للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاءُ عَلَى بَعْضِ الْمُتَنَجِّسِ فَإِنْ كَانَتْ نَجَاسَتُهُ حُكْمِيَّةً طَهُرَ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنِيَّةً وَزَالَتْ يَجِبُ فِي غَسْلِ الْبَاقِي إدْخَالُ جُزْءٍ مِمَّا أَصَابَهُ الْمَاءُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا إذَا مَاتَ النَّحْلُ وَفِيهِ عَسَلٌ فَهَلْ يَنْجُسُ؟

(فَأَجَابَ) الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ؛ لِأَنَّ مَيْتَتَهَا لَا تُنَجِّسُ مَا مَسَّتْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - بِمَا صُورَتُهُ فُرِضَ آدَمِيٌّ مُتَوَلَّدٌ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَكَلْبٍ فَمَا حُكْمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْوَجْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يَكُونُ نَجِسُ الْعَيْنِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ حَتَّى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَحُرْمَةِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ إلَّا مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ، وَتُغْتَفَرُ نَجَاسَتُهُ بِالْقِيَاسِ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَا تُغْتَفَرُ بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ نَحْوَ زَوْجَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الِاقْتِدَاءِ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: كُلُّ مَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ صِحَّةَ الْقُدْوَةِ بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالسَّلَسِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَنْ ثَوْبٍ بِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَدَمِ بَرَاغِيثَ، فَوَقَعَ فِيهِ نَجَسٌ آخَرُ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَأُرِيدَ غَسْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ أَيْضًا إزَالَةُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ تَبَعًا أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْسُرُ زَوَالُهُ وَقَدْ يَشُقُّ لِكَثْرَتِهِ

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ، لَكِنْ أَفْتَى بَعْضُ الْيَمَنِيِّينَ بِخِلَافِهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ قَدْ يَنْتَشِرُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ بِمَاءِ التَّطْهِيرِ فَهُوَ كَانْتِشَارِهِ بِالْعَرَقِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ تَخَيَّلَ مُتَخَيِّلٌ أَنَّ الْمَاءَ يَتَأَثَّرُ بِوُصُولِهِ إلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ ثُمَّ يَسْرِي إلَى بَاقِي الثَّوْبِ فَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى مَوْضِعَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَصَبَّ الْمَاءَ عَلَى أَعْلَاهُمَا فَمَرَّ عَلَيْهِ ثُمَّ انْحَدَرَ لِلْأَسْفَلِ فَإِنَّهُمَا يَطْهُرَانِ جَمِيعًا، فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ فِيمَا ذَكَرَهُ يُطَهِّرُ النَّجِسَ الْأَسْفَلَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُطَهِّرُ الْأَعْلَى وَلَا يَتَأَثَّرُ بِهِ، فَصُورَتُنَا أَوْلَى بِعَدَمِ التَّأَثُّرِ هَذَا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَتَانِ عَلَى مَوْضِعَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْغَسْلِ بِحَيْثُ تَزُولُ أَوْصَافُهُمَا أَوْ يَبْقَى مَا تَعَسَّرَ إزَالَتُهُ مِنْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا بَقِيَ لَوْنُ إحْدَاهُمَا وَرِيحُ الْأُخْرَى فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ يُفْهِمُ الطَّهَارَةَ اهـ. وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَنْ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ هَلْ يُفَرَّقُ فِي طَهَارَتِهَا بَيْنَ الْمُنْفَصِلَةِ وَغَيْرِهَا؟ وَهَلْ قَوْلُ الْأَقْفَهْسِيِّ فِي شَرْحِ مَنْظُومَتِهِ فِي النَّجَاسَاتِ، وَأَمَّا رُطُوبَةُ الْفَرْجِ فَالصَّحِيحُ طَهَارَتُهَا مَا لَمْ تَنْفَصِلْ مُعْتَمَدٌ أَعْنِي تَقْيِيدَهُ بِعَدَمِ الِانْفِصَال حَتَّى إذَا انْفَصَلَتْ عَنْ الْفَرْجِ تَكُونُ نَجِسَةً، وَكَذَا نَقَلَ شَيْخُنَا الْعَلَامَةُ مُوسَى بْنُ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَنْ الْخَادِمِ مَا لَفْظُهُ: (هَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ اتِّصَالِهَا فَلَوْ انْفَصَلَتْ فَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهَا نَجِسَةٌ بِلَا شَكٍّ يَعْنِي بِلَا خِلَافٍ) اهـ.

هَلْ كَلَامُهُ هَذَا فِي الرُّطُوبَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ قَعْرِ الرَّحِمِ الْمَوْصُوفَةِ أَنَّهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْعَرَقِ وَالْمَذْيِ أَوْ فِي الرُّطُوبَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْبَاطِنِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَهِيَ مَقِيسَةٌ عَلَى الْعَرَقِ، وَالْعَرَقُ طَاهِرٌ مُطْلَقًا انْفَصَلَ أَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ، وَأَيْضًا فَإِنَّ سَيِّدَنَا الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيَّ ذَكَرَ فِي الْمُهَذَّبِ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ فِيهَا مَا لَفْظُهُ: (وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ كَسَائِرِ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ) اهـ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ طَاهِرَةٌ مُطْلَقًا وَإِنْ انْفَصَلَتْ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ (وَكَذَا رُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ كَعَرَقِهِ وَمَنِيِّهِ) لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ (وَأَمَّا الرُّطُوبَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ فَنَجِسَةٌ) اهـ.

فَقَوْلُهُ: (بَاطِنُ الْفَرْجِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ عَبَّرَ بِهَا هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ - نَفَعَ اللَّهُ بِهِمْ - وَلَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَبْقَى الْإِنْسَانُ مَعَهُ فِي الْحَيْرَةِ الْعَظِيمَةِ؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا الْمُصَحَّحَ فِيهَا الطَّهَارَةُ لَا شَكَّ أَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ، وَعِبَارَةُ الْجَوْجَرِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَلَا مُتَرَشَّحَ مِنْ طَاهِرٍ، وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ طَاهِرَةٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ وَنَجِسَةٌ مِنْ النَّجِسِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ قَالَ، وَأَمَّا الرُّطُوبَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ بَاطِنِ الْمَرْأَةِ فَهِيَ نَجِسَةٌ اهـ. كَلَامُ الْجَوْجَرِيِّ، وَعِبَارَةُ الْإِسْعَادِ (أَمَّا الرُّطُوبَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ جَوْفِ الْمَرْأَةِ مَثَلًا إلَى دَاخِلِ الْفَرْجِ فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِنَجَاسَةِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ) اهـ فَالْقَصْدُ مِنْ تَفَضُّلِكُمْ تَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الِانْفِصَالِ وَعَدَمِهِ فِي الرُّطُوبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>