للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي كَوْنِ الْيَوْمِ يَوْمَ شَكٍّ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ شَهِدُوا مِنْ نَحْوِ النِّسَاءِ يُظَنُّ صِدْقَهُمْ أَيْ مِنْ شَأْنِهِمْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى ظَانٍّ بِخُصُوصِهِ فَحَيْثُ كَانُوا كَذَلِكَ صَارَ الْيَوْمُ يَوْمَ شَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ النَّاسِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى كُلِّ فَرْد فَرْد بِالْخُصُوصِ فَمَنْ اعْتَقَدَ الصِّدْقَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَمَنْ لَا حَرُمَ عَلَيْهِ وَلِأَجْلِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَمْ يَكْتَفِ بِصَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا فَاسِقٍ وَحْدَهُ بَلْ اشْتَرَطَ الْجَمْعَ مِنْ كُلٍّ لِيَصِيرَ ذَلِكَ آكَد فِي ظَنِّ الصِّدْقِ وَاحْتِيَاطًا لِلتَّحْرِيمِ.

، وَأَمَّا مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيِّ فَشَرْطُهُ أَنْ يَقَعَ الظَّنُّ مِنْ ظَانٍّ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُخَاطَبَ بِالْوُجُوبِ فَإِذَا أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ مِمَّنْ ذَكَر وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُهُ فَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِمَا ذَكَر وَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ الِاعْتِقَادُ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ وَلِذَا اُكْتُفِيَ فِي الْوُجُوبِ بِوَاحِدٍ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ الْبَغَوِيِّ وَغَيْره لِوُجُودِ الِاعْتِقَادِ الْأَقْوَى وَلَمْ يَكْتَفِ فِي التَّحْرِيمِ إلَّا بِجَمْعٍ لِيَتَقَوَّى بِهِمْ الظَّنُّ الْأَضْعَفُ وَلَا بِدْعَ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمُ يَوْمَ شَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعُمُومِ وَيَكُونَ بِالنِّسْبَةِ إلَى خُصُوصِ بَعْضِ النَّاسِ يَجِبُ صَوْمُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَيْنِ صِحَّةُ نِيَّةِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ وَأَيْضًا فَإِذَا نَوَى بَعْد أَنْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ وَظُنَّ صِدْقُهُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يَجِب اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ وَإِلَّا حَرُمَ الْإِمْسَاكُ لِكَوْنِ الْيَوْمِ يَوْمَ شَكٍّ.

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتَهُ بِمَا لَفْظُهُ يَحْرُم الصَّوْمُ بَعْد نِصْفِ شَعْبَانَ إنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَوْ يَصِلُهُ بِمَا قَبْلَهُ مَا ضَابِطُ الْعَادَةِ هُنَا وَيَوْم الشَّكّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ إنْ لَمْ يَتَخَلَّل فِطْر مِثْل ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي اعْتَادَهُ فَإِذَا اعْتَادَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي أَكْثَرِ أَسَابِيعِهِ جَازَ لَهُ صَوْمُهُ بَعْد النِّصْفِ وَيَوْم الشَّكِّ، وَإِنْ كَانَ أَفْطَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا يَصْدُق عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ مُعْتَاده، وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْن عَادَتِهِ وَصَوْمِهِ بَعْد النِّصْفِ فَطَرَهُ، وَأَمَّا إذَا اعْتَادَهُ مَرَّةً قَبْلَ النِّصْفِ ثُمَّ أَفْطَرَهُ مِنْ الْأُسْبُوعِ الَّذِي بَعْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ النِّصْفُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِينَئِذٍ بَطُلَتْ بِفِطْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ الَّذِي قَبْلَ النِّصْفِ ثُمَّ دَخَلَ النِّصْفُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ يَوْمِ اثْنَيْنِ آخَرَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ الْوَاقِعِ بَعْدَ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ اعْتَادَهُ وَلَمْ يَتَخَلَّل مَا يُبْطِلُ الْعَادَةَ فَإِذَا صَامَهُ ثُمَّ أَفْطَرَهُ مِنْ أُسْبُوعٍ ثَانٍ ثُمَّ صَادَفَ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثُ يَوْمَ الشَّكِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوز لَهُ صَوْمُهُ وَلَا يَضُرُّ حِينَئِذٍ تَخَلُّلُ فِطْرِهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ لَهُ صَوْمُهُ بَعْد النِّصْفِ وَذَلِكَ كَافٍ. هَذَا مَا ظَهَرَ الْآن وَلَعَلَّنَا نَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا أَوْ نَشْهَدُ نَقْلًا.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا صُورَتُهُ عَبَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الْوِصَالَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَر وَلَا يَتَنَاوَلُ بِاللَّيْلِ مَطْعُومًا عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ نَحْوَ الْجِمَاعِ لَا يَمْنَعُ الْوِصَالَ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِمْسَاكِ كَتَارِكِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِرِ وِصَالًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ يَوْمَيْنِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا الْقَضِيَّةُ الْأُولَى فَاعْتَمَدَهَا الْإِسْنَوِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْوِصَالِ لِلضَّعْفِ أَيْ عَنْ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهِ لَا يَضْعُف بَلْ يَقْوَى لَكِنَّ فِي الْبَحْرِ هُوَ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَمِيعَ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ وَذَكَر الْجُرْجَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ نَحْوَهُ، وَأَمَّا الْقَضِيَّةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يَعْتَمِدهَا بَلْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِصَوْمِ يَوْمَيْنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَك أَنْ تَقُولَ الْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَا ذُكِرَ مِنْ الضَّعْفِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُ لِلزَّجْرِ عَنْ التَّشْبِيهِ بِخُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتِقَاد أَنَّ لَهُ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى الطَّعَامِ مَا كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ إذْ التَّعْلِيلُ بِالضَّعْفِ الْمَذْكُورِ يُنْتَقَضُ بِأَنْ يَخْرُجَ رِيقُهُ ثُمَّ يَبْتَلِعهُ أَوْ بِأَنْ ابْتَلَعَ حَصَاةً أَوْ سِمْسِمَةً فَإِنَّ الْوِصَالَ يَنْتَفِي بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الضَّعْفِ فَالْأَوْجَهُ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرْتُهُ وَعَلَيْهِ فَالْوَجْه مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ اسْتِدَامَةُ جَمِيعِ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ. وَتَعْبِيرُ الْمَجْمُوعِ بِالْمَطْعُومِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْأَوْجَهُ أَيْضًا أَنَّ نَحْوَ تَارِك النِّيَّة لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِر وِصَالًا لِأَنَّهُ لَا تَشْبِيهَ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ الضَّعْفُ الْمَذْكُور.

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ عَنْ صَوْمِ كُلِّ شَعْبَانَ أَوْ أَكْثَرَهُ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ سُنَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>