الْحَمْدِ أَتَى أَجْزَأَهُ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامٍ لِلْجِيلِيِّ وَغَيْرِهِ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ غَرِيبٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ.
وَقَوْلُهُ وَلَا نَقُولُ إنَّ لِلْحَمْدِ لَفْظٌ مُتَعَيَّنٌ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى لُغَةٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ وَهِيَ إهْمَالٌ.
وَقَوْلُهُ وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُضْمَرِ وَكَوْنِهِ أَوْلَى قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] إلَخْ إنْ أَرَادَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ لِلْجَوَازِ الْمُطْلَقِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ أَوْ لِلْجَوَازِ فِي الْخُطْبَةِ قِيلَ لَهُ سَارَتْ مُشَرِّقَةً وَسِرْت مُغَرِّبًا شَتَّانَ بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبٍ وَإِذَنْ قَدْ انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ الْمَعْلُوم مِنْهُ. رَدُّ بَقِيَّةِ الْأَجْوِبَةِ لِمَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ لَكِنْ مِنْ حَقِّ هَذَا الْمَقَامِ أَنْ يُزَادَ فِي إيضَاحِهِ وَبَسْطِهِ فَنَقُولُ: قَوْلُ الثَّانِي نَقْلًا عَمَّنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ أَبْلَغُ وَأَجْزَلُ إلَخْ إذَا أَرَادَ بِهِ إطْلَاقَ الْأَبْلَغِيَّةِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ الظَّاهِرَ قَدْ يُؤْتَى بِهِ بَدَلًا عَنْ الضَّمِيرِ لِزِيَادَةِ التَّقْرِير وَالتَّمْكِينِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤] وَقَدْ يُؤْتَى بِهِ لِتَعْظِيمِ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [العنكبوت: ١٩] وَقَدْ يُؤْتَى بِهِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَا أُسْنِدَ إلَيْهِ هُوَ اللَّائِقُ بِهِ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى الْآيَةُ الثَّانِيَة أَيْضًا وقَوْله تَعَالَى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} [النساء: ٦٤] وَلَمْ يَقُلْ وَاسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ يُنْبِئُ عَنْ قَبُولِ شَفَاعَتِهِ وَإِذَا أَرَادَ بِهِ خُصُوصِيَّةَ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْأَمْكِنَةِ فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ الْمَوَاضِع الَّتِي يَكُونُ الْإِتْيَانُ فِيهَا لَفْظًا بِالظَّاهِرِ أَجْزَلَ؛ لِأَنَّ الْبَلَاغَة فِي الْخُطْبَةِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا وَالْبَلَاغَةُ فِيهِ أَبْلَغُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوَاعِد الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرْتهَا تَتَأَتَّى فِيهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْخَطِيبِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ الْحَاشِرِ أَوْ الْمَاحِي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَلَوْ بَعْدَ سَبْقِ ذِكْرِهِ يَدُلُّ عَلَى التَّقْرِير وَالتَّمْكِينِ وَيَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ لَمْ يَكْتَفِ فِي التَّسْوِيَةِ بِمَزِيدِ شَرَفِهِ إلَّا بِاسْمِهِ الظَّاهِرِ دُونَ ضَمِيرٍ يَرْجِعُ لِمَا سَبَقَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ طَلَبِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اسْمُهُ أَوْ وَصْفُهُ الشَّرِيفُ مِنْ زِيَادَةِ تَحَلِّيه مِنْ مَحَامِد الْهِبَةِ أَوْ الْإِنْبَاءِ أَوْ الرِّسَالَة عَنْ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك أَتَمَّ ظُهُورٍ وَيَتَّضِحُ لَك أَكْمَلَ إيضَاحٍ عِلَّةُ وُجُوبِهِمْ الْإِظْهَار فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَعَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ إذْ عَوْدُهُ عَلَى الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ هُوَ الْأَصْلُ وَلَا يَتَيَقَّظُ السَّامِعُ عِنْدَ سَمَاعِهِ لِنُكْتَةٍ فِيهَا مَزِيدُ تَشْرِيفٍ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عُدِلَ عَنْ الْأَصْلِ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ ذِكْرُ الْمُظْهَرِ فَإِنَّ السَّامِعَ حِينَئِذٍ يَتَنَبَّهُ إلَى نُكْتَةِ الْعُدُولِ فَيَسْتَفِيدُهَا فَفِيهِ مِنْ رِعَايَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَرَفِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ أَمْكَنَ مَا لَا يَخْفَى.
وَقَوْلُهُ وَكَانَ الْقِيَاسُ إلَخْ مَمْنُوعٌ لِإِيضَاحِ الْفَارِقِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ هُوَ الْوَاهِمُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ بَحْثٍ وَقَوْلُهُ وَغُلُوٌّ فِي الْجُمُودِ عَلَى الظَّاهِرِ هُوَ الْجُمُودُ الْمَحْضُ الْمُنْبِئُ عَنْ عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْفَوَائِدِ وَالْقَوَاعِدِ الَّتِي أَشَرْت إلَيْهَا وَقَوْلُهُ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ مُجَرَّدُ دَعْوَى كَمَا وَقَعَ لِمَنْ قَبْلَهُ كَمَا قَدَّمْت رَدَّهُ. وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ مِنْ الْمَفْهُومَات الْبَوَارِدِ هُوَ الْبَارِدُ النَّاشِئُ عَنْ بَرْدِ الْقُطْنَةِ وَجُمُودِ الْقَرِيحَةِ وَقَوْلُ الثَّانِي وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى فُحُولَتِهِ مُجَرَّدُ تَقْلِيدٍ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ وَقَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ هُوَ مِنْ التَّهْوِيلِ بَلْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَوَّلُ مِمَّا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَلَا يَقْبَلُهُ إلَّا غَبِيٌّ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْمَآخِذُ وَالْقَوَاعِدِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ التَّفْقِيه مِنْ التَّعَجُّبِ مِنْ إيجَابِ الشَّافِعِيِّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُطْبَةِ مَمْنُوعٌ وَقَدْ بَيَّنَ أَصْحَابُنَا دَلِيلَ ذَلِكَ مِنْ الْقِيَاسِ وَفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.
وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلظَّاهِرِ وَالْمُضْمَر إلَخْ. نَاشِئٌ عَنْ النَّظَرِ لِبَعْضِ كَلَامِهِمْ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ بَاقِيه وَعَنْ مَدَارِكِهِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٥٦] هُوَ نَظِيرُ مَا وَقَعَ لِلْمُجِيبِ الْأَوَّلِ مِمَّا مَرَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا مُطَابَقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدْلُول كَوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِدْلَالَاتِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَوْلُهُ إذْ الْغَرَضُ إلَخْ مَمْنُوعٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ مَحْمُولٌ إلَخْ لَا دَلِيلَ لِهَذَا الْحَمْلِ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَهُّمُ نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ سَبْقِ مَا يَرْجِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute