للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِشْهَادُ فِيهِمَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ فَذَاكَ، وَإِنْ قُلْتُمْ بِوُجُوبِهِ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَكْفِيه الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَضَرَ فِي أَرْضِ عَرَفَةَ فِي وَقْتِ الْوُقُوفِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّ وُقُوفَهُ عَلَى فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ بَلْ إذَا أَخْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ وُقُوفَهُ كَانَ عَنْ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَوْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الْإِشْهَادُ حَالَةَ الْوُقُوفِ مَثَلًا أَنَّ وُقُوفَهُ مَثَلًا كَانَ عَنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَفْعَلْ وَكَذَا سَائِرُ أَرْكَانِ الْحَجِّ غَيْرَ النِّيَّةِ. وَهَلْ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ يَأْتِي فِي الْعُمْرَةِ؟

(فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ أَنَّهُ يُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ قَوْلُ الْأَجِيرِ حَجَجْت مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْوُقُوفِ بِبَغْدَادَ مَثَلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ آخَرُ إنْ حَجَجْت عَنْ أَبِي فَلَكَ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْحَجَّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَكُونُ حَلِفُ الْمُنْكِرِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.

كَذَا ذَكَرَهُ الزَّبِيلِيُّ وَمُرَادُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا تِلْكَ الْمَوَاقِفَ فِي السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا أَنَّهُ حَجَّ عَنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْجِعَالَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي بَابِهَا لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ فِي الرَّدِّ فَقَالَ الْعَامِلُ رَدَدْته وَقَالَ الْمَالِكُ جَاءَ بِنَفْسِهِ صُدِّقَ الْمَالِكُ اهـ فَأَفْهَمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ دَعْوَى الْعَامِلِ أَنَّهُ أَتَى بِالْعَمَلِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ أَتَى بِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ مَلَكَ الْأُجْرَةَ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ فَإِذَا ادَّعَى مُسْتَأْجَرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْعَمَلِ كَانَ مُدَّعِيًا عَلَيْهِ خِيَانَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا فَصُدِّقَ الْأَجِيرُ فِي نَفِيهَا بِيَمِينِهِ غَالِبًا، وَأَمَّا الْعَامِلُ فِي الْجِعَالَةِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْجَعْلَ بَلْ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ فِيهِ شَائِبَةُ حَقٍّ إلَّا بَعْدَ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ كَرَدِّ الْآبِقِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ كَانَ مُدَّعِيًا عَلَى الْمَالِكِ بِمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبَهُ فَصَدَقَ الْمَالِكُ فِي نَفْيِ دَعْوَاهُ بِيَمِينِهِ عَلَى قِيَاسِ سَائِرِ الدَّعَاوَى الَّتِي هَذَا شَأْنُهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ فِيمَنْ أَوْصَى بِحَجَّةٍ وَزِيَارَةٍ بِالْقَدَمِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا النَّائِبُ بِنَفْسِهِ فَجَاعَلَهُ الْوَصِيُّ كَذَلِكَ فَحَجَّ وَلَمْ يَزُرْ بَلْ اسْتَنَابَ مَنْ يَزُورُ عَنْ الْوَصِيِّ لِعُذْرٍ أَوْ دُونِهِ هَلْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُوصَى بِهِ أَوْ قِسْطَ الْحَجِّ فَقَطْ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا بِنَحْوِ مَرَضٍ حَالَ الْجِعَالَةِ فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَنْ يَطْرَأَ الْعُذْرُ فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا قِسْطَ الْحَجِّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَصِيُّ فِي الِاسْتِنَابَةِ فِي الزِّيَارَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ هَلْ يَغْرَمُ أَمْ لَا وَمَا تَقُولُونَ فِيمَا يُسَمَّى بِالْمُلْزَمَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُوصِيَ الشَّخْصُ بِقَدْرٍ قَلِيلٍ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يَعْتَنِي بِالْمَسِيرِ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَوْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ قَدْ يَقُولُ لِشَخْصٍ يَعْتَنِي بِالْحَجِّ إذَا خَرَجْت حَاجًّا أَوْ اسْتَنَبْتَ بِمَنْ يَحُجُّ عَنْ الْمُوصِي الْمَذْكُورِ فَلَكَ كَذَا أَوْ يَقُولُ لَك فِي تَرِكَتِهِ كَذَا أَوْ يَقُولُ عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ أَوْ يُطْلِقُ هَلْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْمُوصِيَ دَفْعُ الْمُسَمَّى مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ يَسْتَحِقُّ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ دُونَ بَعْضٍ عَلَى أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُشَاهَدِ أَنَّ أَرْبَابَ الْمُلَازِمِ أَيْ السَّائِرِينَ بِهَا يَسْتَنِيبُونَ هُنَاكَ مَنْ لَا يَقُومُ بِوَاجِبِهَا بِقَدْرٍ قَلِيلٍ مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ قَلِيلٌ وَيَأْخُذُونَ الْبَاقِيَ لِأَنْفُسِهِمْ هَلْ يَحِلُّ لَهُمْ مَا أَخَذُوهُ أَمْ هُوَ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ يَفْسُقُ مُتَعَاطِيهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ وَهَلْ يَأْثَمُ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ أَيْضًا وَيَنْعَزِلُ أَمْ لَا؟ وَلَوْ عَاقَدَ بَيْنَهُمَا فَقِيهٌ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ هَلْ يَأْثَمُ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيُقَدَّمُ غُرْمُهُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْمُوصِي أَمْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالزِّيَارَةِ أَنْ يَكُونَ النَّائِبُ عَدْلًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اُبْسُطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ الْمُوصِي مَتَى شَرَطَ فِي وَصِيَّتِهِ صَرِيحًا أَنَّ مَنْ يَحُجُّ أَوْ يَزُورُ عَنْهُ يَأْتِي بِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ لُزُومًا بِأَنْ قَالَ بِالْقَدَمِ وَعَرَّفَهُ وَالْمُطَّرِدُ التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ عَنْ إلْزَامِ النَّائِبِ بِأَنْ يَأْتِي بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَجَبَ عَلَى الْوَصِيِّ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجُّ وَيَزُورُ عَنْهُ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ أَنْ يُجَاعِلَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ عَدَمَ الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ الْعَامِلُ فِي الْجِعَالَةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُحَصِّلُ الْعَمَلَ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>