَدْخَلِهِ: وَإِذَا كَانَتْ الْعِمَامَةُ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ فِعْلِ سُنَنٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا؛ مِنْ تَنَاوُلِهَا بِالْيَمِينِ وَالتَّسْمِيَةِ وَالذِّكْرِ الْوَارِدِ - إنْ كَانَتْ مِمَّا لُبِسَ جَدِيدًا - وَامْتِثَالِ السُّنَّةِ فِي صِفَةِ التَّعْمِيمِ مِنْ فِعْلِ التَّحْنِيكِ وَالْعَذَبَةِ وَتَصْغِيرِ الْعِمَامَةِ - يَعْنِي سَبْعَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا - يُخْرِجُونَ مِنْهَا التَّحْنِيكَ وَالْعَذَبَةَ، فَإِنْ زَادَ فِي الْعِمَامَةِ قَلِيلًا؛ لِأَجْلِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيُتَسَامَحُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ: قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] : فَعَلَيْك أَنْ تَتَسَرْوَلَ قَاعِدًا، وَتَتَعَمَّمَ قَائِمًا، وَنَحْوُ الْقَلَنْسُوَةِ لَا تُحَصِّلُ فَضِيلَةَ الْعِمَامَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى عِمَامَةً. وَصَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ سُنَّةَ التَّخَتُّمِ بِالْفِضَّةِ تَحْصُلُ بِلُبْسِ الْخَاتَمِ بِفَصٍّ وَبِدُونِ فَصٍّ، وَمَنْ اشْتَرَطَ فِي حِلِّ لُبْسِ الْخَاتَمِ الْفَصَّ فَقَدْ سَهَا.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ الْمُصَلِّي الْمُتَقَمِّصِ إذَا كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، هَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَتَعَمَّمَ بِهِ أَوْ يَرْتَدِيَ بِهِ أَوْ يَتَّزِرَ بِهِ أَوْ يَجْعَلَهُ مُصَلًّى أَوْ مَاذَا يَفْعَلُ بِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ أَنْ يُتَزَيَّنَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيَتَّزِرْ إذَا صَلَّى، وَلَا يَشْتَمِلْ اشْتِمَالَ الصَّمَّاءِ» وَأَنْ