الْعَقْدِ وَيُسَلِّمُهُ فِي الْمَجْلِسِ اهـ وَقِيَاسُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّعَامُلُ فِي بَلَدٍ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْفُلُوسِ النُّحَاسِ الْعَدَدِيَّةِ أَوْ بِأَنْوَاعٍ وَأَحَدُهَا غَالِبٌ انْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ وَكَذَا فِي الثِّيَابِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِعَشْرَةِ أَثْوَابٍ وَأَطْلَقَ وَكَانَ لَهَا عُرْفٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ كَالنَّقْدَيْنِ فَإِنْ قُلْتَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَا ذُكِرَ فِي الْأُوقِيَّةِ وَالدِّينَارِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِوَزْنِ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ نَقْرَة وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا تِبْرٌ أَوْ الْمَضْرُوبَةُ لَمْ يَصِحَّ لِتَرَدُّدِهِ وَلَا يَحْمِلُ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ قُلْتُ هَذَا لَا شَاهِدَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَظِيرَ تَيْنِكَ الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ أَنَّ الْعُرْفَ اطَّرَدَ بِالتَّعْبِيرِ بِهِمَا عَمَّا مَرَّ.
وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْبَغَوِيِّ فَلَيْسَ فِيهَا أَنَّ الْعُرْفَ اطَّرَدَ بِالتَّعْبِيرِ بِالْعَشَرَةِ الدَّرَاهِمِ عَنْ النَّقْرَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا مِنْ التِّبْرِ وَلَا مِنْ الْمَضْرُوبَةِ فَكَانَ فِيهَا إبْهَامًا لِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُ كُلًّا مِنْهُمَا وَهُمَا مُخْتَلِفَا الْقِيمَةِ وَلَا مُرَجِّحَ فَبَطَلَ الْبَيْعُ وَقَدْ أَشَارَ الْبَغَوِيّ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ بِقَوْلِهِ لِتَرَدُّدِهِ فَإِنْ قُلْتَ سَلَّمْنَا هَذَا فِي كَلَامِ الْبَغَوِيِّ فَمَا الَّذِي تَقُولُهُ فِي قَوْلِ الْمَطْلَبِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفِ مِثْقَالٍ مِنْ النَّقْدِ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الذَّهَبِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْفِضَّةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْبُطْلَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْأُوقِيَّةِ وَالدِّينَارِ مُطْلَقًا قُلْتُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ إنْ سَلَّمَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُوقِيَّةِ وَالدِّينَارِ أَنَّ النَّقْدَ فِي صُورَتِهِ يَشْمَلُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَمْ يَصْطَلِحُوا عَلَى التَّعْبِيرِ بِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ.
وَإِنَّمَا غَلَبَ عِنْدَهُمْ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ يُعَبِّرُونَ بِهِ عَنْ الْفِضَّةِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَيْضًا فَالنَّقْدُ يَشْمَلُ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفِي الْجِنْسَ وَلَا عِبْرَةَ بِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَا يُعْتَدُّ بِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ فِي أَحَدِ الْأَنْوَاعِ كَأَنْ يَقُولُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا فِي نَوْعٍ مِنْ الْفِضَّةِ فَحِينَئِذٍ يَنْصَرِفُ إلَى ذَلِكَ النَّوْعِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِنْ النَّقْدِ لِأَنَّهُ يُشْمَلُ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي أَحَدِهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ تَفَاوُتًا كَثِيرًا فَلَمْ تَصْلُحْ الْغَلَبَةُ حِينَئِذٍ مُرَجَّحَةً مَعَ شُمُولِ لَفْظِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِأَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ بِخِلَافِهَا بَيْنَ أَنْوَاعِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهَا لَا تَتَفَاوَتُ كَذَلِكَ فَصَحَّ أَنْ تَكُونَ الْغَلَبَةُ مُرَجَّحَةً لِأَحَدِهَا عَلَى الْبَاقِي.
(وَسُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِصَّةً مِنْ قَرَارِ عَيْنٍ جَارِيَةٍ وَهَذِهِ الْحِصَّةُ قَدْرُهَا سُدُسُ سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشْرَ سَهْمًا مُشَاعًا مِنْ جَمِيعِ الْعَيْنِ لَكِنَّ عَيْنَهَا فِي مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بِمَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ عُيُونِ بَلْدَةِ الْبَيْعِ مِنْ التَّعْبِيرِ عَنْ أَجْزَاءِ السَّهْمِ مِنْ الْقَرَارِ وَالْمَاءِ الْجَارِي بِهِ بِالسَّاعَاتِ وَعَنْ السَّهْمِ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَجْبَةِ الَّتِي هِيَ اثْنَا عَشْرَ سَاعَةً كَمَا يُعَبَّرُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ بِالْأَصَابِعِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ كُلِّهِ سَقِيَّةً لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْقَرَارِ شَرِيكٌ فِي الْمَاءِ النَّابِعِ لَهُ مِنْ أَجْلِ مُشَارَكَته فِي الْقَرَار فَعَبَّرَ كَاتِبُ الشِّرَاءِ عَنْ الْمَبِيعِ الَّذِي هُوَ حِصَّةٌ مِنْ الْقَرَارِ بِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ وَفِيمَا هُوَ تَابِعٌ لَهُ مِنْ الْمَاءِ وَمُلَخَّصُ عِبَارَةِ مَكْتُوبِ الشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ فُلَانٌ الشَّافِعِيُّ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فِي شِرَاءِ الْمَبِيعِ الْآتِي ذِكْرُهُ لِنَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْآتِي ذِكْرُهُ بِالثَّمَنِ الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهِ إذْنًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا اشْتَرَى فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ وَلِبَقِيَّةِ وَرَثَةِ وَالِدِهِ الْمَشْمُولِينَ بِحُجَّةِ الشَّرْعِ الشَّرِيفَةِ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ الْبَائِعِ عَنْ نَفْسِهِ جَمِيعَ الْحِصَّةِ السَّقِيَّةِ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَمَقَرِّهَا وَمَمَرِّهَا وَشُعُوبِهَا وَذُيُولِهَا وَمَجَارِي مَائِهَا الْجَارِي بِهَا يَوْمئِذٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى اشْتِرَاءً صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ لِثَمَنِ جُمْلَتِهِ كَذَا مَقْبُوضٌ بِيَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَسَلَّمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ تَسَلُّمًا شَرْعِيًّا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمُعَاقَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ الْآذِنِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ وَمَاتَ الْحَاكِمُ وَالْمُتَعَاقِدَانِ وَالشَّاهِدَانِ فَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ صَحِيحٌ فَهَلْ يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّبَايُعِ الْمَذْكُورِ أَمْ فَسَادَهُ وَهَلْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ الْآنَ نَقْضُ التَّبَايُعِ وَالْحُكْمُ بِهِ أَمْ لَا؟ لَا سِيَّمَا مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute