للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصْحَابِ نَظَرًا لَهَا. مَا هَذِهِ إلَّا بَلِيَّةٌ عَظِيمَةٌ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ أَنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَقَوَائِمِهَا وَرَفْعِ السَّرْجِ وَالْإِكَافِ وَالْجُلِّ، لَا جَرْيَ الْفَرَسِ مَثَلًا بَيْن يَدَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَ مَسِيرَهَا وَلَا رُؤْيَةُ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ وَلَوْ مِنْ رَقِيقٍ اهـ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ بَاطِنِ خُفِّهَا لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا رُؤْيَةَ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ مَعَ تَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ أَلْوَانِ الْأَلْسِنَةِ سِيَّمَا فِي الرَّقِيقِ وَبِالْأَسْنَانِ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتِهَا عَلَى صِغَرِ السِّنِّ وَكِبَرِهِ غَالِبًا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَشْتَرِطُوا رُؤْيَةَ بَاطِنِ الْخُفِّ لِأَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْأَغْرَاضَ قَدْ تَخْتَلِفُ بِهِ لَكِنْ لَيْسَ كَاخْتِلَافِهَا بِرُؤْيَةِ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُمَا فَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ مَا دُونَهُمَا وَهُوَ بَاطِنُ الْخُفِّ وَاخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهِ إذَا قَوِيَ وَأَطْرَدَ وَإِلَّا لَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ وَوَاضِحٌ أَنَّ اخْتِلَافَهَا بِرُؤْيَةِ بَاطِنِ الْخُفِّ ضَعِيفٌ وَغَيْرُ مُطَّرِدٍ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) بَاعَ شَخْصٌ دَارًا وَفِيهَا بَيْتٌ دَاخِلٌ فِي تَرْبِيعِهَا لَكِنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ إلَيْهَا بَلْ إلَى الشَّارِعِ مَثَلًا فَهَلْ يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِهَا أَوْ لَا يَدْخُلُ لِانْفِصَالِهِ عَنْهَا كَمَا فِي نَظَائِرِهَا فِي كَلَامِهِمْ فِي الْأَيْمَانِ وَالْمَسَاجِدِ فِي بَابِ الْقُدْوَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مِنْ الْوَاضِحِ عَدَمَ دُخُولِ الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَلَمْ يَنْفُذْ إلَى مَا دَخَلَ فِي تَرْبِيعِهَا صَارَ يُسَمَّى دَارًا ثَانِيَةً وَصَارَتْ الدَّارُ الَّتِي دَخَلَ فِي تَرْبِيعهَا لَا تَشْمَلُهُ لِأَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنهمَا فِي الِاسْمِ وَلَا فِي الْمَعْنَى وَدُخُولُهُ فِي تَرْبِيعِهَا لَا يَقْتَضِي تَنَاوُلَهَا لَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْحَدّ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ مِنْ هَذَا الْخَطِّ إلَى هَذَا الْخَطِّ لَمْ يَدْخُلْ الْخَطَّانِ مَعَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْغَايَةِ يَدْخُلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشْرَةٍ إذْ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ إدْخَالًا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَقَطْ فَإِذَا كَانَ الْحَدُّ نَفْسُهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَبِيعِ، فَأَوْلَى الْبَيْتُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِيمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا بِأُوقِيَّةٍ مَثَلًا هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حَيْثُ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِذَلِكَ أَيْ بِأَنَّ مِقْدَارَ الْأُوقِيَّةِ كَذَا وَكَذَا دَرَاهِمَ أَوْ لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ بَاعَ بِعَشْرَةٍ حَتَّى يَقُولَ بِأُوقِيَّةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَنَّهُ حَيْثُ اطَّرَدَ عُرْفُ أَهْلِ بَلَدٍ أَوْ نَاحِيَةٍ بِأَنَّهُمْ يُعَبِّرُونَ بِالْأُوقِيَّةِ عَنْ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْغَالِبَةِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ صَحَّ الْبَيْعُ بِالْأُوقِيَّةِ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْمُتَبَايِعَانِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ رَدًّا عَلَى صَاحِبِ الْبَيَانِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِالدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ صَحَّ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ بِهَا عَنْهَا مَجَازًا كَقَوْلِكَ فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا هَذِهِ دِينَارٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ صَرْفَهَا أَيْ هَذِهِ صَرْفُ دِينَارٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ اهـ وَبِمَا تَقَرَّرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ اصْطَلَحَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى أَنَّهُمْ يُعَبِّرُونَ بِالدِّينَارِ عَنْ مِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَمَا فِي جِهَتِكُمْ.

وَقَالَ أَحَدُهُمْ بِعْتُك بِدِينَارٍ صَحَّ وَانْصَرَفَ الثَّمَنُ إلَى مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الدِّينَارُ شَرْعًا لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى مِثْقَالٍ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ إنَّمَا هُوَ بِعُرْفِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِخِلَافِ نَحْو الْإِقْرَارِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْخَلْعِ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ عَدَدِيَّةٌ نَاقِصَةُ الْوَزْنِ أَوْ زَائِدَتُهُ نَزَلَ الْبَيْعُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ وَالتَّعْلِيقِ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ صَرْفُ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ صَرْفُ الْبَلَد كَذَلِكَ وَكَذَا مَا جَرَّتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الْبَيْعِ بِدِينَارٍ وَمُرَادُهُمْ بِهِ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَبِعَ فِي الْأَوَّلِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ وَقَاسَ عَلَيْهِ الثَّانِي وَإِذَا بَطَلَ حُكْمُ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بَطَلَ حُكْمُ الْمَقِيسِ.

وَقَدْ رَجَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ كَأَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ غَلَبَ مِنْ جِنْس الْعُرُوضِ نَوْعٌ انْصَرَفَ الذِّكْرُ إلَيْهِ عَنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْعَقْدِ كَالنَّقْدِ. قَالَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَبِيعَ صَاعًا مِنْ الْحِنْطَةِ بِصَاعٍ مِنْهَا أَوْ بِشَعِيرٍ فِي الذِّمَّة وَتَكُونُ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ الْمَوْجُودَانِ فِي الْبَلَدِ صِنْفًا وَاحِدًا غَالِبًا فِي الْبَلَدِ لَا يَخْتَلِفُ ثُمَّ يُحْضِرُهُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>