للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْمَبِيعِ أَيْضًا كَمَا قَالُوهُ فِي مَسَائِلِ الذِّرَاعِ وَالصَّاعِ وَغَيْرِهَا فَإِنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا لَا تُنَافِي قَصْدَهُ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالنِّيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةُ الْقِيمَةِ وَنَوَيَا أَحَدَهَا لِأَنَّ اللَّفْظَ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ بِعَشْرَةٍ مَثَلًا لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ وَضْعًا وَلَا قَرِينَة فَلَوْ أَثَّرَتْ النِّيَّةُ مَعَهُ لَكَانَ فِيهِ إعْمَالٌ لَهَا وَحْدَهَا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ بِشَرْطٍ وَفِي مَسْأَلَتِنَا اللَّفْظُ دَالٌّ عَلَى الْمَنْوِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَمَا سَنُقَرِّرُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إعْمَالٌ لِلنِّيَّةِ وَحْدَهَا بَلْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْمُوَافِقُ لَهَا وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ مَدْلُولُهَا الْحَقِيقِيّ مَعَ تَقْدِيرِ مَاءٍ بَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُرِيدَا شَيْئًا.

فَإِنْ اطَّرَدَ فِي عُرْفِهِمَا التَّعْبِير بِالسَّاعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ عَنْ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوكِ صَحَّ الْبَيْعُ أَيْضًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْل الْمَجْمُوعِ رَدًّا عَلَى صَاحِبِ الْبَيَانِ وَمَنْ تَبِعَهُ إذَا عَبَّرَ بِالدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ صَحَّ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ بِهَا مَجَازًا كَقَوْلِك فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا هَذِهِ دِينَارٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ صَرْفهَا أَيْ هَذِهِ صَرْفُ دِينَارٍ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ فِي الثَّمَنِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنهمْ وَلَوْ غَيْرَ نَقْدٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِعَشْرَةِ أَثْوَابٍ وَأَطْلَقَ وَكَانَ لَهُمَا عُرْفٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ كَالنَّقْدَيْنِ اهـ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْعُرْفِ تَأْثِيرًا فِي تَخْصِيصِ الْمُطْلَقِ فِي الْبَيْعِ بِهِ ثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ إذَا أَطْلَقَا وَاطَّرَدَ عُرْفُهُمَا كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ أَطْلَقَا وَلَمْ يَطَّرِدْ لَهُمَا بِذَلِكَ عُرْفٌ فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ وَالتَّرَدُّدِ وَالْقَاعِدَتَانِ السَّابِقَتَانِ قَاعِدَةُ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقَاعِدَةُ أَنَّ تَصْحِيحَ اللَّفْظِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ مَا أَمْكَنَ يُرَجِّحَانِ الصِّحَّةَ هُنَا أَيْضًا وَيُعَضِّدُهَا قَوْلُ الْمُوَثَّقِ مُسْتَكْمِلًا لِشَرَائِط الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ أَطْلَقَا وَأَطْرُد عُرْفُهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ بَيْعُ الْمَاءِ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ لَمْ يَبْعُدْ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَارِثَانِ فِي الْإِرَادَةِ صَدَقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ فِي الذِّرَاعِ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى هَذَا هُنَا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِثُبُوتِ مُوجِبِ الصِّحَّةِ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَنْقُضُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مُوجِبِ نَقْضِهِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ مُوجِبِهِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِنَقْضِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَقَدْ ظَهَرَ بِمَا قَرَّرْته أَنَّ مُوجِبَ النَّقْضِ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَهُ مُحْتَمَلَاتٌ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضُهَا بَاطِلٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا نُبْطِلهُ إلَّا إذَا تَحَقَّقْنَا أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ الْبَاطِلَ هُوَ الْمُرَادُ وَلَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَهُمَا جَمِيعُ الْحِصَّةِ السَّقِيَّة الَّتِي قَدْرهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا لِأَنَّا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقَرَارِ الْمَمْلُوك أَوْ حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا مَرَّ صَحَّ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ سَقِيَّةً لِأَنَّهُ سَبَبُهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُوَثِّقِ بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُوَّةِ مِنْ حَقٍّ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ فَإِنْ قُلْت الْقَرَارُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا هُوَ الْقَرَارُ الْمَذْكُورُ ثَانِيًا وَالْعِبَارَةُ تَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَأَنَّ حِصَّةَ السَّقِيَّةِ غَيْرهمَا قُلْت لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمُقِرُّهَا وَمَا بَعْدهَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَرَار أَيْ وَمِنْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْمَقَرِّ وَالْمَمَرِّ وَحَقُّهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ الْمُوَثَّقَ تَفَنَّنَ فَعَبَّرَ بِالْقَرَارِ أَوَّلًا ثُمَّ عَبَّرَ ثَانِيًا عَنْهُ بِالْمَقَرِّ وَأَعَادَهُ مُخْتَلِفًا لَفْظُهُ مَعَ اتِّحَادِ مَعْنَاهُ لِبَيَانِ شُمُولِ الْبَيْعِ لِجَمِيعِ حُقُوقِهِ وَقَوْلُ الْمُوَثَّقِ وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءَانِ مِنْ الْقَرَارِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْبِيرُ بِالسَّقِيَّةِ إذْ هِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ أَيْ سَاقِيَة إذْ السَّاقِيَة اسْم لِلْقَرَارِ لَا لِلْمَاءِ وَمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ عَنْ الرَّوْضَةِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا بِالتَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ الْجُزْءُ وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ قَدْ تَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْت الْجَمْعَ بَيْنهمَا فِي جَوَابِ بَعْضِ أَسْئِلَةٍ وَرَدَتْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَعَ الرَّدِّ عَلَى الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِرَاضَاتِهِ عَلَيْهَا فِي جَوَابِهِ السَّابِقِ بَعْضه وَحَاصِلُ مَا تَجْتَمِعُ بِهِ عِبَارَاتُهَا أَنَّ الْمَمْلُوك إنْ كَانَ مَحَلُّ النَّبْعِ فَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ جُزْء شَائِعٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ صَحَّ وَجَرَى فِي دُخُولِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ.

وَإِنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ هُوَ الْقَرَارُ صَحَّ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>