بِالرَّكْعَتَيْنِ وَيَقْرَأَ الْآيَةَ فِيهِمَا ثُمَّ يَسْجُدَ وَخَطَّأَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ السُّجُودَ لِقِرَاءَتِهِ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ لَا لِتِلْكَ الْمُتَقَدِّمَةِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ أَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ فَإِذَا جَلَسَ نَوَى قَبْلَ سَلَامِهِ زِيَادَةَ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُومُ فَيُصَلِّيهِمَا؛ لِأَنَّ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ يَجُوزُ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ اهـ.
وَفِي كَوْنِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ نَظَرٌ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لِتَعْرِيفِهِمْ لَهُ بِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ وَهَذَا مُتَقَيِّدٌ بِسَبَبِ الْقِرَاءَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ بِفِعْلِ السُّجُودِ تَفُوتُهُ التَّحِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ قَصِيرٌ لِعُذْرٍ فَهُوَ كَالْجُلُوسِ الْقَصِيرِ نَاسِيًا.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُعْتَكِفِ فَالْأَوْجَهُ فِيهَا أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالتَّحِيَّةِ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ اعْتِكَافَهُ بَاقٍ أَمْ لَا لِوُجُودِ الدُّخُولِ مِنْهُ فَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَالْخَبَرُ وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ إنَّ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ الْقَوَاعِدُ خِلَافُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ حُكْمًا فَهُوَ كَالْقُدْوَةِ الْحُكْمِيَّةِ يُفَارِقُ الْمَأْمُومُ فِيهَا الْإِمَامَ حِسًّا لَا حُكْمًا يُرَدُّ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْخُرُوجِ الْحِسِّيِّ سَوَاءٌ أَصَحِبَهُ خُرُوجٌ حُكْمِيٌّ أَمْ لَا بَلْ الْخُرُوجُ هُنَا وَجَدَ حُكْمًا أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْطَعْ الِاعْتِكَافَ؛ لِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْعَوْدِ عِنْدَ الْخُرُوجِ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ إذَا دَخَلَ فَمِنْ ثَمَّ اكْتَفَى بِهِ عَنْهُمَا، وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَنَحْوِهِ كَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى حَالَ النِّيَّةِ فَلَمْ تَشْمَلْهُ فَلَا يُقَالُ: الِاعْتِكَافُ فِي حَالِ الْخُرُوجِ بَاقٍ حُكْمًا وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَأْمُومِ فِي الْقُدْوَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّا إنَّمَا جَعَلْنَا الْقُدْوَةَ حُكْمِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَأْمُومِ مَا يُنَافِيهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّا عَهِدْنَا فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ تَخَلُّفًا عَنْ الْإِمَامِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا، وَبِأَنَّ الَّذِي أَلْجَأَنَا إلَى ذَلِكَ مُرَاعَاةُ مَصَالِحَ تَعُودُ عَلَى الْمَأْمُومِ كَتَحَمُّلِ سَهْوِهِ، وَهُنَا وُجِدَ مَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ الْخُرُوجُ، وَلَا مَصَالِحَ تَعُودُ عَلَى الْخَارِجِ لَوْ قُلْنَا بِبَقَاءِ اعْتِكَافِهِ حُكْمًا لِأَنَّا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ نَقُولُ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهُ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا لِبَقَاءِ الِاعْتِكَافِ الْحُكْمِيِّ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ خَصَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ بِصَلَاةِ التَّسْبِيحِ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُكْرَهُ لِشُمُولِ قَوْلِهِمْ يُكْرَهُ تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ وَفِعْلُهَا كُلَّ أُسْبُوعٍ يُمْكِنُ فِي غَيْرِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَمَا حَكَاهُ الدَّمِيرِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ مِنْ أَنَّ وَقْتَهَا لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُهَا غَرِيبٌ فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِلَيْلَتِهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَمِثْلُ لَيْلَتِهَا يَوْمُهَا فِي أَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِهِ لَا فِي أَنَّهَا تُكْرَهُ فِيهِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ لَيْلًا وَفِيهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَمْسَيْت أُشْهِدُك. . . إلَخْ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَلْ إذَا قَضَاهُ نَهَارًا يُسَنُّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الْمَسَاءِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْ يَقْبَلَنِي فِي هَذِهِ الْغَدَاةِ أَوْ الْعَشِيَّةِ» أَوْ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَرْقٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَأْتِي بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ عِنْدَ الْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا لِذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيَنْوِي الْمَسَاءَ الْمَاضِيَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ أَمْسَيْت دُونَ نَحْوِ هَذِهِ الْعَشِيَّةِ إلَّا أَنْ يُنَزِّلَ مَا مَضَى مَنْزِلَةَ الْحَاضِرِ فَيُشِيرَ إلَيْهِ بِإِشَارَتِهِ كَمَا أَشَارُوا إلَى مَا لَمْ يُوجَدْ، وَأَقَامُوهُ مَقَامَ الْحَاضِرِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ غَيْرُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ هَلْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِيهَا بِأَنْ يَنْوِيَ ثِنْتَيْنِ وَيُصَلِّيَ أَرْبَعًا أَوْ عَكْسُهُ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِمْ ذَلِكَ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ؛ إذْ الْأَصْلُ فِي الْعِبَادَةِ وُجُوبُ الْبَقَاءِ عَلَى نِيَّتِهَا فِي الِابْتِدَاءِ وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ لِعَدَمِ انْحِصَارِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ صَلَّى الْوِتْرَ ثَلَاثًا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْبَاقِيَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ مَعْنَى كَوْنِهِ وِتْرًا أَنَّ فِيهِ الْوِتْرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ تَوَسَّطَ الْوِتْرُ أَمْ تَقَدَّمَ أَمْ تَأَخَّرَ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُنَّةُ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةُ هَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الظُّهْرِ بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ فِيهَا وَجْهَانِ وَجْهٌ يَحْتَمِلُ تَرْجِيحَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا كَانَتْ فِي الْوَقْتِ وَقَدْ زَالَتْ بِزَوَالِهِ وَوَجْهٌ يَحْتَمِلُ تَرْجِيحَ الْمَنْعِ إجْرَاءً لِمَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَجْرَى مَا فِيهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ.
(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ هَلْ يَجُوزُ التَّغْيِيرُ وَالنَّقْصُ فِي الْوِتْرِ وَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَثَلًا كَالنَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَهَلْ يَجُوزُ جَمْعُ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ إذْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الْفَرْضِ بِتَسْلِيمَةٍ وَهَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةِ عَلَيْهَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ التَّغْيِيرُ وَالنَّقْصُ فِيمَا ذُكِرَ