قُرْبٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَذَلِكَ لِضَرُورَةِ الْفَقْدِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا غَيْرُ كَمَا يَأْتِي وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدٌ فِي أَوَّلِ أَحْوَالِ الْمِائَتَيْنِ الْآتِيَةِ وَإِنْ وَجَدَهُ أَيْ الْوَاجِبَ أَوْ بَدَّلَهُ بِالثَّمَنِ فَهَلْ يُطَالَبُ بِتَحْصِيلِ الْوَاجِبِ وَهُوَ بِنْتُ الْمَخَاضِ لِأَنَّهَا الْأَصْلَ فَإِنْ دَفَعَ ابْنَ لَبُونٍ قُبِلَ مِنْهُ أَوْ بِأَحَدِهِمَا بِأَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِ اللَّبُونِ لِأَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْمَجْمُوعُ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ يُرَجِّحَاهُمَا وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْهُمَا شَيْئًا فِيمَا عَلِمْت.
وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي أَنَّا إذَا جَعَلْنَا الشَّاةَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ أَصْلًا أَجْبَرْنَاهُ عَلَى أَدَائِهَا فَإِنْ أَدَّى الْبَعِيرَ قُبِلَ مِنْهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ رَجَّحَ التَّخْيِيرَ وَالْأَذْرَعِيُّ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَدِّ زَكَاتَك وَوَاجِبَ مَالِكَ إذْ لَوْ خُيِّرَ رُبَّمَا دَفَعَ الْأَدْنَى أَوْ نَصَّ لَهُ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ ظَنَّ تَعَيُّنَهَا عَلَيْهِ فَيَتَكَلَّفُهَا اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِبِنْتِ الْمَخَاضِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَقُولُ بِهِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ لَا بِالْوَاجِبِ لِأَنَّهُ الَّذِي بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ طُولِبَ بِالْوَاجِبِ وَنَحْوِهِ فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا فَهَلْ يَنُصُّ لَهُ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ أَوْ يُخَيَّرُ وَفِيهِ مَا مَرَّ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَهُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ الصُّعُودُ إلَى فَرْضٍ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ وَبَدَلُهُ وَيَأْخُذُ الْجُبْرَانَ وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ بِمِلْكِهِ ابْنُ لَبُونٍ إخْرَاجُهُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا ثُمَّ فَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَا فَاقِدٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِخِلَافِهِ ثُمَّ انْتَهَتْ وَعِبَارَتُهُ فِي ثَانِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شِقْصٌ لِقِلَّتِهِ أُخِذَ مِنْهُ النَّقْدُ لِلضَّرُورَةِ) هَذَا لَا يُلَائِمُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ النَّقْدِ وَالشِّقْصِ إلَّا بِنَوْعِ تَعَسُّفٍ، وَالْمَجْمُوعُ، وَإِنْ عَبَّرَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ لَكِنَّهُ غَايَرَ الْأُسْلُوبَ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِ عِبَارَتِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَعَيَّنَ النَّقْدُ كَمَا عَبَّرْت بِهِ فِيمَا مَرَّ وَيُحْذَفُ التَّعْلِيلُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ النَّقْدِ وَلَوْ مَعَ تَيَسُّرِ شِرَاءِ الشِّقْصِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ دَفْعُهُ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ شِرَاءِ جُزْئِهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْدِلُ إلَى غَيْرِ الْجِنْسِ لِلضَّرُورَةِ كَفَاقِدِ شَاةٍ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَكَفَاقِدِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَابْنِ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْقِيمَةَ كَمَا مَرَّ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ جُبْرَانُ الْوَاجِبِ كَدَرَاهِمِ الْجُبْرَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارُوا بِتَعْبِيرِهِمْ بِالْجَبْرِ.
وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنَّ الِانْتِقَالَ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَابْنِ اللَّبُونِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْقِيمَةَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي سَائِرِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ أَيْ فَمَتَى فَقَدَ الْفَرْضَ فِي مَالِهِ وَلَمْ يَجِدْهُ بِالثَّمَنِ جَازَ إخْرَاجُ قِيمَتِهِ وَجَازَ لَهُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ بِالْجُبْرَانِ وَعَدَمِهِ بِشَرْطِهِ وَمِمَّنْ اعْتَمَدَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَخَذُوهُ مِنْ قَضِيَّةِ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ إخْرَاجَ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَابْنِ اللَّبُونِ الْمَذْكُورَةِ وَبِذَلِكَ مَعَ مَا مَرَّ عَنْ الْكِفَايَةِ مَعَ تَنْظِيرِ الزَّرْكَشِيّ فِيهِ وَجَوَابُهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الصُّعُودُ وَلَا النُّزُولُ بِالْجُبْرَانِ انْتَهَتْ.
وَبِتَأَمُّلِ الْعِبَارَتَيْنِ لَا سِيَّمَا مَا فِي الْأُولَى عَنْ الْكِفَايَةِ وَتَنْظِيرُ الزَّرْكَشِيّ مَعَ جَوَابِهِ عَنْهُ وَمَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يَعْدِلُ لِغَيْرِ الْجِنْسِ لِلضَّرُورَةِ اتَّضَحَ لَك صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَنَّهُ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَأَنَّ تَقْيِيدَهُ بِعَدَمِ إمْكَانِ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُنَابَذَتِهِ لِمَا مَرَّ عَنْ الْكِفَايَةِ وَلِلْمَعْنَى لِأَنَّ فَقْدَ الْوَاجِبِ خَيَّرَهُ بَيْنَ بَذْلِ الْقِيمَةِ وَالصُّعُودِ وَالنُّزُولِ بِشَرْطِهِ وَقَدْ جَرَيْت عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ (فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ الْمَخَاضِ فَابْنُ لَبُونٍ) وَمَرَّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهَا وَلَا ابْنَ لَبُونٍ فَرَّقَ قِيمَتَهَا وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَالِهِ سِنٌّ يُجْزِئُ وَأَمْكَنَ الصُّعُودُ إلَيْهِ مَعَ الْجُبْرَانِ وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ شَارِحٌ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ ابْنَ اللَّبُونِ بَدَلٌ وَقَدْ أَلْزَمُوهُ تَحْصِيلَهُ فَكَذَا هُنَا اهـ.
وَفِي كُلٍّ مِنْ الْبَحْثِ وَالتَّأْيِيدِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ أَمَّا الْبَحْثُ فَلِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فِي الْكِفَايَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ وَالصُّعُودِ بِشَرْطِهِ كَمَا حَرَّرْتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ فَإِذَا فَقَدَ الْوَاجِبَ خُيِّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ إخْرَاجِ قِيمَتِهِ أَوْ الصُّعُودِ أَوْ النُّزُولِ بِشَرْطِهِ وَأَمَّا التَّأْيِيدُ فَلِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْأَصْلِ فَكَيْفَ يُقَاسُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ حَتَّى يُقَالَ إذَا أُلْزِمَ بِتَحْصِيلِ الْبَدَلِ فَكَيْفَ يُلْزَمُ بِتَحْصِيلِ أَصْلٍ آخَرَ انْتَهَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute