للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ آخَر دَابَّةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَبَيَّنَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَ الْبَائِعِ وَفَسَخَهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فَهَلْ لَهَا أُجْرَةٌ وَيَلْحَقُ بِمَا إذَا تَبَيَّنَ فَسَادُ الْبَيْعِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَمْ لَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ وَالْفَائِتُ مَا لَهُ أُجْرَةٌ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَوْ أَجَرَهُ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ أَوْ أَخَذَ صُوفَهُ أَوْ لَبَنَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ زَوَائِدِهِ الْمُنْفَصِلَةِ فَازَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ الْبَيْعُ مَلَكَ الْمَبِيعَ فَيَمْلِكُ زَوَائِدَهُ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ زَوَائِدَهُ ثُمَّ فَسَخَ الْبِيَعَ بِإِقَالَةٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْبَائِعُ بِشَيْءٍ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ إلَّا زَوَائِدَ مِلْكِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ إلَّا عَلَى مِلْكِهِ إذْ الْفَسْخُ لَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ إلَّا مِنْ حِينِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى الْمَبِيعِ تَعَدِّيًا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَحْكَامِ الْغَصْبِ مِنْ ضَمَانِهِ إنْ تَلِفَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَضَمَانِ زَوَائِدِهِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهَا أَمْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا بِأَنْ فَاتَتْ فِي يَدِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا قَصَّرَ الْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْفَوْرِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْبَائِعِ أَرْشُ الْعَيْبِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُشْتَرِي مَتَى سَقَطَ رَدُّهُ بِتَقْصِيرٍ صَدَرَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشٌ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ لِتَقْصِيرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ أَرْضٍ اشْتَرَاهَا شَخْصٌ مِنْ مَالِكهَا. وَبَاعَ لِنَاسٍ وَبِالْأَرْضِ أَشْجَارٌ وَمَزَارِعُ فَاسْتَمَرَّتْ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي مُدَّةً مَدِيدَةً يَزْرَعُهَا وَيَأْكُلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَثْمَارِهَا فَجَاءَ قَوْمٌ وَخَرَّبُوا الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ بِأَنْ اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ وَإِذَا جَاءَهُ الثَّمَنُ رَدَّ عَلَيْهِ أَرْضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ لَهُ بَيْعًا صَحِيحًا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ شَرْعِيَّيْنِ وَلَمْ يَشْرِطَا ذَلِكَ الَّذِي تَوَافَقَا عَلَيْهِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَلَا فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا كَانَ الْمِلْكُ فِي الْأَرْضِ لَهُ وَانْقَطَعَتْ الْعُلْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَالْأَرْضُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ تَحْتَ يَدِهِ عَيْنٌ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ أَخْبَرَ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكِي وَأَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبَيْعِ رَهْنًا بِكَذَا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَهَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَمْ لَا وَحَيْثُ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بَلْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهَا رَهْنٌ قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَغْرَمُ لِلرَّاهِنِ قِيمَةَ الْعَيْنِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَقَرَّ لَهُ الْبَائِعُ بِمَا ذَكَرَ لَهُ غَرِمَ قِيمَتَهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ حَيْثُ قَالُوا لَوْ بَاعَ عَيْنًا لِشَخْصٍ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ خِيَارِهِ أَوْ خِيَارِهِمَا بِبَيْعِهَا لِآخَرَ أَوْ بَعْضِهَا مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ بَيْعُهُ الْأَوَّلُ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا لِلثَّانِي لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ بِتَصَرُّفِهِ وَإِقْبَاضِهِ وَلِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عِوَضَهُ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَعَدَمِ قَبْضِهِ وَقَضِيَّةُ الثَّانِيَةِ أَنَّ ذَلِكَ يَتَقَيَّدُ بِقَبْضِهِ وَبِالْأَوَّلِ صَرَّحَ الْقَاضِي فَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنَّ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا الْمُفْتَى بِهِ فِي التَّمْلِيكِ هَلْ يَكُونُ بَيْعًا كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ أَوْ يَجْرِي بِهِ مَجْرَى الْعَادَةِ بِكَوْنِهِ هِبَةً كَمَا مَشَى عَلَيْهِ قُضَاةُ بَلَدِنَا وَهَلْ الْمُفْتَى بِهِ فِي شِرَاءِ الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ بَاطِنِ الْخُفِّ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُت الْخِيَارُ لِمَنْ اعْتَبَرَ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحَاصِلَ فِي لَفْظِ التَّمْلِيكِ كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ بَيَانِ مَا فِيهِ مِنْ رَدٍّ وَنَقْضٍ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَإِذَا ذَكَرَ مَعَهُ الْعِوَضَ أَوْ نَوَى كَانَ بَيْعًا وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ يَكُونُ هِبَةً وَأَمَّا مَنْ يَجْعَلُهُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً فِي الرَّهْنِ فَهُوَ مُخْطِئٌ لِأَنَّ وَضْعَهُ يُنَافِي وَضْعَ الرَّهْنِ فَكَيْفَ يَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً وَقَدْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِمَنْ لَا يَفْهَمُ مَوْضُوعَاتِ الْأَلْفَاظِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا وَمَعَ ذَلِكَ يَتَصَرَّفُ عَلَى أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِمَا لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِمْ لَمَا قَبِلُوهُ وَلَبَالَغُوا فِي زَجْرِهِ وَتَعْنِيفِهِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهُ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَالنَّظَرُ إلَى الْعَادَةِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ لَوْ سُئِلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَظَرُوا إلَيْهَا عَنْ شَرْطٍ مِنْهَا لَمْ يَعْرِفُوهُ فَكَيْف مَعَ ذَلِكَ يُسَوَّغُ لَهُمْ أَنْ يُخَالِفُوا صَرِيحَ كَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>