للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا الْأَخِيرِ الَّذِي رَجَّحَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ لَكِنْ لَوْ بِيعَ لَاحْتَجْنَا إلَى دَفْعِهِ لَهُ فِي سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ لَا يَمْنَعُ وُجُودُهُ أَنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ لِأَنَّا لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ لَصَرَفْنَا إلَيْهِ بَدَلَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ أَوْ ضِيَاعٌ وَعَادَتُهُ اسْتِغْلَالُهَا أَوْ رَأْسَ مَالًا يَتَّجِرُ فِيهِ وَالرِّيعُ وَالْكَسْبُ لَا يَزِيدَانِ عَلَى كِفَايَتِهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ إعْطَائِهِ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ اهـ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَسْتَغِلُّهُ إنْ كَانَ يَنْقُصُ دَخْلُهُ عَنْ كِفَايَتِهِ أُعْطِيَ إمَّا بِالْفَقْرِ أَوْ الْمَسْكَنَةِ وَإِنْ كَانَ دَخْلُهُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ لَمْ يُعْطَ بِفَقْرٍ وَلَا مَسْكَنَةٍ بَلْ بِكَوْنِهِ مَدْيُونًا وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ دَخْلُهُ عَلَى كِفَايَتِهِ كُلِّفَ صَرْفُ الزَّائِدِ فِي الدَّيْنِ وَأُعْطِيَ مَا يَقْضِي بِهِ بَاقِي دَيْنِهِ.

وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ إذَا مَلَكَ الرَّجُلُ مَالًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ هَلْ يَجُوزُ صَرْفُ سَهْمِ الْغَارِمِينَ إلَيْهِ قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَالُهُ لَا يَزِيدُ عَلَى قُوتِهِ وَعَلَى قُوتِ عِيَالِهِ لِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ نُظِرَ إنْ كَانَ قَدْرًا يَفِي بِنَفَقَتِهِ سَنَةً وَلَوْ صُرِفَ إلَى الدَّيْنِ قَضَاهُ لَا يَجُوزُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَيْ أَنْ يُصْرَفَ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَلَا مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَإِنْ صَرَفَهُ إلَى دَيْنِهِ حِينَئِذٍ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانَ يَفِي بِدَيْنِهِ وَلَا يَبْلُغُ نَفَقَةَ سَنَةٍ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ قَدْرَ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ وَلَا يَجُوزُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ اهـ وَتَعْبِيرُهُ بِالسَّنَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ إنَّمَا يُعْطَيَانِ كِفَايَةَ سَنَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يُعْطَيَانِ كِفَايَةَ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ - عَمَّا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مَدِينَةٌ فَهَلْ تُعْطَى لِأَجْلِ دَيْنِهَا مِنْ الزَّكَاةِ مَعَ أَنَّهَا تَمْلِكُ مِنْ الْمَصَاغِ مَا يُوَفِّيهِ لَكِنْ تَحْتَاجُهُ لِلتَّجَمُّلِ بِهِ لِيُرْغَبَ فِيهَا لَأَجْلِهِ أَوَّلًا وَيَلْزَمُهَا بَيْعُهُ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْمَنْقُولُ عَنْ بَعْضِ شُرُوحِ الْمِفْتَاحِ وَغَيْرِهِ الَّذِي قَدَّمْتُهُ قَرِيبًا أَنَّهَا تُعْطَى دَيْنَهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا يَلْزَمُهَا بَيْعُ حُلِيِّهَا الْمُحْتَاجَةِ إلَيْهِ لِتَتَجَمَّلَ بِهِ أَوْ لِتُؤَجِّرَهُ لِمَنْ يَتَجَمَّلُ بِهِ وَتَتَقَوَّتُ بِأُجْرَتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي بَذْرِ زَرْعٍ هَلْ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا إعْطَاءُ الْآخَرِ مِنْ زَكَاةِ ذَلِكَ الزَّرْعِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَذَاكَ وَإِلَّا فَمَا الْحِيلَةُ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ مَتَى أَعْطَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا زَكَاةَ حِصَّتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ الْمُتَّحِدِ مَعَهُ فِي نَحْوِ الْحَبِّ جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً أَوْ الْأَعْلَى مِنْهُ أَوْ مِنْ حِصَّتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ لَكِنْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ حَيْثُ جَازَتْ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الشَّرِيكُ مِنْ مُسْتَحَقِّي الزَّكَاةِ فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ حِصَّتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَأَنْ قَالَ لَهُ مَلَّكْتُكَ ثَمَنَ حِصَّتِي زَكَاةً احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْحِصَّةِ هُنَا لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِالْإِجْزَاءِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ اعْتِمَادُهُ وَدَعْوَى الْجَهْلِ الْمَذْكُورَةِ مَمْنُوعَةٌ إذْ يَكْفِي الْعِلْمُ بِالْحِصَّةِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَنِصْفِ هَذَا الْحَبِّ أَوْ ثُلُثِهِ فَإِذَا مَلَكَ شَرِيكُهُ الْمُسْتَحِقُّ ثُلُثًا عَنْ زَكَاةِ حِصَّتِهِ أَوْ كُلَّ زَكَاةِ حِصَّتِهِ حَيْثُ جَازَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُسْتَحِقٌّ غَيْرُهُ وَلَمْ يَفْضُلْ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْءٌ عَنْ حَاجَتِهِ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِجْزَاءِ حِينَئِذٍ وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْعَيْنِ لِلْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَمَا مَرَّ.

وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَأَرَادَا أَنْ يُخْرِجَا عَنْهَا شَاةً مُشْتَرَكَةً أَيْضًا فَيَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبِهِ بَعْضَ زَكَاتِهِ أَوْ كُلَّهَا بِالْقَيْدِ السَّابِقِ وَلَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ اشْتِرَاكَهُمَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَذَا يُقَالُ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ مَعَ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ وَكِيلٌ ابْتِدَاءً شَرِيكٌ انْتِهَاءً إذَا حَصَلَ رِبْحٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إعْطَاءُ الْآخَرِ مِنْ زَكَاتِهِ وَلَوْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَصْلًا وَرِبْحًا لِمَا مَرَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَمَّا لَوْ أُعْطِيت الزَّكَاةُ قَبْلَ قِسْمَتِهَا بَيْنَ الْأَصْنَافِ هَلْ يُصَادِفُ مَحَلًّا أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَتْ الْأَصْنَافُ الَّتِي فِي الْبَلَدِ أَيْ: ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وُجِدَ أَوْ أَقَلُّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ لَمْ يُوجَدْ تَكْمِلَتُهَا وَأَعْطَى جَمِيعَ زَكَاتِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ أَوْ لِجَمِيعِهِمْ فَقَدْ مَلَكُوهَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِذَلِكَ وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ اسْتِحْقَاقِهِمْ فَإِنْ تَرَاضَوْا بِقِسْمَتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>