تَصْوِيرِ ابْنِ الْأُسْتَاذِ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ الشَّافِعِيِّ بِحَنَفِيٍّ افْتَصَدَ بِمَا إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هُوَ مُتَّجَهٌ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ حَتَّى فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَكَيْفَ يَرْبِطُ صَلَاتَهُ بِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ خِلَافُهُ.
(وَسُئِلَ) رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنْ رَجُلٍ اقْتَدَى بِخُنْثَى مُعْتَقِدًا أَنَّهُ رَجُلٌ ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَانَ أَنَّهُ خُنْثَى ثُمَّ بَانَ رَجُلًا فَهَلْ تَصِحُّ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اقْتَدَى الْخُنْثَى بِامْرَأَةٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا رَجُلٌ ثُمَّ بَانَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَنَّ الْخُنْثَى أُنْثَى حَيْثُ صَحَّحَ الرُّويَانِيُّ الْإِعَادَة؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَة فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَة وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى اعْتَقَدَ مَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَة إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعِبَادَاتِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَظَنِّ الْمُكَلَّف وَهُنَا تَطَابَقَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَة فَقَدْ اعْتَقَدَ غَيْرَ الْوَاقِعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَأُلْغِيَ هَذَا الِاعْتِقَادُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا ذُكِرَ وَإِذَا لُغِيَ لَزِمَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ فَوَجَبَتْ الْإِعَادَة.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ جَرَّ شَخْصًا مِنْ الصَّفِّ لِيُحْرِم مَعَهُ فَهَلْ تَفُوتُهُ سُنَّةُ الصَّفِّ وَهَلْ هُوَ مِنْ الْإِيثَارِ بِالْقُرْبِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَيْسَ هُوَ مِنْ الْإِيثَارِ بِالْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِمُطَاوَعَتِهِ لِجَارِّهِ فَلَمْ يَتْرُكْ قُرْبَةً إيثَارًا لِغَيْرِهِ بِهَا بَلْ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الشَّارِعِ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ فَضِيلَةُ الصَّفِّ لَمْ تَفُتْهُ وَإِنْ قُلْنَا بِفَوْتِ ثَوَابِ الْجَمَاعَة لِمَنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِهَا وَإِنَّمَا رُخِّصَ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَيَنْبَغِي أَنَّ ثَوَابَ مُطَاوَعَتِهِ أَعْلَى مِنْ ثَوَابِ الصَّفِّ؛ لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُتَعَدِّيًا بِخِلَافِهِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْمُنْفَرِدِ عَنْ الصَّفِّ هَلْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الصَّفِّ أَوْ الْجَمَاعَة؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَفُوتُهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَة لِقَوْلِهِمْ كُلُّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَة يَفُوتُ ثَوَابُهَا أَيْ: وَإِنْ وَقَعَتْ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً حَتَّى لَا كَرَاهَةَ وَلَا حُرْمَةَ عَلَى مَنْ فَعَلَهَا مَعَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَكْرُوهِ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَة مَا تَوَقَّفَ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِهَا بِأَنْ لَا يُتَصَوَّرَ وُقُوعُهُ مِمَّنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَلَّى صُفُوفٌ وَرَاءَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَعَ فُرْجَةٍ فِيهِ تَسَعُ جَمَاعَةً أَوْ وَاحِدًا فَهَلْ يَفُوتُ غَيْرَ مَنْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَة؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يُكْرَهُ عَدَمُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَحَيْثُ تَرَكُوا فُرْجَةً فَلَا تَسْوِيَةَ وَهَذَا مَكْرُوهٌ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَة فَتَفُوتُ فَضِيلَتُهَا وَهَلْ تَفُوتُ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ كُلِّهِمْ مَا عَدَا أَهْلَ الصَّفِّ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ الْمَجِيءُ إلَى تِلْكَ الْفُرْجَةِ أَوْ عَلَى مَنْ يَلِيهَا مِنْ أَهْلِ الصَّفِّ الثَّانِي فَقَطْ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَالْأَقْرَب فَوَاتُهَا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا وَأَمْكَنَهُ الْمَجِيءُ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ الصَّفِّ الثَّانِي وَغَيْرِهِمْ لِتَقْصِيرِ الْكُلِّ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ خَرْقِ الصُّفُوفِ لِلْفُرْجَةِ وَالْمُرُورِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِمْ وَإِنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِصَفَّيْنِ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّهُ مِثْلُ التَّخَطِّي فِي الْجُمُعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِمَّنْ جَلَسَ وَبَيْنَ يَدِهِ فُرْجَةٌ بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى كَذَلِكَ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ دُونَ إمَامِهِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَنَتَ دُونَهُ مُصَلِّي الظُّهْرَ وَرَاءَهُ أَوْ غَيْرُهُ فَمَا الْفَرْقُ مَعَ أَنَّ التَّخَلُّف لِسُنَّةٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى أَحْدَثَ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ أَلْبَتَّةَ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَة فَإِنَّمَا طَوَّلَ قِيَامًا فَعَلَهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُحْدِثْ قِيَامًا لَمْ يَفْعَلْهُ وَمِنْ ثَمَّ جَلَسَ الْإِمَامُ وَلَوْ لِكَلِمَةٍ مِنْ التَّشَهُّدِ كَانَ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّف لِإِتْمَامِهِ كَالْقُنُوتِ فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ مَا ضَابِطُ الْمَسْبُوقِ وَالْمُوَافِقِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ضَابِطِهِمَا فَقَالَ جَمَاعَةٌ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُوَافِقَ مَنْ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ وَالْمَسْبُوقُ بِخِلَافِهِ وَقَالَ آخَرُونَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ مَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ وَالْمَسْبُوقُ بِخِلَافِهِ.
وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ مَعَ الْإِمَامِ مَسْبُوقٌ وَإِنْ أَدْرَكَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَأَضْعَافَهُ وَالْتِزَامُ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَالْمُنَافَاةِ لِكَلَامِهِمْ وَمِنْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لَنَا مَسْبُوقٌ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا الثَّانِي بِأَنَّ التَّعْبِير بِالْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُوَافِقُ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا فَإِنْ قُلْت هَلْ