للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنَّهَا لِلْبَعْضِيَّةِ وَالضَّمِيرُ لِلصَّائِمِ وَالْمُمَاثَلَة مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الثَّوَابِ دُون الْمُضَاعَفَةِ لِئَلَّا يَلْزَم تَسَاوِي الصَّائِمِ وَمُفَطِّرِهِ فِي فَوَائِدِ الصَّوْمِ وَثَوَابِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ، أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالضَّمِيرُ لِلتَّفْطِيرِ وَالتَّقْدِير كَانَ لَهُ أَجْرٌ مِنْ أَجْلِ تَفْطِيرِهِ لَهُ أَوْ لِلصَّائِمِ، وَالتَّقْدِيرُ كَانَ لَهُ أَجْرٌ مِنْ أَجْلِ وُجُودِ عَمَلٍ لِلصَّائِمِ وَهُوَ صَوْمُهُ الَّذِي يُثَابُ عَلَيْهِ.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ هِيَ أَنَّ الصَّائِمَ لَوْ لَمْ يَحْصُل لَهُ ثَوَابٌ عَلَى صَوْمِهِ لِارْتِكَابِهِ فِيهِ مَا يُبْطِلُ الثَّوَابَ كَالْغِيبَةِ وَقَوْلِ الزُّورِ كَمَا صَحَّ فِي الْخَبَرِ لَمْ يَحْصُل لَلْمُفَطِّرِ ثَوَابٌ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا يَأْتِي فِي الْأَحَادِيثِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، فَحَيْثُ لَا أَجْرَ لَهُ لَا ثَوَابَ لِمُفَطِّرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ عَمَلِهِ لَوْ فُرِضَ لَهُ أَجْرٌ فَيُؤْجَرُ الْمُفْطِرُ وَإِنْ لَمْ يُؤْجَرْ الصَّائِمُ ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ فِي ضَبْطِ الْحَدِيثِ فَمَعْنَاهُ كَانَ لَهُ أَجْرٌ مِنْ عَمَلِ الصَّوْمِ أَيْ مِثْلُ أَجْرِهِ لِلْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِذَلِكَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا تَأْيِيد لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرْته؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ قَوْلِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ أَيْ الصَّائِمِ الَّذِي فَطَرَ إلَى مَنْ عَمَلُهُ الْأَعَمُّ مِنْهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَائِدَةٍ هِيَ حُصُولُ ثَوَابٍ مِثْل أَجْرِ الصَّوْمِ لِلْمُفَطِّرِ سَوَاءٌ كَانَ لِلصَّائِمِ الَّذِي فَطَّرَهُ ثَوَابٌ أَمْ لَا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كَانَ لِلْمُفَطِّرِ أَجْرٌ مِنْ عَمَلِ التَّفْطِيرِ مُقْتَدِيًا بِهِ فِي ذَلِكَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ قَدْ يُفْتَرَضُ رَمَضَانُ وَسَطَ جُمَادَى؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ جُمَادَى عِنْد الْعَرَبِ الشِّتَاء كُلّه.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ عَنْ صَوْمِ ثَالِثِ عَشَرَ الْحِجَّةِ لِمَنْ يَعْتَادُ صَوْمَ أَيَّامِ الْبِيضِ هَلْ يَسْقُطُ بِفَقْدِ يَوْمِهِ أَوْ يَصُومُ السَّادِسَ عَشَرَ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَهَلْ هُوَ احْتِيَاطٌ أَوْ قَضَاءٌ أَوْ نِيَابَةٌ وَكَيْف يَقُوم عَنْهُ إذَا فَاتَ مَحِلُّهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَصُومُ السَّادِسَ عَشَرَ عِوَضًا عَنْ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي شَهْرِ الْحِجَّةِ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعُوهُ قَالُوا لِأَنَّ صَوْمَ ثَالِثَ عَشَرَ حَرَامٌ فَكَانَ السَّادِسَ عَشَرَ عِوَضًا عَنْهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْبِيضِ فَاتَ بِعُذْرٍ فَشُرِعَ تَدَارُكه تَوْسِعَةً فِي حُصُولِ ثَوَابِهِ لِتَأَكُّدِ صَوْمِهَا بَلْ قِيلَ إنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً أَوَّلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَبَقِيَ نَدْبُهَا مُتَأَكَّدًا وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْكَمَالِ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِصَوْمِ ثَلَاثَةٍ مِنْ الشَّهْرِ غَيْرهَا وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُهَا» صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ فَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ اسْتِبْعَادُ السَّائِلِ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَكَيْف إلَخْ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إذَا قُلْنَا إنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ وَاتِّحَادِهَا هَلْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَظْهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَ أَهْلِ الْبُلْدَان الشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ وَلَمْ يَشْتَهِر مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَان الثَّانِيَةِ إلَّا الِاتِّفَاقُ مَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ هَلْ هُوَ كَوْنُ الِاخْتِلَافِ لَا يَظْهَرُ فِي الرُّبْعِ الْمَعْمُورِ بِكَثِيرٍ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ الِاخْتِلَافُ بَيْن الْأَئِمَّةِ فِي تَرْجِيحِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ وَاتِّحَادِهَا وَمَسَافَةِ الْقَصْرِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَلْزَم مِنْهُ ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيّ وَالْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمَطَالِعَ إذَا اخْتَلَفَتْ فَقَدْ يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي بَلَدٍ رُؤْيَتُهُ فِي الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ إذْ اللَّيْلُ يَدْخُلُ فِي الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْغَرْبِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَم عِنْد اخْتِلَافِهَا مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الشَّرْقِيِّ رُؤْيَتِهِ فِي الْغَرْبِيِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَأَمَّا عِنْد اتِّحَادِهَا فَيَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا رُؤْيَته فِي الْآخَرِ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى جَمْعٌ بِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَخَوَانِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَقْتَ زَوَالِهِ وَأَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَر بِالْمَغْرِبِ وَرِثَ الْمَغْرِبِيُّ الْمَشْرِقِيَّ لِتَقَدُّمِ مَوْتِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْأَوْقَاتِ لَزِمَ مِثْلُهُ فِي الْأَهِلَّةِ وَأَيْضًا فَالْهِلَالُ قَدْ يَكُونُ فِي الشَّرْقِ قَرِيبُ الشَّمْسِ فَيَسْتُرهُ شُعَاعُهَا فَإِذَا تَأَخَّرَ غُرُوبُهَا فِي الْمَغْرِبِ بَعُدَ عَنْهَا فَيُرَى، وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُنْتَشِرٌ يَجْمَعهُ سِتَّةُ آرَاءٍ:

أَحَدُهَا إذَا رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَنْ عَلِمَ بِرُؤْيَتِهِ بِمَحِلٍّ قَبْلَ رُؤْيَةِ مَحِلِّهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ أَيْ وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

ثَانِيهَا يَلْزَمُ أَهْلَ إقْلِيمِ بَلَدٍ الرُّؤْيَةُ.

ثَالِثهَا مَنْ وَافَقَهُمْ فِي الْمَطْلَعِ.

رَابِعُهَا يَلْزَمُ كُلَّ بَلَدٍ لَا يُتَصَوَّرُ خَفَاؤُهُ عَنْهُمْ بِلَا عَارِضٍ.

خَامِسُهَا يَلْزَم مَنْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>