للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عُمُومِ قَوْلِهِمْ يَنْظُرُ إلَى مَحَلِّ السُّجُودِ مَعَ الْجَزْمِ بِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لَا تَعْزُبُ عَنْهُمْ وَهُوَ الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَى رَأْيِ الْفَقِيهِ بَلْ الْمُتَفَقِّهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: النَّظَرُ لِلسَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ إلَّا لِحَاجَةٍ فَإِنْ فُرِضَ احْتِيَاجُهُ لِتَرَائِيِ الْهِلَالِ لِانْحِصَارِهِ فِيهِ مَثَلًا لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْفَرْضَ عَدَمُ انْحِصَاره فِيهِ فَلَمْ تَعُمّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ قَوْلِهِمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَلَوْ تَرَكَ هَذَا الْمُسْتَحَبَّ هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا لَوْ سَاوَاهُ فِي الْمَوْقِفِ وَحِينَئِذٍ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَة كَمَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا أَمْ لَا تَفُوتُ كَمَا قَالَ بِهِ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَفَّ صَفًّا ثَانِيًا قَبْلَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ مَكْرُوهًا تَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَة؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ كُلُّ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَة فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوع السُّنَّةُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَقْرِيبًا كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ أَمَّا النِّسَاءُ فَيُسَنُّ لَهُمْ التَّخَلُّف كَثِيرًا وَفِي الْمَجْمُوع اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَاب الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ وَيَمِينِ الْإِمَامِ وَسَدِّ فُرَجِ الصُّفُوفِ وَإِتْمَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَا يَلِيه وَهَكَذَا وَلَا يُشْرَعُ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمّ مَا قَبْلَهُ.

وَفِي شَرْحِي لِلْعُبَابِ كُلُّ مَا قِيلَ بِنَدْبِهِ فِي هَذَا الْبَابِ تُكْرَهُ مُخَالَفَته كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوع فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَحْكَامَ الْمَوْقِفِ قَالَ: قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا كُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ وَمُخَالَفَتُهُ مَكْرُوهَةٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ أَحْكَامٍ أُخَرَ لِلْمَوْقِفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَوَاقِف الْمَذْكُورَةَ كُلَّهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَإِنْ خَالَفَهَا كُرِهَ اهـ.

وَمِنْ هُنَا قَالَ السُّبْكِيّ تَكَرَّرَ مِنْ النَّوَوِيِّ إطْلَاقُ الْكَرَاهَة عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جَمِيعِ مَا اُسْتُحِبَّ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَابْنِ الْعِمَادِ وَسَبَقَهُمَا الْأَحْنَفُ عَصْرِيٍّ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَاةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَة كَمَا لَوْ قَارَنَهُ فِي الْأَفْعَال اهـ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُسَاوَاةِ بِذَلِكَ بَلْ سَائِرُ الْمَكْرُوهَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ كَذَلِكَ لِمَا يَأْتِي مَبْسُوطًا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مَكْرُوهًا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَة يَمْنَعُ فَضْلَهَا انْتَهَتْ عِبَارَتُهُ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي أَنَّ الْمُقَارَنَةَ أَوْ التَّقَدُّم الْغَيْرَ الْمُبْطِلِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَة وَاعْتَرَضَهُ كَثِيرُونَ بِمَا رَدَّهُ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَبُو زُرْعَةَ.

قَالَ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فَاتَتْ الْجَمَاعَة بَلْ فَاتَ فَضْلُهَا فَهِيَ جَمَاعَةٌ صَحِيحَةٌ لَكِنْ لَا ثَوَابَ فِيهَا.

وَفَائِدَةُ صِحَّتِهَا مَعَ انْتِفَاءِ الثَّوَابِ فِيهَا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا عَيْنًا أَوْ كِفَايَةً وَالْكَرَاهَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا لِقِيَامِ الشِّعَارِ الظَّاهِرِ وَمِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ لِأَنَّ الصِّحَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ حُصُولِهَا مَعَ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ صَلَّى جَمَاعَةً فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَكَوْنِ الْمُدْرِكِ لَهَا فِي التَّشَهُّد فِي جَمَاعَةٍ قَطْعًا وَمَعَ ذَلِكَ قِيلَ لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا وَالْبَغَوِيُّ إنَّمَا نَفَى فَضْلَهَا وَلَمْ يَقُلْ بَطَلَتْ فَدَلَّ عَلَى بَقَائِهَا حَتَّى يَتَحَمَّلَ عَنْهُ السَّهْوَ وَغَيْرَهُ قَالَ

وَالْعَجَبُ مِنْ أُولَئِكَ الْمَشَايِخ أَيْ: الْمُعْتَرِضِينَ كَيْفَ غَفَلُوا عَنْ هَذَا وَتَتَابَعُوا عَلَى هَذَا الْفَسَادِ. وَأَنَّ فَوَاتَ الْفَضِيلَة يَسْتَلْزِمُ الْخُرُوجَ عَنْ الْمُتَابَعَةِ مَعَ وُضُوحِ عَدَمِ التَّلَازُم بَيْنَهُمَا وَجَزْمُ الْبَارِزِيِّ بِحُصُولِ ثَوَابِهَا أَعْجَبُ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوه لَا ثَوَابَ فِيهِ وَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ حُصُولُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ الْآتِيَةَ تُفَوِّتُ الْفَضِيلَة وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي مُسَاوَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَوْقِفِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ.

وَالضَّابِطُ أَنَّهُ حَيْثُ فَعَلَ مَكْرُوهًا مَعَ الْجَمَاعَة أَيْ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ حَالَةَ الِانْفِرَادِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَأْمُور بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُتَابَعَةِ فَاتَهُ فَضْلُهَا إذْ الْمَكْرُوه لَا ثَوَابَ فِيهِ اهـ. الْغَرَضُ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ مُلَخَّصًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا لَفْظُهُ مَنْ كَانَ مَسْبُوقًا. وَسَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ السَّجْدَةَ الْأُولَى وَلَمْ يَسْجُدْ الثَّانِيَة حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ هَلْ يَسْجُدُهَا أَوْ يَقُومُ مُوَافِقًا لِلْإِمَامِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ الْمَأْمُوم سَجَدَ الثَّانِيَة.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ الْمَأْمُوم إذَا أَطَالَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَقَامَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ هَلْ يَقْرَأُ الْفَاتِحَة وَيُعْذَرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ أَوْ يُتَابِعُهُ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ أَوْ يُفَارِقُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>