للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْلُومًا لَمْ يَصِحَّ إذَا كَانَتْ الصُّبْرَةُ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ لِأَنَّهُ يَجْهَلُ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ وَجُمْلَتُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَهُ صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَأَنَّهَا إنْ خَرَجَتْ عَشْرَةَ آصُعٍ كَانَ الثَّمَنُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ فَيَنْظُرُ إنْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ كُلِّ صَاعٍ.

وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَبِهَذَا قَطَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَمُعْظَمُ الْخُرَاسَانِيِّينَ فَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةَ آصُعٍ فَقَدْ بَاعَهُ كُلَّ صَاعٍ وَتُسْعَ سَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَأَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ كُلَّهُمْ جَزَمُوا بِهِ سِوَى الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَلِطَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ فِي ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ كَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ وَإِنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَنْقُصَك صَاعًا فَإِنْ أَرَادَ ضَمَّ صَاعٍ إلَيْهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا إنْ خَرَجَتْ تِسْعَةُ آصُعٍ أَخَذَتْ مِنْك عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ الصِّيعَانُ مَجْهُولَةً لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً فَوَجْهَانِ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْجُمْهُورُ وَغَيْرُهُمْ صِحَّةُ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ تِسْعَةَ آصُعٍ فَقَدْ بَاعَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَتُسُعٍ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِقُصُورِ الْعِبَارَةِ عَنْ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ لِأَنَّهُمْ إذَا أَرَادُوا الْبُطْلَانَ وَالصِّحَّةَ عَلَى إرَادَتِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ ظُهُورِهَا فِي الْمَعْنَى الْمُبْطِلِ إذْ قَوْلُهُ عَلَى أَنْ أَزِيدَكَ أَوْ عَلَى أَنْ أَنْقُصَكَ ظَاهِرٌ بَلْ صَرِيحٌ فِي الشَّرْطِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْظُرُوا.

وَالْمُجَرَّدُ اللَّفْظُ فِيهِ بَلْ عَلَّقُوا الْحُكْمَ بِإِرَادَتِهِمَا إنْ أَرَادَا شَيْئًا وَإِلَّا فَالْبُطْلَانُ عَمَلًا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَإِذَا أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِالْإِرَادَةِ هُنَا فَأَوْلَى فِي مَسْأَلَتِنَا لِمَا سَتَعْلَمُهُ مُوَضَّحًا مَبْسُوطًا وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمَا إذَا أَرَادَا بِالسَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ مَا قَدَّمْته آنِفًا صَحَّ الْبَيْعُ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ آخِرَ كَلَامِهِ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِقُصُورِ الْعِبَارَةِ عَنْ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ فِي أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِرَادَةَ يُرْجَعُ إلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَوْ قَصَّرَ عَنْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا بِأَنْ كَانَ مَدْلُولُهُ لَا يَفِي بِهَا وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ بِعْتُكهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَنْقُصَك صَاعًا دَالٌّ عَلَى رَدِّ صَاعٍ إلَيْهِ بِأَنْ يُسْقِطَهُ عَنْهُ فَلَا يَحْسَبُ فِي مُقَابَلَتِهِ ثَمَنًا فَرَدَّ الصَّاعَ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ هُوَ مَدْلُولُ هَذَا اللَّفْظِ الْمَفْهُومِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ فَإِذَا أَرَادَ خِلَافَ هَذَا الْمَدْلُولِ وَهُوَ أَنَّهَا إنْ خَرَجَتْ تِسْعَةَ آصُعٍ أُخِذَ مِنْهُ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ وَصِيعَانُهَا مَعْلُومَة صَحَّ الْبَيْعُ نَظَرًا لِهَذِهِ الْإِرَادَةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ.

وَإِنْ سَلَّمَ أَنَّهُ ظَاهِر فِيمَا مَرَّ هُوَ مُحْتَمَلٌ لِذَلِكَ الْمُرَادِ فَصَحَّتْ إرَادَته مِنْهُ وَلَوْ عَلَى بَعْد وَمَعَ ذَلِكَ صَحَّحُوا الْبَيْع نَظَرًا لِهَذِهِ الْإِرَادَةِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى قَوْلِ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ أَنَّ الْعِبَارَةَ تَقْصُرُ عَنْ هَذَا الْحَمْلِ وَوَجْهُ مَا نَظَرُوا إلَيْهِ مَا ذَكَرَتْهُ مِنْ أَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا قُصُورَهَا عَنْ الْحَمْلِ بِاعْتِبَارِ مَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِهَا بِبَادِئِ الرَّأْيِ إلَّا أَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ تَحْتَمِلُهُ وَإِذَا احْتَمَلَتْهُ صَحَّتْ إرَادَته مِنْهَا وَلَوْ عَلَى بَعْد كَمَا تَقَرَّرَ بِنَاء عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَفِ بِهِ قَرَائِن تُفِيد الْعِلْمَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَهَذَا كُلّه أَعْدَلُ شَاهِدٍ وَأَظْهَرُ دَلِيل عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ إذَا أَرَادَا فِي مَسْأَلَتِنَا بِالسَّاعَةِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا مَا قَدَّمْته صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ اللَّفْظَ يَقْصُر عَنْ هَذَا الْمُرَادِ فَكَيْفَ وَاللَّفْظ ظَاهِرٌ إذْ مِنْ فِي قَوْلهمَا جَمِيع الْحِصَّةِ السَّقِيَّة الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا لَا تَحْتَمِلُ هُنَا عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى ذَوْقٍ وَإِلْمَامٍ بِكَلَامِ أَئِمَّةِ النَّحْوِ غَيْر التَّبْعِيضِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا لِبَيَانِ مَحَلِّ الْبَيْعِ فَقَدْ سَاءَ فَهْمُهُ وَطَغَى قَلَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى عِبَارَتِهِ مِنْ سُوءِ التَّحْرِيفِ وَالْغَلَطِ مَبْسُوطًا فِي الْخَاتِمَةِ.

وَإِذَا كَانَتْ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كَانَتْ صَرِيحَةً فِي اتِّحَادِ مَا بَعْدَهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا مَفْهُومًا وَحَقِيقَةً فَهِيَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ الْجُزْءُ إذْ لَا يُقَالُ سَاعَة مِنْ مَحَلِّ ذَلِكَ إلَّا مَعَ رِعَايَةِ تِلْكَ الْإِرَادَةِ فَوَجَبَ النَّظَرُ إلَيْهَا لِدَلَالَةِ مِنْ عَلَيْهَا وَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ غَيْر مَفْهُومِهَا اللُّغَوِيِّ وَكَفَى مِنْ قَرِينَةٍ عَلَى هَذَا التَّجَوُّزِ الظَّاهِرِ وَقَدْ عَوَّلَ الْفُقَهَاءُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>