بِقَوْلِهِ: يُعْفَى عَمَّا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِيهَا كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّنْ طَافَ وَهُوَ حَامِلٌ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا هَلْ يَبْطُلُ طَوَافُهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ - الَّذِي حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ - أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ حَمْلِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فِي صَلَاةٍ وَلَا طَوَافٍ، لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِأَيَّامِ الِابْتِلَاءِ بِكَثْرَةِ الذُّبَابِ كَثْرَةً يَتَعَسَّرُ أَوْ يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْ مُمَاسَّتِهَا لِمَحْمُولِهِ أَوْ مُمَاسِّهِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا إذَا سَجَدَ الْمُصَلِّي وَخَرَجَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ ذَيْلِ ثَوْبِهِ؛ بِحَيْثُ إنَّ الَّذِي وَرَاءَهُ يَنْظُرُهَا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَا تَضُرُّ رُؤْيَةُ الْعَوْرَةِ مَا دَامَتْ تُسَمَّى مَسْتُورَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْكَشَفَ الثَّوْبُ عَنْهَا وَلَمْ يُرَدَّ فَوْرًا.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّا إذَا فَتَحَ الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ بِقَصْدِ الرَّدِّ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ؟ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ: الْبُطْلَانُ؛ حَتَّى فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ فَضْلًا عَنْ قَصْدِ الرَّدِّ وَحْدَهُ. وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَكَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَكِنْ بِمَا هُوَ أَبْسَطُ وَأَوْضَحُ. وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ: (وَلَوْ أَعْلَمَ) غَيْرَهُ غَرَضًا (بِنَظْمِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ) وَقَدْ رَأَى عَجَبًا لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، أَوْ وَقَدْ قَعَدَ إمَامُهُ فِي الثَّانِيَةِ مَثَلًا {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] ؛ لِقُعُودِ إمَامِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أَوْ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: ٤٦] أَوْ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: ١٢] . (لِمُسْتَأْذِنٍ) عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ أَوْ فِي أَخْذِ شَيْءٍ.
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ: وَهُوَ وَاضِحٌ (أَوْ حَمِدَ اللَّهَ لِعُطَاسٍ أَوْ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ أَوْ اسْتَرْجَعَ لِمُصِيبَةٍ) قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ. وَأَصْلِهَا: أَوْ نَبَّهَ إمَامَهُ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ فَتَحَ عَلَى مَنْ أُرْتِجَ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَصَدَ) فِي الْكُلِّ (الْإِعْلَامَ وَحْدَهُ بَطَلَتْ بِلَا خِلَافٍ وَلَا نَظَرٍ إلَى كَوْنِهِ فِي نَحْوِ التَّنْبِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، خِلَافًا لِجَمْعٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ كَلَامَ الْبَشَرِ، وَهُوَ يُبْطِلُهَا، وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَتِهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (أَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ) أَيْضًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالدَّقَائِقِ، وَقَالَ: هِيَ نَفِيسَةٌ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ بَيَانِهَا وَزَادَ فِي التِّبْيَانِ فَنَسَبَ ذَلِكَ لِلْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - أَيْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ - الْبُطْلَانُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا فَلَا تَبْطُلُ، أَوْ لَا فَتَبْطُلُ.
وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ أَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْقُرْآنِ، أَوْ كَانَ ذِكْرًا مَحْضًا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ قَطْعًا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، قَالَ: وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الْمُحْتَمَلِ، وَلَا قَرِينَةَ تَنْصَرِفُ إلَيْهَا؛ بِأَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] وَنَحْوَهَا ثُمَّ رَكَعَ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ اهـ وَفِيمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَبَحَثَهُ - نَظَرٌ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَمَّا بَحَثَ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَدَلِيلُ إطْلَاقِ الْبُطْلَانِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّ، وَقَدْ سَبَقَ فِي تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجُنُبِ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ - أَنَّ مِثْلَ هَذَا النَّظْمِ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ، فَإِذَا أَطْلَقَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا لَا يَحْرُمُ اهـ.
فَهَذَا التَّقْرِيرُ مِنْهُ - أَعْنِي الْمَجْمُوعَ - صَرِيحٌ فِي اعْتِمَادِهِ الْبُطْلَانَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُطْلَقًا. وَفَرَّقَ الْمَطْلَبُ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالْجُنُبِ بِأَنَّ كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ ذَلِكَ لِلْقُرْآنِ؛ لِامْتِنَاعِ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فِيهَا، وَالْجَنَابَةُ تَصْرِفُهُ لِغَيْرِ الْقِرَاءَةِ؛ لِتَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ مَعَهَا يُرَدُّ بِأَنَّ الْقَرِينَةَ الْعَارِضَةَ كَالِاسْتِئْذَانِ أَقْوَى فِي الصَّرْفِ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ إلَيْهَا، فَاحْتِيجَ حِينَئِذٍ إلَى نِيَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ.
عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ قَرِينَتَيْهِ خَفِيَّةٌ فَلَا تَصْلُحُ لِلتَّخْصِيصِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ صَارِفٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَصْدُ وَلَوْ فِي الْمُحْتَمَلِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُنُبِ بِأَنَّ هُنَا قَرِينَةً ظَاهِرَةً تَصْرِفُهُ إلَى الْقُرْآنِيَّةِ، وَهِيَ تَلَبُّسُهُ بِالصَّلَاةِ الْمَوْضُوعَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْجُنُبِ، وَحَيْثُ وُجِدَ صَارِفٌ اُشْتُرِطَ قَصْدُ الْقُرْآنِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُحْتَمَلِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ نَظَرًا إلَى الصَّارِفِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عَنْ الْمَجْمُوعِ. وَيُرَدُّ اعْتِمَادُ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ، وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ، وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ حِينَئِذٍ لِلْجُنُبِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ؛ مِنْ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا، وَأَتَى بِآيَةٍ يَفْهَمُ