للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُمَا سِيَّانِ لِاحْتِيَاجِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى قَرِينَةٍ فَالْمَجَازُ هُنَا أَوْلَى عَمَلًا بِقَاعِدَةِ أَنَّ تَصْحِيحَ اللَّفْظِ حَيْثُ أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ.

وَقَدْ عَوَّلُوا عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الصُّبْرَةِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَوْ بَيَانٍ لِمَفْعُولٍ مَحْذُوفٍ إلَّا عَلَى بَحْثٍ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ قَيَّدَهُ بِمَا أَرَادَهُ فَلْيُعَوَّلْ عَلَيْهَا هُنَا كَذَلِكَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إنَّ أَرَادَا بِقَوْلِهِمَا سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ مِنْ قَرَار كَذَا جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ الْمَجْرَى الْمَمْلُوكِ صَحَّ الْبَيْعُ نَظِيرَ مَا ذَكَرُوهُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ مَعَ إرَادَةِ الشُّيُوعِ أَوْ التَّعْيِينِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى أَنَّ الشُّيُوعَ لَا يُفْهَمُ مِنْ مُطْلَقِ الذِّرَاعِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ وَمِنْهَا الْبَيْعُ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ إلَّا مَا يَخُصُّ أَلْفًا أَوْ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَأَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْقَيِّمَةِ الْمَعْلُومَةِ بَلْ مَسْأَلَتُنَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ هَذِهِ لِأَنَّ مَا أَرَادَهُ فِيهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِمَا مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا وَمَا أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَتَخَيُّلُ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ.

وَلِذَا جَازَ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ غَيْر مُؤَثِّرٍ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْمَبِيعِ أَيْضًا كَمَا قَالُوهُ فِي مَسَائِلِ الذِّرَاعِ وَالصَّاعِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا لَا تُنَافِي قَاعِدَةً لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالنِّيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةُ الْقِيمَةِ وَنَوَيَا أَحَدَهَا لِأَنَّ اللَّفْظَ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ بِعَشْرَةٍ مَثَلًا لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ وَضْعًا وَلَا قَرِينَةَ فَلَوْ أَثَّرَتْ النِّيَّةُ مَعَهُ لَكَانَ فِيهِ أَعْمَالٌ لَهَا وَحْدَهَا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ شَرْطٌ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَهُوَ دَالٌّ عَلَى الْمَنْوِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَمَا سَنُقَرِّرُهُ فَلَيْسَ فِيهَا أَعْمَالٌ لِلنِّيَّةِ وَحْدَهَا بَلْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْمُوَافِقُ لَهَا وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ مَدْلُولَهُ الْحَقِيقِيَّ مَعَ تَقْدِيرِ مَا بَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ أَشْيَاءَ فَإِنْ اطَّرَدَ فِي عُرْفِهِمَا التَّعْبِيرُ بِالسَّاعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ عَنْ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوكِ صَحَّ الْبَيْعُ أَيْضًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ رَدًّا عَلَى صَاحِبِ الْبَيَانِ وَمَنْ تَبِعَهُ إذَا عَبَّرَ بِالدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ صَحَّ لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْهَا مَجَازًا كَقَوْلِك فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا هَذِهِ دِينَارٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ صَرْفُهَا أَيْ هَذِهِ صَرْفُ دِينَارٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ فِي الثَّمَنِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَهُمْ وَلَوْ غَيْرَ نَقْدٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِعَشْرَةِ أَثْوَابٍ وَأَطْلَقَ وَكَانَ لَهُمَا عُرْفٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ كَالنَّقْدَيْنِ اهـ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْعُرْفِ تَأْثِيرًا فِي تَخْصِيصِ الْمُطْلَقِ فِي الْبَيْعِ بِهِ ثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ إذَا أُطْلِقَا وَأُطْرِدَ عُرْفُهُمَا كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ أُطْلِقَا وَلَمْ يَطَّرِدْ لَهُمَا بِذَلِكَ عُرْفٌ فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ وَالتَّرَدُّدِ وَالْقَاعِدَتَانِ السَّابِقَتَانِ قَاعِدَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقَاعِدَةُ أَنَّ تَصْحِيحَ اللَّفْظِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ مَا أَمْكَنَ يُرَجِّحَانِ الصِّحَّةَ أَيْضًا وَيُعَضِّدُهَا قَوْلُ الْمُوَثَّقِ مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ أُطْلِقَا وَأُطْرِدَ عُرْفُهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَعَ الْمَاءِ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ لَمْ يَبْعُدْ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ وَلَوْ اخْتَلَفَ النَّاوِيَانِ فِي الْإِرَادَةِ صَدَقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ نَظِير مَا قَالُوهُ فِي الذِّرَاعِ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى هَذَا هُنَا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِثُبُوتِ مُوجِبِ الصِّحَّةِ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَنْقُضُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مُوجِبِ نَقْضِهِ.

وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ مُوجِبِهِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِنَقْضِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْته أَنَّ مُوجِبَ النَّقْضِ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَهُ مُحْتَمَلَاتٌ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضُهَا بَاطِلٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا نُبْطِلُهُ إلَّا إذَا تَحَقَّقْنَا أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ الْبَاطِلَ هُوَ الْمُرَادُ وَلَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُهُمَا جَمِيعُ الْحِصَّةِ السَّقِيَّةِ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا لِإِنَّا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوكِ أَوْ حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا مَرَّ صَحَّ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ سَقِيَّةً لِأَنَّهُ سَبَبُهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُوَثَّقِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ حَقِّ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ فَإِنْ قُلْتَ الْقَرَارُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا هُوَ الْمُقِرّ الْمَذْكُورُ ثَانِيًا وَالْعِبَارَةُ تَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَإِنَّ حِصَّةَ السَّقِيَّةِ غَيْرُهُمَا قُلْتُ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمُقِرَّهَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمُقِرّ أَيْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمُقِرِّ وَالْمَمَرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>