للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلًا حِينَئِذٍ هَلْ يَكُونُ الْمُقْتَدِي بِهِ الْمَذْكُورُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ لَا لِعَدَمِ حُسْبَانِ رُكُوعِهِ وَهَلْ يُقَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ رُكُوعُهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ وَهَلْ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا لَاقَى النَّجَاسَةَ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ أَوْ آخِرِهَا سَوَاءٌ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَكُونُ الْمُقْتَدِي مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ حَيْثُ طَرَأَ لِإِمَامِهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ مُبْطِلٌ لِصَلَاتِهِ كَحَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَثْنَائِهَا أَمْ آخِرِهَا فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي سُجُودِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الرَّكْعَةَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ رُكُوعًا مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ. ثُمَّ قُلْت وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حَدَثَهُ بَعْدَ أَنْ لَحِقَهُ الْمَأْمُومُ فِي الرُّكُوعِ وَاطْمَأَنَّ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ: وَهُوَ كَوْنُهُ أَدْرَكَ رُكُوعًا مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ وَقْتَ إدْرَاكِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْقَاضِيَ الْحُسَيْنَ صَرَّحَ بِمَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ رَاكِعًا فَاقْتَدَى بِهِ ثُمَّ فَارَقَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ حُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ اهـ قَالَ غَيْرُهُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّحَمُّل بَقَاؤُهُ مَأْمُومًا بِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّحَمُّل قَدْ وُجِدَ وَهُوَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي الرُّكُوعِ كَمَا لَوْ بَطَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ صَلَاةُ الْإِمَامِ اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَذَكَرَ فِيهِ إثْرَ ذَلِكَ كَلَامًا لِابْنِ الْعِمَادِ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ مَعَ مَا قَدَّمْنَا فِي ذَلِكَ وَبَيَّنْتُ مَا فِيهِ بِكَلَامٍ مَبْسُوطٍ أَعْرَضْت عَنْهُ هُنَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ عَمَّا إذَا قَامَ إمَامُهُ لِخَامِسَةٍ هَلْ الْأَوْلَى انْتِظَاره أَوْ فِرَاقُهُ وَفِيمَا إذَا كَانَ مَسْبُوقًا هَلْ هُوَ كَغَيْرِهِ أَوْ لَا حَتَّى تَجُوزَ مُفَارَقَته؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَوْلَى انْتِظَاره وَسَوَاءٌ الْمَسْبُوقُ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِي لِلْعُبَابِ لَوْ قَامَ الْإِمَامُ لِزِيَادَةٍ كَخَامِسَةٍ سَهْوًا لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَته وَإِنْ كَانَ شَاكًّا فِي فِعْلِ رَكْعَةٍ أَوْ مَسْبُوقًا عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ فَإِنْ تَابَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عَلِمَ الْحَالَ أَوْ ظَنَّهُ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُوَافِقًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ يَقِينًا أَوْ غَيْرَ مُوَافِقٍ فَهِيَ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ لِلْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ مُتَابَعَته فِي فِعْلِ السَّهْوِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمَجْمُوع فِي الْجَنَائِزِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ انْتِظَاره بَلْ يُسَلِّمُ فَإِنَّهُ فِي انْتِظَاره مُقِيمٌ عَلَى مُتَابَعَته فِيمَا يَعْتَقِدُهُ مُخْطِئًا فِيهِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ فَفِي الْمَجْمُوع نَفْسِهِ لَوْ سَجَدَ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ مَثَلًا لص جَازَ لَهُ مُفَارَقَته وَانْتِظَاره كَمَا لَوْ قَامَ إمَامُهُ إلَى خَامِسَةٍ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ عَلِمَ الْمَسْبُوقُ بِقِيَامِ إمَامِهِ لِخَامِسَةٍ انْتَظَرَهُ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ مَحْسُوبٌ لَهُ وَصَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ كَابْنِ الْعِمَادِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَرَكَ فَرْضًا جَازَ لِلْمَأْمُومِ انْتِظَاره حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمُنْتَظِمِ وَيُتَابِعهُ فِيهِ فَإِنَّ الْقُدْوَةَ إنَّمَا تَنْقَطِعُ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِفِعْلِ السَّهْوِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ مُفَارَقَته اهـ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ فِي انْتِظَاره مُقِيمٌ عَلَى مُتَابَعَته إلَخْ وَإِنَّمَا حَرَّمُوا عَلَيْهِ الْمُتَابَعَةَ هُنَا وَأَوْجَبُوهَا عَلَيْهِ فِيمَا إذَا سَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ لِخَامِسَةٍ لَمْ يُعْهَدْ بِخِلَافِ سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ لِسَهْوِ إمَامِهِ وَأَمَّا مُتَابَعَتُهُمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَهُوَ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَتَحَقَّقُوا زِيَادَتَهَا؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ كَانَ زَمَنَ الْوَحْيِ وَإِمْكَانِ الزِّيَادَة وَالنَّقْصِ وَلِهَذَا قَالُوا فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِي الْمَسْبُوقَ بِمَا مَرَّ مَا لَوْ جَهِلَ ذَلِكَ فَتَابَعَهُ فَإِنَّ الرَّكْعَةَ تُحْسَبُ لَهُ لَكِنْ إنْ قَرَأَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ كَمَا فِي الْمَجْمُوع؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَتَحَمَّلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمَقْصُودَ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ مُصَلٍّ وَقْتَ تَرَائِي الْهِلَالِ هَلْ يَنْظُرُ إلَى مَحَلِّ سُجُودِهِ فِي صَلَاتِهِ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِمْ تَحْصِيلَ السُّنَّةِ أَوْ إلَى مَطْلَعِ الْهِلَالِ؛ لِأَنَّ تَرَائِيه فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْقِيَاسُ عَلَى رُؤْيَةِ الْمُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ إلَيْهَا عِنْدَ مَنْ اخْتَارَهُ قِيَاسُ أَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَاوِيًا؛ لِأَنَّ نَظَرَهَا سُنَّةٌ وَالتَّرَائِي فَرْضُ كِفَايَةٍ حَتَّى لَوْ قِيلَ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ نَظَرِ الْمُصَلِّي مَحَلَّ السُّجُودِ وَلَوْ عِنْدَهَا لَمْ يَكُنْ يُعِيدُ الْفَرِيضَة التَّرَائِي أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَرَائِي الْهِلَالِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ تَفْرِقَةٌ لَيْسَتْ فِي نَظَرِ الْكَعْبَةِ وَيَزِيدُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَثْنُوا حَالَةَ التَّرَائِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>