للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُرَادُ بِحَقِّهِمَا غَيْرُهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ الْمُوَثَّقَ تَفَنَّنَ فَعَبَّرَ بِالْقَرَارِ ثُمَّ عَبَّرَ ثَانِيًا عَنْهُ بِالْمُقِرِّ وَأَعَادَهُ مُخْتَلِفًا لَفْظُهُ مَعَ اتِّحَادِ مَعْنَاهُ لِبَيَانِ شُمُولِ الْبَيْعِ لِجَمِيعِ حُقُوقِهِ وَقَوْلِ الْمُوَثَّقِ وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءَانِ مِنْ الْقَرَارِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْبِيرُ بِالسَّقِيَّةِ إذْ هِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ أَيْ سَاقِيَّةٌ إذْ السَّاقِيَّةُ اسْمٌ لِلْقَرَارِ لَا لِلْمَاءِ وَمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ عَنْ الرَّوْضَةِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا بِالتَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ الْجُزْءُ أَوْ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ قَدْ تَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَقَدْ بَيَّنْتُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي جَوَابِ بَعْضِ أَسْئِلَةٍ وَرَدَتْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَعَ الرَّدِّ عَلَى الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِرَاضَاتِهِ عَلَيْهَا فِي جَوَابِهِ السَّابِقِ بَعْضُهُ وَحَاصِلُ مَا تَجْتَمِعُ بِهِ عِبَارَتُهَا أَنَّ الْمَمْلُوكَ إنْ كَانَ مَحَلُّ النَّبْعِ وَالْقَرَارِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ مِنْهُ إلَى الْأَرَاضِي فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ صَحَّ وَجَرَى فِي دُخُولِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ.

وَإِنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ هُوَ الْقَرَارَ الَّذِي هُوَ الْقَنَاةُ دُونَ مَحَلِّ النَّبْعِ فَإِنْ وَرَدَ الْبَيْعُ عَلَى الْقَرَارِ صَحَّ أَيْضًا وَلَكِنْ لَا يَدْخُلُ الْمَاءُ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ الْأَرْضِ فِيهِ الْمُسَمَّى بِالشُّرْبِ وَمُرَادُ الرَّوْضَةِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمَاءِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أُجْرِيَ فِيهَا خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ إلَّا فِي الْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِيهِ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ فِيهَا قَبْلَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِيهِمَا أَيْ فِي الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ وَالْمِلْكِ وَفِي الْمَاءِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ.

نَعَمْ الْمُشْكِلُ إنَّمَا هُوَ إجْرَاء خِلَاف تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْقَرَارِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ فَائِدَةَ إجْرَائِهِ حَتَّى يَبْطُلَ فِي الْمَاءِ الرُّجُوع بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِإِنَّا إنْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فِيهِ فَهِيَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُقَابَلُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا قُوبِلَ بِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِيهِ وَفِي الْأَرْضِ عَلَى الضَّعِيفِ وَفِيهِ وَحْدَهُ عَلَى الصَّحِيحِ فَاتَّضَحَ وَجْهُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ أَجْرَيْنَاهُ فِيهَا وَقُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الَّتِي قَرَّرْنَاهَا آنِفًا وَالْكَلَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّ قَرَارِ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ دُونَ مَحَلِّ نَبْعِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مِلْكَ الْمَاءِ بَلْ يَكُونُ الْمَالِكُ أَحَقَّ بِهِ وَأَمَّا مَحَلُّ نَبْعِهِ مَعَ قَرَارِهِ الْمَمْلُوكِ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَمِنْ ثَمَّ اضْطَرَبَتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ وَكَثُرَتْ فِيهِ السَّقَطَاتُ وَالْأَوْهَامُ فَإِنْ قُلْتَ يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْجَوَابِ قَوْلُ جَمْعٍ رَدًّا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا وَبِيعَ مَعَ غَيْرِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ بِالْقِسْطِ وَالْقِسْطُ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْجَهَالَةِ.

قُلْتُ إنَّمَا يَتَّضِحُ رَدُّهُمْ أَنْ لَوْ سَلَّمْنَا لَهُمْ دَعْوَى الْجَهَالَةِ بِالْقِسْطِ وَهِيَ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ فَقَدْ قَالَ جَمْعٌ فِي نَحْو الْخَلِّ وَالْخَمْرِ وَالشَّاةِ وَالْكَلْبِ أَوْ الْخِنْزِيرِ أَنَّ الْبَاطِلَ يَقُومُ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً كَأَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ الْمَاءُ هُنَا يُقَدَّرُ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً وَيَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَهُمْ الْمَالِكِيَّةُ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ بِمَا يُشَابِهُهُ كَالْخَلِّ وَالْعِتَرِ فَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْجَارِي هُنَا بِمَا يُشَابِهُهُ فَيُقَدَّرُ رَاكِدًا وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَرْضِ فَإِنْ قُلْتَ وَمَا حُكْمُ عُيُونِ مَكَّةَ هَلْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ لِأَرْبَابِهَا قَرَارًا وَمَنْبَعًا أَوْ قَرَارًا فَقَطْ قُلْتُ بَلْ قَرَارًا وَمَنْبَعًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ صَادَفْنَا نَهْرًا يُسْقَى مِنْهُ أَرْضُونَ وَلَمْ نَدْرِ أَنَّهُ حُفِرَ أَيْ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا أَوْ انْخَرَقَ أَيْ فَلَا يَكُونُ مَمْلُوكًا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ يَدٍ وَانْتِفَاعٍ اهـ عَلَى أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالْمِلْكِ مِنْ صُورَةِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ صُورَتَهَا لَيْسَ فِيهَا قَرِينَةٌ عَلَى الْمِلْكِ غَيْرِ وَضْعِ الْيَدِ.

وَهُنَا مَعَ وَضْعِهَا قَرِينَةٌ أُخْرَى وَهِيَ بِنَاءُ تِلْكَ الْعُيُونِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي مِلْكِ الْبَانِي لِمَحِلِّ ذَلِكَ الْبِنَاءِ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي تِلْكَ الْعُيُونِ مَنْبَعًا وَقَرَارًا مَعَ عَدَمِ رُؤْيَتِهِمَا قُلْتُ أَمَّا مَا تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ مَجْرَى الْعُيُونِ وَذَيْلِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ جَمِيعِهِ لِتَعَذُّرِهِ كَأَسَاسِ الْجِدَارِ كَمَا بُحِثَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةٍ الْمُسْتَتِرِ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ سَهُلَ بِالْفَتْقِ وَإِنَّمَا الَّذِي يُشْتَرَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>