للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمْكِنُ رَدُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ قُلْت نَعَمْ إنَّمَا عَبَّرُوا بِالْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ مِنْ أَوَّلِهَا لِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَهُ وَأَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ مَثَلًا إذْ لَا يَظُنُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَسَكَةٍ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُوَافِقٍ جَزْمًا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ الْمُرَادُ بِمَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ مِنْ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ؟ احْتِمَالَات لَمْ أَرَهَا وَالْأَخِيرُ مِنْهَا أَقْرَبُ وَأَضْبَطُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ بَطِيئًا وَأَمْكَنَ الْمَأْمُومَ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فَأَكْثَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى قِرَاءَةِ نَفْسِهِ أَوْ الزَّمَنُ الْمُعْتَدِلُ دُونَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَكُونُ مَسْبُوقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَلِمَا يَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي مِنْ أَنَّ الْبَطِيءَ إذَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ يَكُونُ دَائِمًا مَسْبُوقًا وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ ثُمَّ قَوْلُهُمْ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَنْ لَزِمَتْهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَدَلِهَا مِنْ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ وُقُوفٍ بِقَدْرِهَا.

فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي فَاتِحَةِ مُوَافِقٍ فَجَرَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ فَعِنْدَ وُصُولِهِ لِإِيَّاكَ نَعْبُدُ مَثَلًا قَامَ الْإِمَامُ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا أَوْ مَسْبُوقًا بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْقِيَامِ الثَّانِي اتِّسَاعُهُ لِقِرَاءَةِ مَا بَقِيَ وَعَدَمُهُ لَا لِقِرَاءَةِ جَمِيعِ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بَعْضُهَا لَا كُلُّهَا.

(وَسُئِلَ) عَنْ مَأْمُومٍ تَشَهَّدَ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ يَفْعَلُهُ ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهُ وَقَامَ رَأَى الْإِمَامَ رَاكِعًا فَهَلْ هُوَ حِينَئِذٍ مَسْبُوقٌ أَوْ مُوَافِقٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَأَفْتَى جَمْعٌ بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لَوْ لَمْ يَظُنّ مَا ذُكِرَ فَغَايَةُ ظَنِّهِ أَنْ يَكُونَ دَافِعًا لِلْبُطْلَانِ لَا مُسْقِطًا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَأَفْتَى آخَرُونَ بِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَالْأَقْرَب الثَّانِي وَالتَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَامَ وَجَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ حُرْمَةُ التَّقَدُّمِ عَلَى إمَامِهِ بِفِعْلٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ لَا تَجِبُ مُوَافَقَتُهُ فِي نَحْوِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهَا الْإِمَامُ وَيَتْرُكُهَا الْمَأْمُومُ أَوْ عَكْسُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي إلْحَاقُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ وَيَشْهَدُ لَهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَائِمِ عَامِدًا وَسَاهِيًا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْعَوْدِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ حَيْثُ تَرَكَ فَرْضَ الْمُتَابَعَةِ إلَى فَرْضٍ آخَرَ وَهُوَ الْقِيَامُ بِخِلَافِ الثَّانِي فَمُقْتَضَى صِحَّةِ الْقَصْدِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فِيهِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ لَا تَقَدُّمَ عَلَى الْإِمَامِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ دَخَلَ وَقْتُهُ بِإِتْمَامِ السُّجُودِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ الْمَأْمُومُ فِيهِمَا عَلَى الْإِمَامِ بِرُكْنٍ مُخَالِفٍ لِلرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رُكْنٍ بَلْ فِي مُقَدِّمَةِ الرُّكْنِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمَأْمُومُ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قِيَامِ الْمَأْمُومِ قَبْلَ تَشَهُّدِ الْإِمَامِ وَعَكْسِهِ حَيْثُ حَرُمَ وَأَبْطَلَ الصَّلَاةَ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ لَا غَرَضَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ فَرْضًا لِسُنَّةٍ مَعَ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ شَكَّ هَلْ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَا فَهَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْبُوقِ أَوْ الْمُوَافِقِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ عَلَى مَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي فَاتِحَتِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ خِلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مُسْقِطُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ مَا لَزِمَهُ وَلِأَنَّ إدْرَاكَ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ رُخْصَةٌ أَوْ فِي مَعْنَى الرُّخْصَةِ فَلَا يُنَاطُ مَعَ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لَهُ وَلِأَنَّ التَّخَلُّف عَنْ الْإِمَامِ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ مِنْ تَرْكِ إكْمَالِهَا وَمُتَابَعَة الْإِمَامِ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ هَاوِيًا هَلْ يَصِحُّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مَتَى أَنْهَى تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَام قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ أَقْرَبَ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ عَارٍ أَفْقَهَ وَمَسْتُورٍ فَقِيهٍ مَنْ الْمُقَدَّم مِنْهُمَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعَارِيَ مُقَدَّمٌ إذْ لَا نَقْصَ فِيهِ يُعَارِضُ فَضِيلَتَهُ الَّتِي زَادَ بِهَا وَأَيْضًا فَفَضِيلَتُهُ ذَاتِيَّةٌ وَذَاكَ كَمَالُهُ بِالسَّتْرِ عَرَضِيٌّ لَا ذَاتِيٌّ وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ كُلُّ مُقَدَّمٍ اخْتَلَّ فِيهِ شَرْطٌ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَة كَالتَّيَمُّمِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>